{ حينما تغور الجراح في العميق ويتسع لها المكان رغم ضيقه، وتحتفي الأحزان باغتيال البهجة وترقص في صخب مهيب.. حينها فقط سيكون حضوري فخماً لأني ترعرعت بين طيات الدمع، وتسلقت سلم الروح نحو الأفق المترامي الأطراف، وخرجت الأرواح حتى البرزخ في ذات مساء ما، والتقينا هناك. أي امتحان هذا الذي وُضعت فيه حينما رأيت هذه المثالية اللا متناهية؟ رأيتك تسير والأنامل تعزف على الأكف سيمفونية اللقاء الحافل.. إيقاع رائع طربت له الأرواح كلها. فاتخذت من الصدق زورقاً أنيقاً، وافترشت الأحلام وسادة في اللا وعي، هكذا كان اللقاء، حافلاً مهيباً، صامتاً محدثاً، حاضراً في أذهاننا وغائباً عنا. { يا ملكوت الله!! { إنه أنت؟! ذلكم الآدم الذي ما مرّ يوم دون أن أتساءل عن مكان وجوده؟ { ما سافر القمر عبر رحلة السحاب إلا واسترقت له النظر من نوافذ الفراغ. { ما بارحت الشمس ناظري إلا وتيقنت أنها قدَّرت حاجتي وغادرت لتبحث عنه في الأفق البعيد. { وكان حسبي أن نلتقي على نبضات القلب، ومرافئ الحرف، على أشرعة الخيال الرحب، على أزقة الفراق نلتقي!! رمضٌ هو العمر وأنت ظلٌ ترقد على جانبيه الخطى. { سفرٌ هو الخوف وأنت زادٌ يملأ بطون الخوف أمناً. { مرض هو الكون دون وجودك الذي يعني عافية البقاء. { إذن: شكراً لهذا الألم الذي حملني على التمرد وحرَّض مشاعري على الخروج. شكراً لهذا الاحتشاد الذي شكلته الدموع في داخلي لينفجر بركاناً من البكاء، نهراً ترقص أمواجه خوفاً فتجيء سابحاً من أقصى مساحات الفرح، تملأ الإحساس دفئاً، تواري سوأة الأوجاع، تغفر للزمن ذنبه العظيم، وتعلمني معنى التسامح، لأكون طينة تشكلها كيفما تريد، وكلي ثقة أنك لن تجعل مني أفعى سامة ولا نعامة تخفي رأسها صوب كل بلاء.. شكراً لأنك كنت بجانبي حينما عصيت القلب وأكلت من ثمار الجبن ما أشتهي، فأخذت تخصف عليَّ من نبلك هنداماً يقيني من جحيم الخوف.. من برد المواجع.. من عيون الناس، يمنحني الأمان. شكراً لأنك جئت في زمن الرتابة مشعلاً لليل قنديلاً يشمر ضوءه علناً ويستقصي الظلام.. شكراً لأنك جئت مفردة بحثت عنها بين شعر الغابة العنقاء بين عيون قافيتي وبين اللا كلام. شكراً لأنك كنت حين أراد أمر الله أن تبقى وجزء منك يكفيني ويمنحني السلام، ونبذت حين أتيت منطق لوعتي جهراً وبعتك عند سوق الصدق أرواح القصائد والنهى علناً، ففي أي الشوارع يا رفيق الدرب تنوي الاستسلام؟!