بهموم وقضايا تم التواضع على تسميتها في الأروقة الدبلوماسية ب(العلاقات الثنائية بين البلدين)، وفي زيارته الثانية للسودان منذ العام 2007 أمس (الاثنين)، أجرى ضيف البلاد الرئيس الإيراني؛ محمود أحمدي نجاد مع الرئيس البشير مباحثات ثنائية.. الرئيس البشير وعلى مذهبه محمود أحمدي نجاد أرسلا عدة رسائل لم تخل من التهديد والوعيد والمساندة والتأييد؛ بدءاً بربيع الثورات في الدول العربية والإسلامية وما حققته من انتصارات للشعوب تبعها صب جام الغضب على إسرائيل وحلفائها في أمريكا والدول الغربية الأخرى. نجاد اعتبر أن الدولة التي تقف بوجه السياسات الاستعمارية تغيظ المستعمرين وإذا سنحت لهم الفرصة سوف يقسمون السودان ويجزئونه ويجعلون كافة هذه الأجسام المتقسمة ضعيفة، وسوف يقومون بنفس العمل في إيران إذا سنحت لهم الفرصة، وفي كل الدول العربية والإسلامية.. معتبراً تآمرهم على السودان لكونهم لا يرغبون في رؤيته قوياً، قبل أن يرسل تساؤلاته: لماذا لا يسمحون في أوربا بإجراء استفتاء، هناك كثير من الشعوب، كذلك في أمريكا أثق أن إجراء استفتاء في أمريكا سيفصل كثيراً من الولايات لكن لا يفعلون ذلك إنما يضغطون على السودان وإيران لأننا نقف ضد الاستكبار. الرئيس الإيراني لم يبخل على أعدائه بالنصح: أريد أن أخاطبهم لا تتعبوا أنفسكم وبدل الضغوط تعالوا أطلبوا ود تلك الشعوب وانضموا تحت راية التوحيد والعدل هذا لصالحكم. ومد نجاد يده للسودان وبقية الشعوب العربية قائلاً: «إن جمعنا الثروات العربية لن نحتاج إلى أحد. أريد أن أقول إن الشعب الإيراني سيقف حتى النهاية مع الشعب السوداني. لا أقول إن السودان وإيران لا توجد بهما مشاكل لكننا يجب أن نجتمع من أجل حلها وإزالة العنف لكنها ليست أسباباً لتدخل الأعداء لأن الشعب السوداني صامد يريدون كسره. إيران ستبقى عصية عليكم وكذلك السودان ولن تستطيعوا إلى يوم موتكم السيطرة علينا. هناك نسيم قادم إنه ريح رسالة التوحيد والعدل والحرية. و في محاضرة مستقبل العالم الإسلامي في ظل التحديات العالمية بقاعة الصداقة التي أمها لفيف من المسؤولين والشباب توجه نجاد بالقول لحضور ندوته: «كما جئتم بالكيان اسحبوه معكم وإن لم تسمعوا النصح فإن الله سيزيل الكيان»، وقال إن الصهاينة هم أقلية فاسدة وحزب جاني وهو في الساحة الأمريكية من خلف الستار وينفذ كل الجرائم هناك. مؤكداً على أن شعوب المنطقة تخالف سلطة الصهاينة ولن تخضع لها.. مرسلاً شواظ ما تبقى من لهيب خطابه ضدهم: هذا الكيان ليس له مكان في أرضنا هو موجود زائل خذوه معكم، يرمون بهم في قعر جهنم. وأعلن نجاد نيابة عن الشعب الإيراني أنه سيكون إلى جانب كل الشعوب إن اتحدنا ونستطيع التقدم.. في منطقتنا هناك جرثومة الكيان الصهيوني زرعوها بعد (500) عام من الصراع بحيلة استغلوها وفرضوه على شعوبنا وجعلوا منه قاعده لاستغلال شعوبنا ونصبوا مجموعة من المجرمين وزرعوهم في فلسطين، مجلس الأمن وكل دول الاسكتبار التي تحمي الكيان بعد أبشع الجرائم التي ارتكبوها في منطقتنا وأبادوا الزرع وخربوا المدن وفرضوا الحروب على لبنان وغزة. نجاد أكد على أن هذا الكيان يحظى بدعم من القوى الفاسدة ومن المستعبدين السابقين ويتآمرون ضد الحكومات المتحررة ويصدرون القرارات ليمنعوهم من الثورة. نرى العشرات من القرارات التي لا يرونها بقيت على رفوفهم والكيان الصيهوني وليدهم وربيبهم، جاء ليفرض الصراع والتقسيم ولكي يتصدى لأي ثورة ضد الاستكبار، وأنهم بالنظام الاستعماري الذي فرضوه على دول العالم يتسببون في التضخم. من جهته حيّا الرئيس البشير انتصارات المصريين على الظلم والاستبداد، والنصر العظيم الذي حققه الشعب الليبي للحصول على الحرية والحياة الكريمة. وقال إن السودان يراقب باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في سوريا، ليرسل النصح إن كان من مستجيب لناصح قائلاً: نأمل أن يتحلى قادتها وجميع أبنائها بالحكمة ويسلكوا سبل الحوار للوصول إلى كلمة سواء لتفادي نزيف الدم لتحقيق تطلعات الشعب للحرية والاستقرار. ولم تغب القضية الفلسطينية من كلمة البشير عندما قال إن القدس يجب أن تحرر من دنس الاحتلال الإسرائيلي وهي قضية الأمة الإسلامية، وأضاف: نرفع صوتنا عالياً لدعم جهود إعادة وحدة الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع في قيام دولته المستقلة والاعتراف به عضواً كامل العضوية والسيادة في الأممالمتحدة. وحمل في كلماته ما يشبه البشارة لخلاص العالم الإسلامي والعربي حينما قال إن كل هذه الحقبة التي تستغل فيها الشعوب ستنتهي، لقد دخلوا في طرق مسدودة ويخسرون الساحات.. الوعي بدأ في الدول الإسلامية أين ما نتحرك نسمع نداء العدالة، لقد وعت الشعوب، والاستكبار في وجل وهو الآن يحاول أن يصادر نتائج صحوة الشعوب لصالحه، ويحاولون أن يخلصوا الكيان الصهيوني من المصير. أنا أخاطبهم نيابة عن الشعوب كونوا شجعاناً ومتحدين فإن أمريكا على حافة السقوط، الكيان الصهيوني سيزول ولن تكون هناك قوة تخلصهم. المستقبل هو للشعوب، الظلم سينتهي والتوحيد وراية الإسلام سترتفع، يجب أن يعي الجميع أن الأعداء وصلوا إلى نقطة النهاية وخسروا هيمنهتم، يجب أن نطالب بالعدالة والحرية والإسلام الذي هو حق لكل الشعوب لكن يجب أن ننتبه أن هناك مد مطالبي الحرية وأنهم مع الشعوب يجب أن تكون هناك معايير لمعرفة الصادق منهم يجب أن نراه يقف ضد السلطة الأمريكية والكيان الصهويني وحينها يكون على حق، إن من يدعي يجب أن يبرهن ذلك. وأضاف: الأعداء الذين يخرجون من الباب لا نسمح لهم بالدخول من النافذة.. الماضون في الركب الصهيوني هم في عزلة وندخل في الحقبة الجديدة التي فيها حكومة الصالحين التي هي آتية. ولم ينس رئيس الجمهورية إكرام ضيفه الإيراني على الطريقة السياسية حينما توجه بقوله إلى نجاد قائلاً: نؤكد تأييدنا لحق إيران في اكتساب وتطوير قدرتها العملية والتكنولوجية في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وأضاف البشير: نثمن عالياً مواقف بلادكم الثابتة تجاه قضايا السودان في المنابر الإقليمية والدولية، ونؤكد لكم حرصنا الدائم على الاستمرار في التفاهم والتنسيق بيننا على المستوى الثنائي والتشاور في المنابر الدولية لخدمة قضايا بلدينا وقطع الطريق أمام أي أعمال تستهدف عقيدتنا ووحدة وسيادة بلدينا. وعبر رئيس الجمهورية عن رضاه التام عن «مسيرة علاقات بلدينا المتطورة بالصورة النموذجية في كافة المجالات ونتقدم بالشكر والعرفان للدعم الذي التزمت به إيران بتقديمه لشرق السودان وبدأ بالفعل التنفيذ بالتوقيع على قيام مشروعات هامة بالشرق»، وأكد تطلع السودان لمزيد من التعاون الاقتصادي مع إيران الشقيقة وفتح الباب على مصراعيه لتكامل الجهود والخبرات والامكانيات المادية والبشرية لدى الجانبين حتى نحقق شراكة فاعلة واستثماراً لهذه الخيرات يعود بالخير لشعبينا الشقيقين. وبختام الكلمات يبقى التساؤل أمام البلدين في وجه تلك التقاربات السياسية والاقتصادية، هل يكتب لها النجاح أم تصطدم بمن يشكلون حجر العثرة في نظر البلدين؟!