ما أن تم التوقيع على وثيقة سلام دارفور في العاصمة القطرية الدوحة في منتصف شهر يوليو الماضي بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة وسرى نبأ عودة قادة الحركة إلى السودان لبناء هياكل الحركة وتكوين مكاتبها بدارفور، توطئة للشروع في تنفيذ بنود الاتفاقية، تفاجاً الجميع بتدافع البعض إلى إعلان أنفسهم ممثلين للحركة بولايات دارفور وراج لغط واسع حول قيام مكاتب الحركة بجنوب دارفور إلى أن اضطر والي جنوب دارفور؛ دكتور عبدالحميد موسى كاشا، إلى وضع حد لما كان مثيراً للشكوك في أمر مكاتب الحركة بالولاية فاتصل في أواخر أغسطس الماضي على رئيس الحركة دكتور التجاني سيسي الذي نفى بدوره وجود أي مكاتب أو ممثلين مفوضين من الحركة بالولاية إلا أن الريبة ظلت تحوم حول أغلب القادة الذين برزوا ممثلين للحركة لجهة أنهم من قيادات الأحزاب السياسية، بما فيهم حزب المؤتمر الوطني وبعض الناشطين السياسيين الذين لم تغب وجوههم عن مواطن الولاية، الأمر الذي طرح جملة من التساؤلات من قبل الشارع العام بالولاية بل أصبح حديث استهجان وسط الكثير من المواطنين الذين يتطلعون إلى سلام حقيقي يعيشونه واقعاً بدارفور. وتحدث بعض هؤلاء ل(الأهرام اليوم) واصفين من ادعوا أنهم ممثلون أو منتمون للحركة بالولاية بالمتسلقين الذين يريدون أن يحققوا مكاسب ذاتية رخيصة بحصولهم على مناصب أو منافع شخصية، بل قال أحد قيادات المؤتمر الوطني- فضل حجب اسمه- إن من انتمى إلى الحركة من قادة حزبه إنما طال عليهم صف المؤتمر الوطني وبالتالي حاولوا أن يلتفوا ليحققوا أهدافهم السياسية الذاتية بانضمامهم للحركة ظناً منهم بأنهم يأتون في مقدمة صفوف الحركة. ويرى المراقبون أن الأمر لا يعدو أن يكون جزءاً مما أصاب الحركات المسلحة من انقسامات بسبب الأطماع الشخصية التي غلبت على طابع العمل الثوري المسلح بدارفور. يبدو أن الحركة ستواجه في الأيام المقبلة تحديات واسعة النطاق في إطار مساعيها التي أعلنها نائب رئيسها أحمد عبدالشافع في المؤتمر الصحفي الذي عقده بالخرطوم السبت الماضي، المتمثلة في ترتيباتها لانطلاقة المؤتمر التأسيسي للحركة بعد عودتها للداخل والانتقال بها إلى مرحلة الأحزاب السياسية عقب عودة رئيس الحركة دكتور تجاني سيسي إلى الخرطوم خلال الأيام المقبلة. وأبان أحد قيادات الحركة بجنوب دارفور أن وفد المقدمة الذي وصل إلى دارفور خلال الأيام الماضية لم يعترف بالمكتب الولائي ووجه بإلغائه ولم يتم تكوينه بعد. بينما أشارت مصادر مطلعة ل(الأهرام اليوم) إلى أن هناك نشاطاً استقطابياً واسعاً تنفذه الحركة هذه الأيام لضم أكبر أعداد من المواطنين في المجالات السياسية والعسكرية لسد الثغرة أمام المناوئين لها الذين اتهموها بعدم وجود قواعد سياسية وعسكرية حقيقية للحركة على أرض الواقع، إلا أن القيادي بالحركة آدم عبدالكريم دقاش الذي انضم إليها من المؤتمر الوطني قال إن كافة القيادات التي أعلنت انتماءها للحركة كانت عبارة عن خلايا نائمة كانت منصهرة في الأحزاب السياسية وظلت تعمل في خفاء قبل التوقيع على اتفاقية الدوحة، وأشار إلى أن من نتائج الحراك السياسي الذي قامت به تلك الخلايا الحشود الجماهيرية الكبيرة التي استقبلت وفد مقدمة الحركة خلال جولته على دارفور مؤخراً. من جهته قال مستشار حكومة جنوب دارفور للشؤون السياسية نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية؛ المهندس محمد عبدالرحمن مدلل، إن ما تم من حراك سياسي خلال الأيام الماضية لا يعتبر استقطاباً وإنما تدافع من قبل أهل دارفور لتنفيذ الاتفاق، وأضاف أن أي شخص يستطيع أن يسهم في الاتفاقية، أياً كان موقعه في الحزب أو الحركة لا يضير ذلك شيئاً، لجهة أن الاتفاقية شارك فيها كل أهل دارفور، وأضاف: نحن حريصون بدرجة عالية على تنفيذ الاتفاقية ونتحسب لعدم تكرار تجربة ابوجا. فيما قال دقاش أن أي حديث عن الجوانب العسكرية في الحركة الآن يعتبر غير شرعي ما لم يتم تكوين آلية وقف إطلاق النار المنوط بها تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، فيما أشار تاج الدين نيام كبير مفاوضي الحركة إلى أن القيادة العسكرية للحركة أوفدت القائد بحر أبو قردة إلى الميدان بغرض تنوير القواعد العسكرية بالاتفاقية والتمهيد لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية.