البرنامج الاقتصادي الإسعافي (2012-2014) الذي تم تصميمه وإجازته للتصدي للآثار السلبية لخروج موارد البترول المنتج من جنوب السودان بعد الانفصال على مسيرة الاقتصاد السوداني. هذا البرنامج كما أكدت وزارة المالية جاء من أجل المحافظة على توازن العرض والطلب الكليين عن طريق زيادة إنتاج السلع الإستراتيجية والغذائية (السكر الحبوب الزيتية، القطن الصمغ العربي، المواشي، قمح، الذرة وغيرها) ومحاصرة تدني مستوى المعيشة للقطاعات والشرائح الاجتماعية الضعيفة ومحاربة انتشار بؤر الفقر والعوز. إذن كيف يتم تحقيق هذه الأهداف حتى يتم إسعافنا اقتصادياً بدءاً من العام الجاري (2012) وحتى (2014)؟ بنك السودان المركزي أكد أن سياسته للعام (2012) استندت على موجهات وأهداف البرنامج الاقتصادي الإسعافي الذي بني في الأصل للتصدي للآثار السلبية لخروج البترول من الإيرادات. وحسب المركزي فإن سياسته هدفت إلى توجيه القدر الأكبر من الموارد المتوفرة للمصارف وتلك التي تستقطب من المصارف الأجنبية المراسلة لصالح تمويل الإنتاج الزراعي والصناعي وعلى وجه الخصوص لإنتاج وتصنيع القمح والسكر وزيوت الطعام والأدوية وتصدير القطن ومنتجات الثروة الحيوانية والصمغ العربي والذهب والمعادن والتمويل الأصغر. وفي السياق لا بد من السعي الجاد نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي المستدام عن طريق تطبيق سياسات نقدية ومالية ترشيدية للوصول إلى معدل نمو حقيقي من الناتج المحلي الإجمالي في حدود 2% ومعدل التضخم المستهدف في العام الأول للبرنامج الثلاثي في حدود 17% عن طريق استهداف معدل نمو اسمي في عرض النقود قدره 15% على أن تتم إدارة السيولة في الاقتصاد بطريقة متوازنة لتلبي احتياجات النشاط الاقتصادي باستخدام أدوات السياسة التمويلية والسياسات النقدية غير المباشرة ووفقاً للسياسة فإنه يجوز للمصارف استخدام مواردها لتمويل كل القطاعات والأنشطة عدا المحظور تمويلها مع إعطاء اهتمام خاص بالقطاعات ذات الأولوية حسب طبيعة النشاط الاقتصادي من كل ولاية كما يجوز لها استخدام مواردها لتمويل إنتاج الذهب والمعادن الأخرى وتوجيه نسبة 70% من الودائع الاستثمارية للتمويل متوسط الأجل. إلى ذلك شملت القطاعات والأنشطة المحظور تمويلها شراء العملات الأجنبية وشراء الأسهم والأوراق المالية وسداد عمليات تمويلية قائمة أو متعثرة وشركات صرافات النقد الأجنبي ومكاتب الخدمات المالية كما يحظر على جميع المصارف تمويل الحكومة المركزية والحكومات الولائية التي تمتلك فيها الدولة أسهما بنسبة (20%) وأكثر وذلك إلا بموافقة مسبقة من بنك السودان المركزي. وحسب بنك السودان فإنه سيستمر في تقديم الحوافز للمصارف التجارية المتعاونة في تمويل القطاعات الإنتاجية الزراعة والصناعة والتمويل متوسط الأجل وتمويل تعدين الذهب والمعادن الأخرى كذلك المصارف التي توفر التمويل للصادر والتي تقوم بتكوين المحافظ التمويلية لكل السلع الإستراتيجية على أن يقوم المركزي بالتعاون مع اتحاد المصارف والهيئة العليا للرقابة الشرعية بإعداد برنامج متفق عليه بتطوير صيغ جديدة للتمويل وإعادة بناء المؤسسات المصرفية من ناحية العمل المؤسس وبناء قدرات الموظفين لإبعاد شبهة (الصورية) تماماً من صيغة المرابحة الشرعية ويشجع على حد قوله المصارف على تفعيل واستحداث صيغ التمويل الإسلامية الأخرى كالسهم والمقاولة والإجارة والاستصناع والمزارعة كما يترك لكل مصرف تحديد نسبة نصيب المضارب من الربح في حالة منح التمويل بصيغة المضاربة المقيدة ولا يجوز منح أي تمويل بصيغة المضاربة المطلقة. وفي جانب النقد الأجنبي أشار المركزي إلى أنه سيلتزم بتنفيذ سياسة سعر الصرف التي حددها البرنامج الإسعافي (2012-2014) التي تهدف إلى الوصول تدريجياً لسعر صرف مستقر خلال فترة البرنامج تحدده عوامل العرض والطلب في سوق موحدة لذلك سيتم التأكيد على حرية التعامل بالنقد الأجنبي في إطار الموجهات التنظيمية الصادرة من بنك السودان ومنح المصارف حرية تجديد فروعها التي تتعامل في النقد الأجنبي دون الرجوع إلى بنك السودان المركزي والاستمرار في سياسة ترشيد الطلب على النقد الأجنبي عن طريق السياسات النقدية والتجارية وإعادة تخصيص الموارد المالية والمحلية والأجنبية المتوفرة للقطاع المصرفي لتوفير التمويل بالحجم وفي التوقيت المناسب لإنتاج وتصنيع وتصدير السلع الثماني المحددة في البرنامج الثلاثي لإحلال الواردات وزيادة الصادرات إلى ذلك أكدت السياسة التوسع والاستمرار في شراء وتصدير الذهب على أن يصبح بنك السودان المركزي هو الجهة الوحيدة المسموح لها بتصدير الذهب المنتج بواسطة التعدين الأهلي على أن يسمح للشركات المرخص لها بالعمل بموجب قانون الاستثمار أن تقوم بتصدير الذهب والمعادن الأخرى وفقاً للقانون نفسه ولائحة النقد الأجنبي السارية على أن يتم تشغيل مصفاة السودان للذهب في الربع الأول من العام 2012م والعمل على تصدير الذهب المصفى بدلاً عن تصدير الذهب الخام مع تطوير وتنظيم سوق الذهب بالتنسيق مع الجهات الأخرى ذات الصلة بهدف إنشاء بورصة للذهب في السودان. وفي جانب النقد الأجنبي كذلك سيتم اتخاذ الترتيبات المصرفية والتجارية اللازمة مع الجهات المعنية لتنظيم وتشجيع التجارة مع دولة جنوب السودان وتشجيع فتح فروع تتعامل بالنقد الأجنبي في المناطق الحدودية وفي السياق سيتم تشجيع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والعمل على جذب مدخرات السودانيين العاملين بالخارج بالنقد الأجنبي عبر القنوات المصرفية والصرافات ومكاتب التحويل والسعي نحو استقطاب موارد خارجية بالنقد الأجنبي ودائع، قروض، وتسهيلات، من المراسلين نقدية أو سلعية. من جانبه أكد د. محمد خير الزبير محافظ بنك السودان أن سياسته للعام 2012م ستستمر في تحديث آليات الرقابة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإحكام الرقابة المصرفية لتحقيق السلامة المالية للمصارف ورفع الكفاءة المالية لها ومعالجة الضعف والقصور بغرض ضمان حقوق المودعين وحسن توظيف استغلال الموارد وتطبيق معايير الشفافية والإفصاح المالي للمصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية التي تخضع لرقابة البنك المركزي.