الأزمة في السودان ومكانه الجغرافي الاستراتيجي جعلاه جذَّاباً للاعبين قدامى وجُدد خاصة بعد انفصال الجنوب.. وجمهورية السودان هل أصبحت مكشوفة وعرضة لانتهاك حدودها الطويلة مع دولة جمهورية (جنوب السودان) الوليدة عسكرياً واقتصادياً؟.. هل ثمة أصابع خارجية تريد أن تعبث بالاقتصاد وتخربه؟ أم أن الوضع طبيعي يمارسه أصحاب النفوس الضعيفة لجني الأموال بصورة غير مشروعة عندما لا يتهيبون إدخال عملات غير مبرئة للذمة طبقاً لمنشور بنك السودان المركزي؟ وهل يحق لنا أن نتوقع بأن حرباً باردة ستكون سجالاً بين الشمال والجنوب ستقضي على الأخضر واليابس ولو بوسائل غير مبررة أخلاقياً؟ (1) ما يثير القلق ظهور أنباء تحدثت عن ضبط سلطات الأمن الاقتصادي لشبكتين للتهريب حاولتا إدخال مبالغ كبيرة للبلاد بلغت ملياراً و(985) مليون جنيه ب(القديم) بعد عمليات رصد وتتبع لعدد من الشبكات الناشطة في تهريب العملة القديمة للبلاد من دولة جنوب السودان. الرقم المالي المضبوط وفقاً للمحلل السياسي محمد الناير لا يشكل خطورة تذكر على الاقتصادي السوداني، وعدّها خطوة ممكنة في ظل الحدود الطويلة بين الشمال والجنوب، وعزا المسألة في حديثه ل(الأهرام اليوم) أمس (الجُمعة)، لما أسماه بتراخي السلطات المختصة في عدم التعجيل بتغيير فئات الخمسة جنيهات والجنيهين والجنيه الواحد تفادياً لحدوث مثل هذه المفآجات. (2) بالرجوع إلى الخبر المنشور فإن المصدر المُطلع بدائرة الأمن الاقتصادي قال ل(المركز السوداني للخدمات الصحافية) إن أفراد العصابة تم ضبطهم بالخرطوم بعد عمليات رصد دقيقة أسفرت عن ضبط (985) مليون جنيه بالقديم بالخرطوم في العملية الأولى، والقبض على (3) متهمين إضافة إلى مبلغ مليار جنيه في العملية الثانية بمدينة بحري في كمين نفذّته السلطات وألقت خلاله القبض على (3) متهمين آخرين. البروفسور والخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة النيلين عصام بوب قال ل(الأهرام اليوم) أمس (الجُمعة) إن مثل هذه الأخبار تحمل مضامين ومفاهيم سياسية كثيرة جداً، لكنها من جهة المفهوم الاقتصادي أن تكون الكتلة النقدية هذه ليست ذات قيمة تبادلية بعد إلغاء العملة القديمة وإدخال العملة الجديدة التي طبعتها حكومة جمهورية السودان، داعياً إلى ضرورة إعادة الحسابات الاقتصادية وتغيير العملة ومعرفة حجم الكتلة النقدية بالضبط في السودان. (3) المصدر الاقتصادي أكد فتح بلاغات جنائية في مواجهة المتهمين بنيابة أمن الدولة تحت المواد (65،50،21) من القانون الجنائي والمواد (98) و(99) من قانون الجمارك، متهماً الشبكات بالإضرار بالاقتصاد السوداني بضخ العملات داخل الكتلة النقدية لرفع معدل التضخم وارتفاع أسعار السلع بالبلاد، ونوّه إلى استحالة استبدال العملة القديمة بعد انتهاء الفترة التي أعلنها بنك السودان المركزي، داعياً المواطنين إلى تجنب أن يكونوا ضحايا لمثل هذه الحيل والتضليل. ولتفادي تكرار مثل هذه الخطوة طالب محمد الناير بتحديد سقف زمني لتبديل الفئات المبرئة للذمة حالياً والتخلص منها في أقرب فرصة ممكنة، وأكد ل(الأهرام اليوم) أن الأموال المهربة سُتخرِّب الاقتصاد وتُشكل ضغطاً على النقد الأجنبي. (4) السؤال الذي يفرض نفسه، كيف أقنعت الشبكات المواطنين بجدوى العملة القديمة وإمكانية الاستفادة منها؟ يجيب على السؤال الخبير عصام بوب الذي كشف ل(الأهرام اليوم) عن وجود اختلاط في المفاهيم لكثير من المواطنين في مناطق متفرقة من البلاد بجدوى تداول العملة القديمة، داعياً السلطات المالية والنقدية في حكومة جمهورية السودان إلى إصدار نشرات توضح أن العملات القديمة غير صالحة للتداول كخطوة أولى لمكافحتها، وضرورة التدخل من السلطات الأمنية لمنع إعادة تداولها تفادياً لوقوع الضرر على الاقتصاد السوداني بشكل عام، وإحداث بلبلة خاصة إذا قررت جهة ما إمكانية تداول العملة القديمة.