{ إذا قدر لك أن تزور مبنى إذاعة (ساهرون) - صوت الشرطة السودانية - بكل ما حققته من نجاح وتميز, ستجد أن مكتب إدارة البرامج بوجود مايسترو الحوار (زهير بانقا) أشبه ما يكون بملتقى للمبدعين من كل المجالات ينعمون بحفاوته وبشاشته واهتمامه، الشيء الذى يجعلنا نمعن في الحديث عن اختلافه كإعلامي شامل يقف وراء كل عمل إبداعي يقدمه ويظل كمطر العافية أينما وقع نفع, وهذا ما بدا واضحاً للمستمعين والمشاهدين في تجلياته المختلفة إبان فترة العيد، سواء عبر (ساهرون) أو من خلال شاشة (فضائية الخرطوم). { وزهير.. يكفيه فخراً أن قام بإعداد وتقديم سهرة (في عز الليل) مع الفنان الكبير (الكابلي) في أول ظهور له على شاشة (الخرطوم) والتي أتحفنا من خلالها بالعديد من أغنياته الخالدة بمحتوياتها التي شكلت وجداننا السوداني بنبلٍ وشفافية، لا سيما تلك التي صاغ كلماتها ووضع ألحانها بنفسه كرائعتيه (حبك للناس) و(يالكل يوم معانا) وآخريات. ليتنقل بنا المحاور القدير بمحاوره الشيقة في حياة الأستاذ (الكابلي) منذ طفولته ما بين بورتسودان وسواكن وسنكات والقضارف, تلك المدن التي عبأته برائحة البحر والتراب ليضوع عطره الحميم ما بين أمدرمان وبحري ويعبر إلى كل العالم, فيكون عيدنا في عز ليل العيد في حضرة الإنسان العيد –على حد قول المايسترو – إذ إن كابلي وحده يمثل اتحاد المهن الموسيقية واتحاد الفنانين واتحاد شعراء الأغنية, كما أنه يعتبر سفارة سودانية حية وهرماً من إهراماتنا العريقة بقدر ما أمتعنا يومها وجعل للعيد مذاقه. { غير أن (زهير بانقا) لم يكتف بهذا الإبداع، إذ تم ضبطه متلبساً بآخر وهو يقدم لنا الفنان (محمود تاور) كما لم نره من قبل، متنقلين معه منذ بدايته المبكرة وأبعاد (بارة) الوديعة في حياته, مروراً برغبته في ممارسة المحاماة إلى أن تنازل عنها طائعاً لأجل الفن والدور الذى لعبه (حي العباسية) الفني العريق في حياته, كل ذلك في مشهدٍ شاعري يطل على النيل وتوتي وبرج الفاتح وكأنه أراد أن يغمرنا في كل عوالم الجمال العاصمي وهو يتساءل (الشمس غابت.. وينو القمر طيب؟!), تلك الأغنية التى تعد علامةً فارقة في تاريخه الفني الذي أضفت عليه الغربة ذلك الشجن الجميل لتأتي أغنية (يمّة الشوق غلب) التي كتب كلماتها بنفسه كأصدق تعبير عن ذلك، لنقف طويلاً على أعتاب وفائه المطلق للراحل (زيدان) مما جعلنا نرجوه والمايستروا يومها أن (ما تطولوا الغيبة). { أما الأثير فقد حمل لنا المزيد من المعايدات عبر (ساهرون) وقراءات (زهير) الشعرية وحواراته العميقة والقيمة مع كلٍ من (حاتم حسن الدابي وطارق العوض) لتهب نسمات الشمال مضمخةً ب (أنفاس الزهر) التي أكد من خلالها الشاعر الشايقي المرهف (حاتم) أنها لا بد كانت (أنفاس زهير) في إشارة واضحة لروعة الإعداد وحبكته الإعلامية المتقنة, وهو ما عودنا عليه هذا المذيع الاستثنائي الذي لا يكتفي باللمسات الأخيرة ولكنه يقف وراء كل التفاصيل مهما كلفه الأمر من جهد ومال في سبيل أن يخرج العمل على أكمل وجه، الشيء الذى جعله يتلقى الإشادة من كل ضيوفه المميزين أمثال الأستاذ (كابلي) وهو يحتفي به كمذيع مدهش يجدد إدهاشه عند كل لقاء وفي مختلف وسائل الإعلام. { وأخيراً تلاقت قممٌ الشجو والشجن عبر سهرة (عروس النيل) الإذاعية التى جمعت الأستاذ الحلنقي والفنانة فهيمة والموسيقي عماد يوسف في ضيافة ساهرون وزهيرها الطيب الذي أحسب أنه يحمل لها ولاءً خاصاً يجعله يكون عبر المايكرفون في أحسن حالاته بينما أخشى على كاميرات (قناة الخرطوم) من رحيله عنها يوماً كونها للأسف ظلت حتى الآن دون مستوى طموحنا وأحلامنا. { تلويح: (السبب الحماني العيد هناك احضروا).. إبداع (المايسترو زهير) الذي حبسنا داخل البيوت لمتابعة تلك البرامج التي جاءت (10 على 10).