تكمن أهمية الباخرة (ملك) في مشاركتها في صنع أحداث مهمة في تاريخ السودان في الفترة من 1898 والأعوام التي تليه، إذ بلغ طولها حوالي «115» قدماً وعرضها «21 قدماً وعمقها (5) أقدام وغاطسها قدمين، صنعت في إنجلترا ووصلت أجزاؤها عن طريق البحر إلى القاهرة ثم بواسطة المجرى الملاحي النهري جنوباً بواسطة البواخر إلى حلفا ثم بواسطة السكة الحديد من وادي حلفا إلى العبيدية التي تقع نهاية الشلال الخامس ثم جمعت أجزاؤها من العام 1896 في حوض مؤقت، تم تسليحها بعدد مدفعين نوردين وواحد رشاش وواحد مدفع هاترز وأربعة مدافع ماكينة مكسيم وثبتت هذه الأسلحة فوق السطح العلوي. مدير إدارة الآثار بالإدارة العامة للآثار والمتاحف بوزارة الثقافة والإعلام ولاية الخرطوم؛ عبد الله النذير، وقال ل«الأهرام اليوم» إن الباخرة ملك اشتركت في معركة أم درمان في 1/9/1889 وقصفت بمدافعها قبة الإمام المهدي من الموقع حالياً محطة المياه في بيت المال بعد أن زودت بالمدافع واشتركت في معركة كرري الشهيرة وأسهمت في أحداث شمبات وضرب فيها الأمير أحمد فضيل في الروصيرص إبان عملها في النيل الأزرق بعد إعادة احتلال الخرطوم. وأفاض محدثنا: في العام 1925رأى الحاكم العام أن يتم تقطيعها إلى أجزاء للاستفادة منها أو أن تباع بالمزاد بعد سحب كل الأجزاء القيمة ولكن نظراً للتكلفة العالية لعملية تفكيكها إلى أجزاء تم تعديل الفكرة وأدخلت بعض التعديلات عليها لتوافق أغراضا أخرى، واردف: كانت الباخرة ملك محتفظة بكل مكوناتها العضوية ولم تطالها يد التغيير حتى قبل الحرب العالمية الثانية 1939 حيث استخدمت كمخزن احتياطي للوقود متحرك بالنيل الأبيض وتمت ازالة البنية الفوقية لزيادة السعة التخزينية لها كما أزيل الزنك من على السطح وكذلك استعمالها مضادة للطائرات للبواخر العاملة في النيل الأبيض وفي العام 1944 تم الاستغناء عنها كمستودع للوقود حيث كانت فارغة في منطقة كريرية جنوبكوستي ومن ثم تم احضارها إلى الخرطوم بعد ارتفاع المنسوب بغرض صيانتها. وقال النذير في العام 1946 تم تأجيرها لنادي الزوارق بإجارة اسمية قدرها 6 جنيهات في السنة وارتفعت الى 12 جنيهاً اعتباراً من 1947 وكان ايجار نادي الزوارق للباخرة مشروطا بعدم إجراء اي تعديلات أو اصلاحات إلا بعد اخذ موافقة مسبقة من ادارة السكة الحديد وان تتم الصيانة والتعديلات بترسانة مصلحة البواخر النيلية آنذاك، وواصل سرده: في نوفمبر 1954 قام الحاكم العام بزيارة البواخر النيلية ببحري بغرض التفتيش ووقف على الباخرة ملك ووجه بأن يتم وضع البنادق عليها بحيث تصبح مكاتب رئاسة نادي الزوارق للزوارق وتلعب دوراً سياحياً في جذب المهتمين بالسياحة والآثار بعد ارسائها في منطقة مناسبة يتمكن الزوار من مشاهدتها. وفي العام 1958 عرضت مصلحة البواخر ملكاً لنادي الزوارق بمبلغ 50 جنيهاً بشرط عدم التصرف فيها بالبيع لأي جهة اخرى إلا بموافقة إدارة السكة الحديد بذلك وتتعهد الأخيرة بصيانتها في حالة أي اعطال وفق الأسس التجارية المعمول بها ومنذ ذلك الوقت ظلت الباخرة بحوزة نادي النيل للزوارق ولم تخل بأي شرط من شروط البيع وتستخدم حالياً كمكاتب لرئاسة النادي. وقال النذير: طالبت جمعية ملك سوسيتي التي تأسست في بريطانيا كجمعية خيرية يشرف عليها حفيد الجنرال كتشنر بإعادة ترميم الباخرة والمحافظة عليها حيث غلب على هيكلها الصدأ وباعتبارها من القطع الأثرية النادرة كما تهدف الجمعية على حد زعمها إلى جذب انتباه الرأي العام البريطاني للعلاقات التاريخية بين البلدين في الفترة من 1883-1899 بالتعاون مع السلطات السودانية لتأسيس قاعدة معلومات عن التاريخ العسكري في السودان وبدأت الاتصالات ومكاتبات الجمعية بهدف اعادة الباخرة للصيانة بلندن واعادتها إلى السودان بعد فترة محددة يتفق عليها الطرفان ويمكن للسودان استخدام الباخرة للاغراض الثقافية. وأبان النذير أن الذي يؤرق الجانب السوداني هو ضمان عودة الباخرة من جديد، وأردف: شكلت الحكومة لجنة ورأت أن تتم الصيانة بالداخل بتكلفة ما يعادل 7 مليارات بالقديم ورفضت رئاسة الجمهورية مبدأ الانتقال لخارج السودان وان تتم الصيانة داخليا وتكون أمام الطابية البوردين بعمل رصيف ترسو عليه وتستغل سياحياً بحيث تكون متحفا متجولا سياحيا بعد توفر التمويل. وتناشد الإدارة العامة للآثار والمتاحف بولاية الخرطوم لتضافر الجهود لانقاذ الباخرة ملك.