{ لم أكن أعلم تماماً – وأنا أتلقى الدعوة للاحتفال باليوم العالمي للمسنين، أن التردي الاجتماعي قد بلغ بنا حد المجاهرة بالجحود حتى باتت لدينا دور متعددة لإيواء العجزة وكبار السن من الذين وهن عظم قوتهم وهم يبذلون شبابهم في تربيتنا والتفاني لأجلنا. لهذا قررت أن ألبي الدعوة بحماسٍ كبير وأنا أرسم صورةً ذهنية باهتة تحمل ملامح بعض اللاجئات أو النازحات اللائي فرضت عليهن الظروف القاهرة البعد عن ذويهن فلم يجدن بداً من اللجوء إلى الدار الكائنة بمنطقة السجانة لتؤويهن وتستر عجزهن وتقدمهن في السن. غير أن المفاجأة الكبرى كانت من نصيبي وأنا أرى بين النزيلات المسنات سيدات كريمات أذلهن القدر بعد عز قديم، ودارا متكاملة يجتهد القائمون عليها من أجل التحسين في كافة الخدمات وتهيئة حياة كريمة للمسنات بمختلف أعمارهن وسحناتهن. { كل هذا وقفت عليه عن كثب وأنا أتشرف بمشاركة مجموعة (نحنا ليكم) الخيرية الفنية بأعضائها الشباب الرائعين من كل المجالات احتفالهم الحافل باليوم العالمي للمسنين المقام بدار المسنات تحت شعار (توقيرهم حق علينا) وبرعاية كريمة من وزارة (التوجيه والتنمية الاجتماعية) وشركة (زين) للاتصالات التي أسهمت بكسوة شتاء كاملة لجميع النزيلات بالإضافة إلى تكريم العديد من العاملات اللائي يستحققن أكثر من الإشادة بتجردهن وتفانيهن في خدمة مقاصد الدار النبيلة. واجتهادهن في محاولة تعويض المسنات عن أسرهن قدر الإمكان. وقد جاء الاحتفال ثراً بفقراته المتعددة ومشاركة العديد من الفنانين الشباب أعضاء المجموعة الذين أكدوا أن العمل الاجتماعي هو أقصر الطرق نحو النجاح والقبول. ودعوني أشيد بشكل شخصي بالموهبة الكوميدية للشاب (عبدالله أدروب) القادم بقوة. وأحيي كل الفنانين الذين تباروا من أجل الترفيه عن (حبوباتنا) و(أمهاتنا) من المسنات المتعطشات لمثل هذه الفعاليات الإنسانية. { ورغم أنني ظللت زمناً أتابع نشاطات مجموعة (نحنا ليكم) إلا أن الظروف لم تسنح لي بالمشاركة والحضور إلا في ذلك اليوم المتميز الذي تبدى تميزه في احتوائه على فعاليتين كبيرتين من فعاليات المجموعة الشيء الذي يجعلنا ننحني احتراماً لقدرة إدارة وأعضاء المجموعة على الإمساك بزمام الأمور في اتجاهين مختلفين حتى يأتي العمل كما كان عليه من نظام ونجاح. والشاهد أننا خرجنا من دار المسنات منغمسين في أحاسيسنا المترعة بالأسى والاستنكار متمنين لهن عاماً جديداً أكثر تراحماً وبرا، لندلف إلى عوالم جديدة من الشجو والامتنان. كيف لا والمجموعة تقدم لنا في ذات الليلة مهرجانها التكريمي الثاني لثلاثي الإبداع (حنان النيل – الفاتح الصباغ – الصادق إلياس) بعوالمهم المختلفة وتلاقيهم عند نقطة العطاء الباذخ والإرث التاريخي الكبير في رصيد الإبداع السوداني المقام بالنادي العائلي! الذي تلقاه أعضاء المجموعة بالحفاوة البالغة وهم يتبارون في ترديد الأغنيات الرائدة والقوية ويقفون إجلالاً وتقديراً لهؤلاء الرواد في سوانح تكريمية تأتي وكأنها أضعف الإيمان يلوح بريقاً في عتمة الجحود والإهمال. { فالتحية لمجموعة (نحنا ليكم) وجمهورها العريض من صفوة المجتمع وأهل الإعلام والثقافة والرياضة والفن.. والتحية لمبدعي بلادي بنماذجهم الرائعة الذين جاء تكريمهم تعبيراً ضمنياً عن الامتنان من هذه الأجيال الشابة التي بهذا تدرأ عنها تهمة الاستلاب والهبوط. إذ أنهم لا يزالون بخير كشباب بوركت أيامهم وأحلامهم ومقاصدهم.. وبورك طموحهم وطاقاتهم وحراكهم الملفت.. جعل الله كل ذلك في ميزان حسناتهم وألهمهم الثبات وعلو الهمة وأبعد عنهم أمراض الفرقة والاختلاف... آمين. { تلويح: تقدير خاص وتشجيع كبير للمبدع (حسام محيي الدين) الذي كان خلف مايكرون الحفل بتميز استرعى ثناء ملك الأخبار (الصباغ).. وللفنان الشاب المختلف (ضياء الدين السر).. ولركائز المجموعة أصحاب الهمة الكبيرة (هشام ناصر) و(هشام دهب) و(النعمان غزالي).. وبالتوفيق.