الإدانة الدائمة للشرقيين بأنهم هم المستبيحون الأوُل لحقوق المرأة، مجرد دعاية سياسية أو إنسانية أو ثقافية! فالغرب متهم مثبتة إدانته المستمرة لارتكابه جرائم العنف ضد المرأة، كذلك. لكن الفرق الوحيد أنهم كثقافة منفتحة ومتفتحة لا تجامل في مقاضاة أكبر كبير تثبت إدانته في قضية عنف ضد امرأة. أما في الشرق والشرق (الغميس) فإن التستر والتكتم والسكوت هو علامة الرضا بالعنف المباشر وغير المباشر لها. لهذا فإن كل يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، مجرد مناسبة للاحتفال وتشغيل عدسات الكاميرات لالتقاط أجمل اللقطات للسيدات المناهضات والرجال المناهضين، وينتهي العزاء بانتهاء مراسم الدفع من المنظمات والمؤسسات التي تريد رفع الوعي القانوني والإنساني للمرأة بحقوقها، فتذهب الأموال لبنود أخرى وتبقى المرأة تحت العنف لحين إشعار احتفال آخر. قصة محزنة قرأت عنها لإحدى السيدات اللائي عانين من الحرب القديمة بين الشمال والجنوب، كيف فقدت أبناءها وزوجها وبيتها. كيف انتهكت إنسانيتها وحرمتها ورغم مضي كل تلك السنوات ووعود السلام وإجراءات الانفصال إلا أن ما عانته المرأة من عنف جسدي ونفسي لا تزال آثاره قابعة لن تنتهي ربما حتى مفارقتها الحياة كما قالت وقصص أخرى نراها يومياً نعيشها أحياناً مع شخوصها متعاطفين معهم وأحياناً مجرّمين لهم بعنف. ونجهل تمام العلم أننا لا ندرك الحقوق الأصيلة والمجاورة والملازمة للمرأة في الحياة. وحيوات النساء داخل أروقة قانون الأحوال الشخصية تتحرك في فراغات مجهولة وبكائيات صامتة من النفقة ورعاية وسفر وحضانة الأبناء إلخ.. لا تكمل دورتها بنجاح إلا من رحمها الله منهنّ، أو تلطفت بها الحياة نفسها بحسن حظ لا علاقة له بقانون. فالتعديلات المتوقعة في الدستور والقانون لا تملك الحلول الناجعة لمعظم تظلمات النساء أو حفظ حقوقهنّ الشرعية دعك من العلمية والمهنية والعاطفية! ومع ذلك تبدو الأحوال جيدة ومستقيمة حينما ترى وتسمع وتدعى لمؤتمر أو ندوة أو حفل بمناسبة مناهضة العنف ضد المرأة! لكن المرآة العاكسة للحال الحقيقي للمرأة الآن هي في ما آل إليه المجتمع السوداني، فهي سيدة مقهورة ومكسورة الخاطر والنفس، مهضومة حقوقها تعيش على احتمال واقع أنها ستضرب في أي لحظة بأخرى تحل محلها من الإعجاب والاهتمام، وعملاً بموروث سوداني (المرّة بدقوها بأختها) دون العلم والعمل بالأصول الدينية الواضحة والمنصفة في ذات الأمر. وبالضرورة إن الشعب الذي ستتكفل بإخراجه وتربيته سيكون بذات الصفات، لكنه أكثر هشاشة في النفس والإحساس بالقهر الملزم بالصمت غير الجميل. إن الجمال الروحي مفقود، وهذا شيء أحسن التبصر به الغرب شئنا أم أبينا وأضحى الهمّ الأكبر لهم كيفية القيام بتوعية شاملة للمرأة بحقوقها وواجباتها وفروضها كمواطنة من الدرجة الأولى فشنت الحملات على الاستخدام المسئ لصورة المرأة في الإعلانات وجعلها مجرد شيء حسي لا روح فيه، وإن استمرت كوسيلة ترويجية ضرورية فيجب معرفتها لحقوقها ورضائها بالشكل الذي يراد لها دون استغلال! لذا فإن الاستقلال المهني والدستوري الذي نجحت المرأة في توطينه برفضها لأنها لا تقطع الرأس، وبأنها (تمومة جرتق). يجب به ذاته مناهضة العنف ضد الأخت التي يتم الدقّ بها!! { كل يوم وأنتِ معافاة في الروح والعقل والجسد.