الأستاذة أريج عروة عبد الحفيظ أمينة المرأة بالاتحادي الأصل بالخرطوم سطع دورها السياسي من خلال العمل المعارض في جامعة أم درمان الأهلية وسط أقاويل تشير إلى قدرتها على الكتمان والجانب التنظيمي حتى حازت على لقب «المرأة البنفسجية». «الأهرام اليوم» حاورتها حول القضايا الشائكة والآنية في الاتحادي الأصل ابتداء من مآلات المشاركة وقضية وحدة الحركة الاتحادية وإشكاليات الحزب بمنطقة الخرطوم علاوة على محصلة ونتائج زيارتها للولايات المتحدةالأمريكية حتى الرسالة التي وجهتها للمرأة السودانية. اللقاء مع أريج كان مفتوحاً وشفافاً وموجعاً فجاءت ردودها ثابتة بلا تردد وارتجاف وهي من اللائي لا يعرفن دهن أحاديث السياسة بالزبدة!! { كيف كانت ترتيبات زيارتكم للولايات المتحدةالأمريكية؟ - لقد جاءت الزيارة بدعوة من وزارة الخارجية الأمريكية للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل في إطار برنامج القيادة للضيف الدولي الذي يهدف إلى ترسيخ التفاهم والتعاون بين الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول العالم الأخرى عبر آلية التبادل الثقافي والفني والاجتماعي التي تؤطر إلى بناء لوازم العلاقات القوية بين واشنطن وشعوب الكرة الأرضية. وقد أطلق على برنامج زيارتنا العملية السياسية لقادة الشباب وهو منهج متطور يكتسب زوايا الأبعاد التي تلامس ملامح المستقبل في إطار الذهنية الأمريكية وبرنامج الزائر الدولي «IVIP» من وحي الاهتمامات الحكومية هناك للتلاقح الإنساني والمعرفي والحضاري الذي يقوي شوكة التلاحم والاندفاع صوب المجتمعات الأخرى. وقد درجت السفارات الأمريكية في كل أنحاء العالم على دعوة أكثر من 4500 مشترك في هذا المنهج الثقافي الواسع. وتشمل تعريفات الزوار المنظمات الحكومية والسياسية ودوائر الإعلام والفنون والصحة العامة والمنظمات غير الحكومية والميادين الأخرى. { ما هي أهم محطات برنامج العملية السياسية لقادة الشباب من وحي رؤية المضيف الأمريكي؟ - البرنامج كان كثيفاً وهادفاً مبنياً على الينابيع المعرفية عميقة الرؤية الجامعة التي تستوحي التجربة الأمريكية الراسخة مصحوبة بعملية ترويج الجرعات السياسية والثقافية والأدبية والتراثية والفنية في قالب عصري يواكب الألفية الثالثة وإيقاعات الهندسة الوراثية واكتشافات الفضاء. وقد شمل البرنامج زيارة معهد الدراسات الإستراتيجية والبحوث ومعهد السلام الدولي ومتحف الصحافة والمعهد الديمقراطي فضلاً عن مشاهد النصب التذكارية لجميع رموز المجتمع الأمريكي. شاركنا في اجتماع مكثف داخل وزارة الخارجية الأمريكية كانت مداولاته عن مآلات الأزمة الدارفورية وكذلك زرنا الكونغرس الأمريكي وانطلقنا إلى العديد من المدن والولايات في أمريكا على رأسها واشنطن وسياتل وداكوتا وفرجينيا وفلوريدا. وشعرنا بالفخر ونحن نحاور الهنود الحمر السكان الأصليين علاوة على زيارات الكنائس والمساجد ومراكز الشرطة والجامعات. وكانت هناك وقفة غامرة بالإحساس الجميل في الالتقاء بالجاليات السودانية بالولاياتالمتحدةالأمريكية. { على ضوء المشاهدات والانطباعات كيف يمكن تقييم المجتمع الأمريكي في مخيلة أريج؟ - العقد الاجتماعي الراسخ بين الحكومة والمجتمع في أمريكا معطون بحقوق الدولة المدنية ولوازم العدالة الاجتماعية والمنهج الديمقراطي الصحيح لذلك تكمن مزايا وخصائص هذا المجتمع حول تلك المعطيات العصرية والحضارية قبل الشعور والإحساس المجيد بفوائد التكنولوجيا والرفاهية والتطور الصناعي والتقني. في اللوحة السيريالية توجد إبداعات المجتمع هناك عندما يسمح للحكومة الأمريكية بتنظيم مثل هذه الحلقات الدراسية التي تدفع من أمواله وحقوقه الطبيعية لشباب دول العالم الثالث ومن هنا جاءت هذه الزيارة الموسعة التي وجهت لجميع الأحزاب السياسية السودانية دون إقصاء على رأسها المؤتمر الوطني، حيث مثله أمين الشؤون السياسية بأمانة شباب الحزب، وكذلك حضر ممثلو الأحزاب اليسارية والجماهيرية بالبلاد ولم نلمس خلال الزيارة أي إيحاءات مبطنة أو ظاهرة تدعو للاستقطاب أو الميول نحو أمريكا في وقت ظل فيه البعض يطلق البالونات حيال مرامي مثل هذه البرامج والزيارات. ومن الأشياء التي تدعو للإعجاب أن هذا البرنامج الذي درسناه لمدة 24 يوماً خلال شهر سبتمبر المنصرم قد طبق على عدد من حكام العالم المشاهير أبرزهم أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند الأسبق والرئيس التركي رجب طيب أوردغان ورئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد. { إذا حاولنا الانتقال إلى موضوع المشاركة.. كيف ترون وجود حزبكم في قطار السلطة خلال المرحلة الحالية؟ - في تقديري أن عملية المشاركة لا تعبر عن رأي جماهير وكوادر وقيادات الاتحادي الأصل فالمسألة جاءت فوقية بشكل لا يقبل التأويل من مجموعة قليلة مرتبطة بمصالح مباشرة مع السلطة. كلنا يعلم كيف كان السيناريو وكيف جرى التصويت ولماذا تبدلت القناعات بين عشية وضحاها. لقد كانت الأجواء مكفهرة والمناخات قاسية والذين شاركوا عليهم تحمل تبعات قرارهم فالشاهد أن الشباب والمرأة والقطاعات الحزبية العريضة كانت لها مواقفها التي سجلت في دفتر التاريخ. { بأي منطق ترفضون يا أستاذة أريج وجود الاتحادي الأصل في السلطة؟ - شوف.. الحركة الاتحادية أصلاً بحكم التقاليد والموروثات والحبل السري لا يمكن إطلاقاً أن تشارك في نظام شمولي مهما استخدم المساحيق وأدوات التجميل هذا هو الفوات التاريخي والعبور إلى ضفة الانكسار والضياع والهزيمة الوجدانية. كيف يدخل حزبنا الحكومة وهو مكبل اليدين ومحروم من أدوات الإبداع والتغيير والالتصاق بقواعده ورسم أهدافه في كل المجالات؟!! بل كيف يمشي حزبنا على ساق واحدة في حين يطير المؤتمر الوطني على جناحين للوصول إلى الإوزة الذهبية؟!! لذلك فإن محصلة مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة ستكون بصوت خفيض وجناح مكسور وخطوات كسيحة ومثل هذا الواقع المزري لا يمكن قبوله للحزب العتيد الذي كان يمثل عظم الظهر للوطن! { هناك وثيقة الشراكة الموقعة بين الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني.. فهل يمكن اعتبار هذه الخطوة صيغة ناجعة لتحقيق أطروحات ورؤى حزبكم؟ - على ذمة الأستاذ علي السيد فإن بنود الوثيقة الأصلية استبدلت بنقاط وملامح لا توفي طموحات الحزب!! علاوة على ذلك فإن الأستاذ حاتم السر في حواره مع صحيفة «الأحداث» بتاريخ 27 ديسمبر 2011م ذكر أن فرصة تحقيق وزراء الاتحادي الأصل لأي إنجاز تساوي صفراً. وفي السياق أيضاً العبرة ليست بالاتفاق المكتوب وإنما في الالتزام بعملية التطبيق على أرض الواقع وربما يكون اتفاق الاتحادي الأصل والمؤتمر الوطني لم يخضع لحسابات الكيمياء السياسية الدقيقة لأن حزبنا لم يتحسب لتقلبات ناقض العهد!! { هل تقصدين بذلك أن مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة ستكون على فوهة بركان في المستقبل؟ - أنا لست متفائلة إطلاقاً على متانة المشاركة!! ليس من منطلق أمنية شخصية ورغبة جامحة في نقص هذا العهد الذي يقف على أرضية ملغومة.. لكن لدي قناعة راسخة بأن المؤتمر الوطني بالشواهد الدالة والمعطيات الثابتة لن يقوم بعملية الإيفاء بقواعد الشراكة وما تتطلبه من التزامات وقناعات. وإذا حاول دستوريو الحزب خدمة قواعدهم وتنفيذ برامجهم فإنهم سوف يواجهون إشكالية كبيرة في تحقيق مقاصدهم لذلك فإن إيقاعات التباعد بين الطرفين ستكون هائمة على الأجواء بل أتوقع خروج حزبنا من الحكومة في منتصف الطريق فالشراكة سوف تتساقط في المستقبل كما تفعل الرياح العاتية على رمال الشاطئ!! { هناك قضية الوحدة الاتحادية لماذا أصبحت هدفاً بعيد المنال؟ - هذا واقع مؤلم لقد ظلت مسألة الوحدة الاتحادية تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام وترجع خطوتين إلى الخلف لذلك لم تعانق أرض الواقع حتى الآن ومن هنا يتوجب علينا البحث عن العوامل الأساسية التي تعرقل قيام هذا الحلم التاريخي وليس من الحكمة أن يصبح مشروع الوحدة الاتحادية أنشودة جميلة وقصيدة حماسية على الأفواه لا بد أن ندرس على بساط الجدية والمسؤولية لماذا يتقهقهر هذا المشروع الكبير ومن هم الذين يقفون وراء ذلك؟ { هل يمكن ان تتكاتف المرأة الاتحادية لبلوغ غايات وحدة الصف الاتحادي في ظل الإخفاق الواضح من عنصر الرجل في الحزب؟ - المرأة عموماً لديها طاقة وحيوية متأصلة في التركيبة الأنثوية! والمرأة الاتحادية مؤهلة لتلبية النداء الحزبي والوطني على الدوام وكان لها دور متعاظم في الدفاع عن مكتسبات حزب الحركة الوطنية وإذكاء روح المعركة الانتخابية والتألق الإنساني. وإذا نظرنا إلى نساء الاتحادي على صعيد جميع تيارات الحركة الاتحادية نجد أنهن يمثلن قوة ضاربة في المجتمع السوداني ولهن القدرة على ترسيخ مفاهيم رأب الصدع في الكيان الاتحادي الكبير والانخراط في القواعد وإدارة الحوار الهادف الذي يؤدي إلى التئام الصف الاتحادي لذلك فإن المطلوب قيام الآلية الناجعة التي تحقق الغايات المنشودة. { تصاعدت في الأفق إشكاليات الحزب في منطقة بشكل لافت، ما هي ملابسات تلك الأزمة؟ - باختصار شديد، إنه صراع مرير بين المكتب التنفيذي المنتخب الذي يقوده الأستاذ محمد عثمان الحسن والمشرف الأستاذ تاج السر محمد صالح فقد كان هناك إجماع على رفض المشرف لأسباب منطقية مسجلة في مذكرة حزبية رفعت للقيادة وجرت محاولات للاستجابة لهذا المطلب!! لكننا شعرنا أن هناك استهدافا لتقويض المكتب التنفيذي المنتخب من قبل لجنة المراقب العام حتى صدر من جانبهم قرار تجميد الناطق الرسمي ورئيس المكتب التنفيذي بحجة التفلت وعدم الإذعان لقرارات المراقب العام وهنا تعقدت الأمور بعد أن تحصل على مؤازرة من جهات مقربة من مولانا حتى وصلت المسألة إلى إغلاق دار الحزب عن طريق قوات الفتح في عمل لم يسبق له مثيل وقيام لجنة من المشرف على حساب المكتب التنفيذي بعد الادعاء بأنه محلول. نحن رفضنا هذا الإجراء وما زلنا في الاتحادي الأصل ولن نتركه إطلاقاً وفتحنا الدار من جديد وفي انتظار العدل والإنصاف!! { هل لديكم فيتو حيال مولانا محمد عثمان الميرغني؟ - لا.. على الإطلاق نحن نؤمن بزعامة مولانا محمد عثمان الميرغني للحزب، ودائماً نعبر عن تلك القناعات في جميع الاحتفالات والمناسبات التي تعقد في الدار. وإذا نظرنا إلى الأستاذ محمد عثمان الحسن رئيس اللجنة نجده من بيئة ختمية مائة في المائة بل إن انتماءه إلى الطريقة الختمية أكثر من بعض الذين يحاربونه في ضفة مولانا!! { سؤال أخير.. ما هي رسالتك للمرأة السودانية؟ - في تصوري قدرة المرأة السودانية على العطاء والإبداع تشكل مدرسة لاستخلاص العبر والدروس فهي مقتحمة وقوية وقادرة على فج الصعاب والأهوال في جميع المجالات وحقوق المرأة ليست خصماً على مكانة الرجل وأرى أن نساء بلادي يستحققن الكثير من المكتسبات وهن أكبر من حصة الكوتة والنسب المئوية المخصصة لهن!! ورسالتي للمرأة أن لا تستكين للآراء والاشتراطات التي تختزل دورها وثقلها في القوالب الكلاسيكية ومفهوم الجندر، الفكر المعادي للمرأة أصبح يحاصر تدريجياً وربما تضعف وتيرته لو استهدف المرأة مرة أخرى لأنه سيصطدم بالواقع الجديد.