كان الشراب بين الصمغ العربي والتبلدي وكان المقام مقام محبة وتوافق إنساني قبل أن يكون زمان احتفال سفارة دولة الإمارات العربية بعيد الاتحاد الأربعين (روح الاتحاد) وكانت صحبة تجمعت بلا معرفة مسبقة لكن بدعوة كريمة من سعادة السفير (حسن أحمد الشحي) سفير دولة الإمارات بالسودان. فتزاحمت تلكم الصحبة وتعارفت وتسالمت وهنأت وهُنئت بمساء مختلف - الاثنين الماضي - وشاهدت تفاصيل معاهدة المسالمة والربح بين قيمتي البحر والرمل، التي صنعت الإمارات العربية المتحدة بأمان خريطتها الجغرافية المتميزة، وخريطتها الإنسانية والثقافية والاقتصادية المميزة، وبفخر مثالها النموذجي في الحكم الراشد، الشيخ الراحل (زايد آل نهيان) الذي ظللت صوره وروح اتحاده الاتفاق الظاهر في دفء السلام أن المحبة هي التي تجمع. الجمع مختلف الألوان من سياسيين رسميين كان على تمثيلهم الرسمي السيد وزير المالية (علي محمود) وطاقم مكتبه، والسيد المستشار (مصطفى عثمان إسماعيل) والسيد والي الخرطوم (عبد الرحمن الخضر) والسيد الإمام (الصادق المهدي) وكثيرون لم تسعهم القاعة فلن يسعهم هذا المقال! وفنانون بمختلف أنواع الفن ورجال أعمال واقتصاد وأهل وأصدقاء وضيوف، وعاملون بالشركات العديدة لأوجه التعاون الإماراتي، السوداني. بنوك وشركات طيران وسفر وسياحة واتصالات وطرق ومرور... الخ. بمرور أربعين عاماً على الاتحاد (روح الاتحاد) كان الحفل بسيطا وأنيقا، وكانت كذلك كلمة السفير (الشحي) التي تضمنت الإشارة إلى ميثاق الأممالمتحدة (عدم التدخل في شؤون الغير بجانب الوسطية والمحافظة على الأمن والاستقرار الأمني والاقتصادي والمساعدة في تنفيذ مشروعات عجلة التنمية) وهي كإشارة تمثل السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تطبقها بتمام الإيمان، في تعاملها الاقتصادي والسياسي مع البلدان الأخرى الشيء الذي ضمن لها محبة ليس من حكومات تلك البلدان بل الشعب المعني في أصل التعامل والتعاون الاقتصادي إن كان بالعمل داخل دولة الإمارات أو عبر الدوائر الاقتصادية التي تستثمر فيها داخل تلك البلاد، وهو ما أكده السيد وزير المالية في كلمته حول (مساهمة الأموال الإماراتية في مجال الزراعة والصناعة والاتصالات والعقارات وسد مروي وسكر النيل الأبيض، لهذا نتمنى أن تصبح هذه العلاقات جسراً للتبادل التجاري). وتجارة المحبة بين الإمارات العربية والسودان رابحة وعريقة. الناس فيها هم رأس المال، بدليل أن الأغلبية هنا لهم كوادر وظيفية - المغتربون وأبناؤهم - من كانوا أو ما زالوا في دولة الإمارات بدبلوماسيتهم الشعبية التي استطاعت أن تعرّف الإمارات بإنسان السودان الأمين والمتعاون والخدوم، وتعرّفنا بإنسان الإمارات الكريم والمضياف وقبل ذلك (العشري). وهي تجارة باقية ومتبادلة لهذا فإن الاستثمارات الاقتصادية التي بدأت وتستمر - بإذن الله - تصب في أصل تلك التجارة رغم المصاعب والعراقيل التي توجد، ورغم التعاملات الاقتصادية التي يمكن أن تكون ذات حدين بالنسبة للطرفين. على طرف مدخل قاعة الحفل كانت مدهشة، المساحة التراثية التي عليها صغيرات جميلات يقدمن قهوة تشبه طعمنا، ويجلسن على بروش و(شملات) تشبه نسجنا، وتلف أيديهن الصغيرة حنّة تشبه رسمنا، وكل ما حولهن يؤكد أن التقارب بين الإمارات والسودان يتفوق في مراحله الأولية على الدبلوماسية، وهو الشيء الذي جعل سعادة سفير دولة الإمارات صديقاً لكل من جاء، محيياً له وشاكراً بأدب لا يليق إلا بالكرام. كرامةٌ حفظها الرمل والبحر، باتفاق ضمني فلا يبتل هو كرمل ولا يجف كبحر. وجعلت معاهدة السلام والربح بين البحر والرمل تمضي بين السودان والإمارات، ليست محدودة في مشروب روح الاتحاد الثقافي والإنساني بينهما، بل بأن تكون كل أيامنا أعياد محبة وتعاون.