{ ربما يكون هناك خير كثير يعود على بلادنا إن أوقفت حكومة جنوب السودان ضخ نفطها بغض النظر عن فداحة ذلك على الدولة الوليدة واستحالة أن تقبل على مثل هذه الخطوة التي تذكرنى بخطوة هوجاء ارتكبها خليل إبراهيم إثر غزوه أم درمان وهو يقطع ألف وخمسمائة كيلومتر عن آخر قوة خلفية تعمل على تأمين مؤخرته وكانت النتيجة تدمير قوته وقدراته وبداية النهاية لحركة العدل والمساواة وذات الحسابات المستحيلة هي واقع الحال إذا أقدمت الحركة الشعبية على هذه الخطوة. { إن عملية وقف ضخ النفط هو آخر الكروت بيد الحركة الشعبية لتعيق مسيرة الشمال (السودان) وتحاول عبره الضغط للحصول على مكاسب أخرى تتصل بتنازل السودان عن منطقة أبيي وخمس نقاط حدودية أخرى بجانب فرض إجراءات أخرى على التجارة بين البلدين تصب في مصلحتها وهذا ما يفسر أن الحركة الشعبية تضع كل البيض في سلة النفط ولهذا فإن حكومة الخرطوم إن أحسنت تعاملها مع (سلة النفط) هذه فإنها ستفرض الحلول التي تريدها على كافة القضايا العالقة بينها وبين دولة الجنوب. { منذ انفصال جنوب السودان وقيام دولته وقبل ذلك لم تقف الحركة الشعبية مكتوفة الأيدي عن تعطيل مسيرة بلادنا وإنما جربت الكثير من الأدوات وما أن تفشل أداة من تلك الأدوات تتجه لغيرها وقد بدأت مؤامراتها وهي تشارك المؤتمر الوطني السلطة وتنفيذات الاتفاقية التي تمهد لها الطريق لقيام دولتها وهي تقود المظاهرات في الخرطوم بجانب المعارضين ثم تنسق جهودها مع جهودهم في الانتخابات في محاولة منها لتغيير رأس النظام ومن ثم وبعد الانفصال جربت الحل العسكري لضم منطقة أبيي واحتفظت بها لفترة حتى جاء الرد الموجع من القوات المسلحة وطردتها من أبيي ومن بعد ذلك اتجهت لإشعال الحرب في جنوب كردفان ومن ثم انطلقوا بالحرب إلى النيل الأزرق وبعد أن فشلوا في كل تلك المحاولات المتكررة اتجهت لتكوين الجبهة السودانية الثورية وسارعت باستضافة قوات حركة العدل والمساواة وهي تتأهب لوصول رئيس الحركة خليل إبراهيم ليتزامن كل ذلك مع انطلاقة زحف قوات هذا الخليط من الحركات نحو الخرطوم بقيادة خليل إبراهيم ولكن كانت إرادة الله أكبر من تدبيرهم فقتلت القوات المسلحة خليل ودمرت مشروعهم التدميري لتنتهي بهم تدابيرهم لضرب الشمال إلى آخر الكروت وهو النفط. { هذه هي كروت الجنوب ليضغط ويعطل مسيرة الشمال فما هي كروت الشمال تجاه هذه الدولة الوليدة ويبدو أنها بدأت تفرض نفسها بعد الاستخدام والتجريب الواسع الذي قامت به حكومة جنوب السودان لكروتها وقد حمل خطاب الدكتور نافع علي نافع بود بندة أمس الأول إشارات عن إمكانية لجوء الخرطوم لاستخدام كروتها وفي العلن بعد أن ظل مجلس الأمن يتجاهل شكاوى السودان إليه وهى تشمل اعتداء على مناطق حدودية وإيواء قوات حركات دارفور وتجنيد أطفال لصالح الحركة الشعبية قطاع الشمال واستيلاءها على أصول شركات سودانية وغير ذلك الكثير من الاعتداءات. { كروت الشمال لخنق الجنوب تتجاوز رقماً قياسياً لعدد الكروت التي تملكها دولة لخنق دولة أخرى منها الحدود التي تقترب من ألفي كيلومتر وما خلف هذه الحدود الواسعة من مكونات تغري للاستخدام منها الوضع الأمني المتردي والقبلية المستشرية ومعدلات الجهل الواسعة وانتشار الكحول بنسبة عالية أحياناً تغيّب الحكام عن مسؤولياتهم ناهيك عن تغييب الشعب بكامله والجيش بكامله ومن السهل في مثل هذا الوضع أن تجد جيشاً يحارب نفسه قبل أن يحاربك وبجانب كل ذلك يجد الشمال أنه أمام دولة منغلقة هو يغلقها من البحر وتعتمد عليه لتتنفس وتأكل وتشرب ومهما خرجوا إلى البحر من اتجاه آخر فإن ذلك مكلف ومدمر ويجعلهم يسلمون رقابهم لمن هم أكثر لؤماً من بين شعوب القارة الأفريقية وقبل أن يعبر أنبوبهم إلى هؤلاء اللؤماء سينفخ فيه الاستوائيون كل أحقادهم ومراراتهم التاريخية مع القبائل النيلية وبالذات الدينكا الذين يستأثرون بكل شىء. { على الخرطوم أن تصمد أمام معركة النفس القصير التي تفرضها علينا دولة جنوب السودان وتتجه بكلياتها لتعويض الفاقد وتعتبره كأنه لم يكن من أساسه وتعمل على تطوير أنشطتها في التعدين والنفط والصناعة وقبل كل ذلك ترشيد الإنفاق الحكومي مرة أخرى وطلب العون من الأشقاء العرب وغيرهم وقيادة حملة دولية تكشف فيها عن موقفها وموقف الطرف الآخر ويطالب المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته ودعمه لدولة وفت بكل تعهداتها وقبلت برغبة شعب جنوب السودان بالرغم من الظروف غير الصحية التي أجري فيها استفتاء جنوب السودان.