أحمد سعد عمر، الشهير ب«الأمير» داخل الحزب والأوساط السياسية، عضو هيئة قيادة الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل والمكتب السياسي ورئيس لجنة التفاوض مع المؤتمر الوطني الذي استمر لأكثر من أربعة أشهر وسط كثير من العقبات والاعتراضات حتى انتهى بإعلان الحزب الاتحادي الأصل مشاركته في حكومة القاعدة العريضة. يعتبر أحمد سعد شخصية سياسية متعددة الأبعاد من الطراز الفريد، يعشق العمل في دهاليز السياسة التي يعطيها كل اهتمامه ولم يعرف له اللصيقون به أي اهتمام له سواها في ضروب الفن والرياضة وغيرها من الأنشطة، وهذا ما جعله يمتلك سجلاً كبيراً وثراً، خاصة في العمل السياسي والعسكري السري الذي يجيده بدرجة عالية من الإتقان والخبرة في دروبه وفنونه التي اكتسبها من خلال نشاطه وتضحياته في العمل النضالي الوطني من أجل الحرية والديمقراطية لأكثر من أربعة عقود من الزمان، قضاها في العمل السياسي. تميزت خلالها تجربته السياسية بثراء كبير نتج عنه سجله النضالي من أجل السودان وقضاياه، ما جعله قليل الالتزام بالتنظيمات الحزبية والتقوقع داخلها فكان كثيراً ما تنقل بينها قبل أن يستقر به المقام في الحزب الاتحادي الديمقراطي. إذ بدأ حياته السياسية ضمن تنظيم الأخوان المسلمين الذي انضم له خلال الجبهة الوطنية بقيادة الشريف حسين المناهضة لنظام مايو لكنه عقب مصالحة الأخوان المسلمين مع نظام نميري عام 1977م تحول إلى حزب الأمة جناح الإمام الهادي بقيادة ولي الدين الهادي المهدي حتى عودته إلى السودان عقب انتفاضة أبريل 85 ليستقر به المقام في الحزب الاتحادي الديمقراطي واستمر فيه إلى الآن عضواً في هيئة قيادة الاتحادي الأصل بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني وعضو المكتب السياسي وأسندت إليه رئاسة لجنة تفاوض الحزب مع المؤتمر الوطني. ولد أحمد سعد في منتصف الأربعينات من القرن الماضي بحي أبو روف العريق بأم درمان، جده لأمه السلطان علي دينار آخر سلاطين مملكة دارفور الذي اغتاله المستعمر البريطاني في عام 1916م، وجده لأبيه المك المساعد زعيم الجعليين، فهو سليل بيوت زعامة من غرب وشمال السودان وهذا ما جعله يطلق عليه لقب الأمير الذي اشتهر به في الأوساط السياسية عامة والحزب الاتحادي الديمقراطي خاصة، إذ يفضل الجميع أن يناديه باسم الأمير. وهو أيضاً ابن خالة الاقتصادي السوداني الشهير مامون بحيري. نشأ أحمد في حي أبوروف الذي امتاز بالمزج بين الحركة الأدبية والفنية والسياسية في السودان. درس الأولية والوسطى فيه وانتقل إلى مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية وبعدها توجه إلى الرياض العاصمة السعودية لدراسة الصيدلة. وفي بداية عهد الرئيس جعفر نميري الذي تسلم السلطة عبر انقلاب عسكري عام 69 انضم أحمد سعد إلى معسكرات التدريب العسكري في أثيوبيا التي أقامتها الجبهة الوطنية المعارضة لنظام نميري بقيادة الشريف حسين الهندي وكان انضمامه للجبهة الوطنية ضمن مجموعة من شباب الأخوان المسلمين الذين كان ينتمي إلى تنظيمهم في بداية حياته السياسية وأشهر من انضم معه في تلك الفترة من الأخوان المسلمين عثمان خالد مضوي ود. قطبي المهدي وتلقوا تدريباً عسكرياً عالياً مع مجموعة من الأنصار.. رغم انضمامه للجبهة الوطنية في إطار الأخوان المسلمين إلا أن نشاطه وحيويته في العمل السياسي بعيداً عن القوقعة الحزبية في الفضاء الوطني الكبير وتضحياته من أجل السودان هذا وغيره من صفاته بعدم حبه للأضواء وعشقه للعمل السياسي السري وتواضعه واعتداله بجانب أنه كاتم للأسرار من الدرجة الأولى وإجادته لكثير من اللغات؛ العربية والإنجليزية والأمهرية والفرنسية، مما جعله يحوز على ثقة الشريف حسين الهندي زعيم الجبهة الوطنية الذي قربه إليه وجعله ملازماً له في حله وترحاله وكلفه بالكثير من المهام الصعبة والدقيقة في ملفات العمل المعارض الخارجي والداخلي