لا يتذكر المؤرخون العام الذي شهد سفلتة الشارع الشهير بالخرطوم المسمى «الصحافة زلط» سابقاً، «الصحافة زلطتراب» حالياً، إلا أن علماء الآثار أخذوا طبقة متهالكة من هذا الشارع الأثري وفحصوها فوجدوا أنها تتكون من 95% تراب و2% بقايا أسفلت و3% قمامة تسبب فيها البشر ومصارف مياه الأمطار!! رجل طاعن في السن يسكن بالشارع نفسه أكد أن جدته لأبيه قالت له يوماً إن هذا الشارع سيشهد يوم القيامة وهو على الحالة نفسها دون أن تمسه يد ترفع عنه تلال التراب التي ظلت تتراكم عليه!! وآخر قال إنه رأى الدنيا لأول مرة في منزلهم المطل على هذا الشارع وظل يلحظ البناء والعمران على جانبيه من فلل وعمارات وسوبرماركت ومحلات تجهيز عرسان وصيدليات ضخمة وغيرها، وكلما تنامت مظاهر التحديث في الانشاءات، كلما كان نصيب الشارع الاضمحلال والتراجع ثم أهلكته مئات الحافلات والهايسات والأمجاد بل والشاحنات بمقطوراتها ذات الأطوال التي تُثير الهلع في نفوس السائقين والراجلين معاً!. امرأة تسعينية قالت إنها تتذكر اليوم الذي حفروا فيه بحر «سبعة» وهي لا تزال طفلة وتقصد ذلك الخور «مجرى مياه الأمطار» العميق نوعاً ما العريض اكتافاً والذي يجري من الشرق إلى الغرب وأصبح مرتعاً ل«قضاء الحاجة» وهو يفصل بين امتداد الدرجة الثالثة وحي الصحافة بالخرطوم ويمر في أهم معالم شارع الصحافة (زلطتراب) وهي محطة سبعة التي طفقت شهرتها الآفاق، كيف لا وقد سدت كافة منافذ هذه المحطة بأصحاب (السبع صنايع والحظ ضائع) فما من سباك ولا كهربائي ولا عامل لياسة ولا غيرهم ممن في البال وخارج البال إلا وتجدهم في محطة سبعة، بالإضافة إلى لواري الطوب والتراب والخرصانة والشاحنات المزوَّدة بالرافعات وكلهم اتفقوا على شيء واحد هو إضاعة معالم شارع الصحافة زلط والهبوط به إلى الدرك الأسفل من الضياع وكتم الأنفاس أمام عابري هذا الشارع من بدايات اليوم الباكرة وحتى ساعات متأخرة من الليل!! من بين أكثر السمات أهمية لشارع الصحافة زلط أنه يمر بالمرافق والأحياء التالية: الخرطوم ثلاثة - حديقة القرشي- السجانة - حي الزهور- الديوم- السوق الشعبي وبيوت الحجر « على بُعد خطوات منه» كلية الشرطة وأكاديمية الشرطة العليا- حي النزهة - جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا الجناح الجنوبي الذي يضم كلية الهندسة وغيرها- حي العشرة- امتداد الدرجة الثالثة- حي الصحافة- ويؤدي في مساره لجنوب الخرطوم إلى الميناء البري والسوق المركزي والسوق المحلي ومقابر الصحافة والمنطقة الصناعية الجديدة. الدعوة موجهة لوزارة السياحة ودار الوثائق المركزية لتوثيق هذا الشارع: «الأثري» فمن نسى قديمه تاه!! والدعوة موجهة لمتحف السودان القومي لاحتضان هذه القيمة الأثرية!! وأخيراً: الدعوة موجهة لوزارة الطرق والجسور للقيام بزيارة ميدانية متأنية تستغرق وقتاً كافياً لمعرفة أين كان الزلط بهذا الشارع في الأساس، ومن ثم تضع خطة اسعافية عاجلة لإعادة تأهيله ورصفه وسفلتته بمسارين منفصلين بجزيرة وسطية مزودة بأعمدة إنارة كافية وما شارع محمد نجيب «الصحافة شرق» وهو شارع نموذجي وحضاري عن شارع الصحافة زلطتراب ببعيد!!