ربما نضطر الآن إلى إعادة رسم الصورة من جديد.. وتشكيل ألوانها مرة أخرى.. ونعيد تساؤلات مطروحة سابقاً تقول: ما نوعية العلاقة التي تربط إسرائيل بدولة الجنوب؟ وما هي الأهداف من وراء تطوراتها؟.. لماذا لجأت إسرائيل إلى تعيين سفير لها بخلفيات مخابراتية وتسعى لتجميع محطات مخابراتها بأفريقيا والقرن الأفريقي في مركز إقليمي بجوبا عاصمة الجنوب؟.. إلى هنا أكد مراقبون تهديد تلك العلاقة بصورة مباشرة للأمن القومي السوداني! الثامن والعشرون من يوليو الماضي، كان اليوم القاطع لدى قادة إسرائيل بإقامة علاقات رسمية ديبلوماسية بين تل أبيب وجوبا عندما أعلن أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي عن عزمهم إقامة علاقات دبلوماسية بين دولتي إسرائيل وجنوب السودان. إلا أن يوم أمس الأول (الثلاثاء) شهد تسمية وتعيين الدبلوماسي حاييم كورين ليصبح أول سفير لإسرائيل في دولة جنوب السودان. يجال بالمور المتحدث باسم وزارة الخارجية قال إن حاييم كورين السفير الجديد يتحدث العربية بطلاقة ويتقن عدة لهجات سودانية.. بالمور قطع بأن السفير حاييم سيكون متنقلاً بين مقره في دولة الجنوب والقدس.. أي سيكون سفيرا غير مقيم، وأكدت مواقع على الشبكة العنكبوتية أن تقارير إسرائيلية أشارت إلى أن تركمانستان كانت قد رفضت قبول لورين سفيراً لإسرائيل في عاصمتها مرتين بدعوى أنه عميل للموساد الإسرائيلي وليس دبلوماسياً.. بينما ذكرت تقارير أخرى أن رفضه جاء على خلفية طرده من قبل موسكو من قبل. حاييم كورين يعد أكبر الخبراء الإسرائيليين المتخصصين في شؤون جنوب السودان. ويرى مراقبون أن مسيرة حاييم كورين الدبلوماسية بدأت بفضيحة عندما رفضت دولة تركمانستان اعتماده سفيراً لها وكان وزير الخارجية التركماني حسب موقع (انبا موسكو) قال إنه لم يقبل أوراق اعتماد كورين الذي اختير في أغسطس 2010 لشغل منصب سفير على خلفية سيرته الذاتية التي أكدت أنه كان مدرساً لمدة ثلاث سنوات في كلية الأمن الوطني في غيلوت. وزير الخارجية الإسرائيلي حاول إقناع دولة تركمانستان أن هذه المؤسسة لا علاقة لها بالموساد إلا أن الجانب التركماني أصر على أنه لا يرغب في استقبال سفير (جاسوس)! يديعوت أحرنوت أكدت أن تعيين سفير إسرائيلي لدى دولة الجنوب في إطار تتويج علاقات جوبا وتل أبيب. إلى هنا قد ينظر المراقبون إليها كنتاج طبيعي حسب جذور العلاقة بين الدولتين وامتداداتها التاريخية بين كيان الحركة الشعبية والكيان الإسرائيلي، لكن ما قد يوجب التوقف هنا هو ربط ذلك ببعض العبارات والجمل الملحقة مثل (تعيين سفير إسرائيلي لدى دولة الجنوب لوقف المد الإسلامي).. ومثل تصريحات أخرى ارتبطت مثلاً بزيارة كير إلى تل أبيب من بينها قول قيادات إسرائيلية إن سلفاكير هو عين إسرائيل في دولة السودان. صحيفة معاريف الإسرائيلية أكدت أن تعيين وزارة الخارجية الإسرائيلية سفيراً لدى دولة جنوب السودان يأتي في سياق الجهود الإسرائيلية للوقوف أمام المد الإسلامي الذي بدأ ينتشر في القرن الأفريقي بقوة في ظل ثورات الربيع العربي. وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل بشكل كبير للغاية على تعميق التحالفات مع الدول المسيحية في القارة الأفريقية. وبينما يرى محللون أن من الطبيعي إقبال إسرائيل على تسمية وتعيين سفير لها في جوبا؛ ينتقد البعض مساس تلك العلاقة بالأمن القومي لدولة السودان أو تهديده.