وأسند إليه عملية الإشراف على معسكرات التدريب العسكري التابعة للجبهة الوطنية في أثيوبيا وليبيا.. ولخبرته الكبيرة في العمل السري والعسكري أسند إليه الشريف حسين منصب نائب رئيس حركة يونيو 76 التي قادها محمد نور سعد ضد نظام نميري واستولت على السلطة في الخرطوم لثلاثة أيام وأطلق عليها الراحل عمر الحاج موسى اسم المرتزقة واشتهرت بهذا الاسم في أوساط الشعب السوداني. ويعتبر أحمد سعد أكبر مستودعات أسرار حركة يونيو 76 وأفضل من يتحدث عنها لإلمامه بكل كبيرة وصغيرة فيها ذلك الملف الذي لم يفتح حتى الآن. وبعد وفاة الشريف حسين الهندي في يناير 1981م واصل المشوار في قيادة الجبهة الوطنية وتولى الإشراف على معسكراتها حتى قيام الانتفاضة التي أطاحت بنظام نميري في أبريل 85م. وخلال عمله في الجبهة الوطنية استطاع أحمد سعد أن يخلق علاقات واسعة مع القيادات الليبية والعراقية والأثيوبية على أيام القذافي - صدام - منقستو. لكن الملاحظ طوال الفترة التي قضاها أحمد سعد في الجبهة الوطنية وقربه من الشريف حسين وتوليه للعديد من المهام العسكرية والعمل السري الذي كلفه به الشريف وتوليه لعملية الإشراف على المعسكرات بعد رحيل الشريف لم ينضم أحمد سعد للحزب الاتحادي الديمقراطي بل تحول من تنظيم الأخوان المسلمين إلى حزب الأمة جناح الإمام الهادي عقب المصالحة التي عقدها الأخوان مع نظام نميري وظل في حزب الأمة جناح الإمام الهادي بقيادة ولي الدين حتى عودته إلى الداخل بعد الانتفاضة حيث أعلن انضمامه للحزب الاتحادي الديمقراطي وترشح باسمه في دائرة الزعيم الأزهري في أم درمان بيت المال - أبوروف القماير - ودنوباوي التي فاز بها محمد عثمان صالح من حزب الأمة الذي تولى رئاسة أول جلسة للجمعية التأسيسية باعتباره الأكبر سناً بين النواب. وبعدها تقلد أحمد سعد منصب وزير بالقصر الجمهوري ثم وزير دولة بالرعاية الاجتماعية وعند قيام انقلاب الإنقاذ عاود نشاطه النضالي عبر الحزب الاتحادي الديمقراطي والتجمع المعارض وكان من أقوى القيادات السياسية والعسكرية التي قادت العمل المعارض في مواجهة الإنقاذ ومن أشهر تلاميذه خلال هذه الفترة معتز الفحل وحاتم السر وحسن مساعد وهو الآن عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي وعضو الهيئة القيادية التي كونها مولانا مؤخراً ورئيس اللجنة التي قادت التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني، إذ يعتبر من أكثر الساسة حنكة ودراية ومناورة في عمليات التفاوض، كما يعتبر من أكثر القيادات قرباً لمولانا محمد عثمان الميرغني وموضع ثقته. وأجمع كل الذين استطلعناهم من المقربين لأحمد سعد عمر بأنه يمتاز بشخصية ثائرة ومناضلة تعشق العمل في الفضاء الوطن أكثر من القوقعة الحزبية، فهو شخصية تمتاز بالهدوء، يعمل أكثر مما يتحدث وكاتم أسرار من الدرجة الأولى ولا يحب الأضواء ومتواضع ومتدين بدرجة أكثر اعتدالاً ورجل وفاقي ليست له أي إشكالية أو صراعات في محيطه الحزبي أو الوطني متسامح لأبعد الحدود، يتجاوز مراراته الشخصية ولا يتسامح في العمل الوطني، يعشق العمل السياسي السري البعيد عن الأضواء وله خبرة كبيرة في مجاله اكتسبها من خلال ملازمته للشريف حسين الهندي ويجيد التعامل مع العمل العسكري وتنظيماته. دائماً يقترن عمله بالقيادات العليا أكثر من العمل الجماهيري... مهتم بالقضايا الوطنية خاصة قضية دارفور ولعب دوراً كبيراً في تقريب الشقة بين حركاتها وممسك بملف دارفور الآن داخل الحزب.. ويتمتع بعلاقات واسعة وصدقات مع القيادات العليا في الدول العربية والغرب، ويؤكد الذين تحدثوا إلينا أن اللافت لدى أحمد سعد، رغم الفترة الطويلة التي قضاها في بريطانيا منذ عام 69 إلا أنه ظل رافضاً للجنسية البريطانية خلافاً لرصفائه من السياسيين الذين يحملون جنسيات مزدوجة سودانية بريطانية أو أمريكية، رغم أن الفترة التي قضاها في بريطانيا تؤهله لحمل جنسيتها.