{ راهن أبناء جبال النوبة على الحركة الشعبية وهي تطرح شعار السودان الجديد وانخرطوا في صفوفها يقاتلون في كل الجبهات التي زحفت نحوها قوات الحركة الشعبية شرقا وجنوبا وغربا، طالما أن الهدف الأساسي هو السودان بحدوده المعروفة، وأن الغاية العليا لهذا القتال هي فرض نظرية جديدة تعطي كل صاحب حق حقه، ولكن تنكرت الحركة الشعبية للنوبة، أسوة برفاقهم في قطاع الشمال وبل ذهبت أكثر من ذلك فشردت واعتقلت قيادات بارزة من أبناء النوبة لم يشفع لها تاريخها الطويل، اعتقلتهم ليس لجريمة ارتكبوها غير مطالبتهم بحقوق أهلهم التي أدارت عنها الحركة الشعبية ظهرها، وحتى الآن يكتنف المجهول مصير الآلاف من أبناء جبال النوبة ما زالوا داخل صفوف الجيش الشعبي. { في أبريل من العام الماضي وبمدينة (ياي) بجنوب السودان انعقد اجتماع ضم قيادات الحركة الشعبية من أبناء جبال النوبة منهم تلفون كوكو ويوسف كوة وخميس جلاب ودانيال كودي وغاب عنه عبد العزيز الحلو وكان الهدف من الاجتماع التفاكر في مصير أبناء جبال النوبة بعد انفصال جنوب السودان وقد خرج الاجتماع بعقد اجتماع آخر بكادقلي يضم قيادات الحركة من أبناء جبال النوبة بجانب القيادات والأعيان من أبناء النوبة للتفاكر في مستقبل جبال النوبة إلا أن الحركة الشعبية اعتقلت تلفون كوكو في 21/4/2010م بمطار جوبا وما زال ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن معتقلا. { وسط أبناء جبال النوبة بالحركة الشعبية تياران، أحدهما يفضل فك الارتباط بمركزية الحركة الشعبية بعد الانفصال والتوافق مع القوى السياسية في الداخل وعلى رأسها المؤتمر الوطني والعمل على تنمية الإقليم وأبرز قيادات هذا التيار تلفون كوكو بالإضافة إلى غالبية ساحقة ترى أن الحركة الشعبية تنكرت لنضالهم معها ومؤخرا نشهد تحولات في مواقف بعض القيادات التي سارت مع الحركة الشعبية حتى قبيل الحرب ومنها دانيال كودي وتابيتا بطرس، أما التيار الآخر فينادي باستمرار الارتباط بالرغم من ذهاب كل فريق لوطن آخر وأبرز قيادات هذا التيار عبد العزيز الحلو وهي القيادات التي ما زالت تحظى برضا القيادة العليا في دولة الجنوب وتحظى بالسلطة والمال دون غيرهم وهو التيار الذي يحاربنا نيابة عن دولة جنوب السودان. { أوضاع أبناء جبال النوبة بدولة جنوب السودان تحتاج لتحرك واسع ومن أعلى المستويات في الحكومة والمؤتمر الوطني وبقية القوى السياسية لا سيما أن الثقة في ما بينهم تكاد تكون معدومة بسبب حالة الشقاق الحادة التي أحدثتها الحركة الشعبية وسطهم وذلك لضعضعة مواقفهم في ظل تنكرها للوعود التاريخية التي قطعتها لهم وحتى لا ينقلبوا عليها موحدين فاتبعت سياسة (فرق تسد) معهم، فهم الآن في وضع لا يحسدون عليه، ولكن الواجب الوطني يحتم على الدولة قيادة حوار معهم كخط مواز لخط الحرب المشتعلة الآن في جنوب كردفان للوصول لمشاركة فاعلة في السلطة ويجب أن تقدم لهم عروضا واضحة وأكبر من تلك التي يحصلون عليها من دولة جنوب السودان تقودهم إلى حياض الوطن وبناء جبال النوبة ونهضتها وبذلك نسحب البساط من تحت كل من يريد أن يصنع لنا بؤر صراع ونزاع. { في دولتنا وحزبها الحاكم صرنا ننتظر القوات المسلحة لتنجز كل الواجبات الوطنية فهي التي تبسط الأمن والاستقرار في دارفور دون أن تنجح المبادرات السياسية في بسطه وهي التي تقضي على خليل إبراهيم دون أن يصل معه السياسيون إلى اتفاق يعيده إلى أرض الوطن وهي التي تتصدى لمالك عقار وتطرده من النيل الأزرق وقد عجزت السياسة عن فك شيفرة الرجل واستقطابه لمصلحة الوطن وها هي القوات المسلحة وحدها التي تقود المبادرة في كافة الجبهات وهذا الوضع يفقدنا قدرات كبيرة تتمتع بها السياسة يمكن أن تسهم في بسط الأمن والاستقرار عبر مبادرات تخترق بها الأوضاع التي تحيط ببلادنا ولهذا من المهم ألا تتوقف عجلة الفعل السياسي لا سيما في ظل الحرب وأن ينطلق العقل السياسي لفعل شيء ما ليس بالمنفرد كما يحدث مع بعض القيادات ولكن نقصد الفعل السياسي الذي يحدث تحولا كاملا في المشهد السياسي والعسكري وبالتالي المشهد الوطني برمته. { صراحة ننتظر مبادرات سياسية كبيرة ومفاجآت على صعيد بؤر الصراع في بلادنا وعلى صعيد دولة جنوب السودان.