{ في منتصف يناير الجاري وبفندق (روتانا السلام) تشهد جموع غفيرة من الشعبين السوداني والتشادي زواجاً أسطورياً أشبه بالومضات التاريخية، الرئيس التشادي إدريس دبي والذي سيتوّج غلالة الوشائج الضائعة بين البلدين بمصاهرة نوعية تجمّل الطريق لوحدة استثنائية لم تعبّد دروبها مدارج السياسة من قبل، يسعى لرتق النسيج الاجتماعي المرهف في الإقليم بوصل جديد، وغير بعيد من ذلك إعادة التوازن لمعادلات السياسة والأمن، في نفس الوقت الذي تفج فيه المقادير موقعاً جديداً في القصر للسيدة الأولى من هنا إلى هنالك. { إمبراطور العرش التشادي تترقبه الأضواء عن كثب (عريساً) مطلاً من سلم الطائرة الرئاسية، ولأول مرة - ربّما - يحتضن مطار الخرطوم موكباً للأفراح على ذلك النحو المحتشد بالدلالات، (دبّي) صهراً لقبيلة (المحاميد) السودانية، وصهراً للسودانين بالمعنى الذي سيرفع شأن المناسبة بين الأمم، فالرجل منحدر من قبيلة (الزغاوة) وهو الرئيس الأفريقي الوحيد الذي اختار الزواج تعميقاً للتجربة الإنسانية، وتدعيماً للعلائق بين الخرطوم وأنجمينا اللتان اختارتا طريقاً ثالثاً للوصل يفتح (نفاجاً) بلا نهاية.. بين وطنٍ وجاره هذه المرة يجئ الوصل الرابض في المعنى القرآني منذ الأزل؛ (وجعل بينكم مودة ورحمة). { مراسم الزواج والتي من المتوقع أن يشهدها بعض من الرؤساء وزعماء القبائل الأفريقية غالباً ستتصاعد مشحونة بالطقوس الاجتماعية للبلدين، سيّما وأن دبي هو الفارس الذي خرج من قلب الخرطوم مقاتلاً وتسلم الحكم في بلاده ليعود إليها (مجرتقاً) بالأفراح تحرسه الملائكة، مما يمهّد الأجواء لاستثمار صلة الرحم في ما ينفع الشعبين، ولربما في إغلاق الطريق بإحكام أمام سيرة الموت والحرب والدماء، فالعاطفة أحياناً مدرة للسلام لاعتقادات بعيدة، فالأجواء اليوم هي نفسها الأجواء المشابهة التي أجبرت من قبل قياديا جنوبيا بارزا هو الفريق جوزيف لاقو بُعَيْد ارتباطه بسيدة شمالية.. أجبرته على رفض دعاوي الحرب والرد على من طالبوه بالعودة للأحراش قائلاً بعد أن احتضن أطفاله برحمة: (منذ اليوم لن أرفع السلاح في وجه أخوال أبنائي)، فهل يا ترى يتخلّق ذات السيناريو بمصاهرة الرئيس التشادي إدريس دبي للسودانيين، بعد أن حصلت (ميري) الجنوبية على الطلاق الذي ذُبِحَت له (الثيران)؟!