(سي محمد جيت أبوسه غيّر ولوالي بوزو.. كل البنات بتبوسو إشمعنى أنا يا محمد؟) - من أغاني البنات القديمة بمصر. والمصريون لم يرضوا (بوسة) السيد المرشح لرئاسة الجمهورية (محمد البرادعي) المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية على خد النجمة العالمية (أنجلينا جولي) حينما قدم لها جائزة أفضل فيلم عن فيلمها (في أرض الدم والعسل) الذي يحكي عن حرب البوسنة وهو من تأليفها وإخراجها وذلك في مهرجان موسكو السينمائي الأخير بشعار (السينما من أجل السلام). والسلام ذو القبلات الذي بادر به السيد (البرادعي) الممثلة الجميلة والبريء على حد تعليقه لم يرض غالبية المصريين المتفاعلين على المواقع الإلكترونية، فطفقوا يطلقون - كعادتهم - التعليقات الساخرة والمضحكة حيث كتب أحدهم (يا جماعة ده الفيلم عن البوس..نة!) وآخر كتب معلقاً (يعني إيه ليبرالية يا برادعي؟ يعني تبوس أنجلينا لوحدك وإحنا نبوووووس إيدينا وش وضهر؟!). وظهور (البرادعي) في المهرجان من حدّ ذاته لم يكن مقبولاً فالتساؤلات حول علاقة مرشح للرئاسة ومدير لوكالة طاقة ذرية، بفعالية مهرجان سينما موسكو؟ ناهيك عن قبوله مهمة التحكيم فيه وتقديم جائزة أفضل فيلم؟ ورغم حديثه المبتدر والمنمّق عن ثورات الربيع العربي، فلم يشفع له ختامه بالقبلة التي وصفها بالبريئة. براءة (البرادعي) من خد (أنجلينا) لا ينفيها، وكذلك لا يدّعيها! كما إنها فرصة مواتية لمنافسيه للنيل منه. بعض المعلقين سخروا حتى من خطاب الإسلاميين بقولهم (البوسة كانت ع الخد اليمين، يعني تجوز!). وما أصبح يجوز في فقه السياسة هو تداخل الكيمان مع بعضها البعض فالسينما التي كانت في سالف العصر والأوان تسعى لأن يشرّف افتتاحاتها الممثلون الكبار وروّاد السينما المعاصرة والكلاسيكية، صارت الآن تستقطب النجوم السياسيين، وكذا الحال في معظم الفنون الأخرى، وهو أمر يفطن له الساسة بتبرير لزج باعتبار أن السياسة الحديثة مرتبطة بأمشاج فكرية من دم ولحم مع الفن، ويعيه الفنانون بمختلف فنونهم بأنه (تدجين) من نوع جديد حيث لم يكن في الفنون القديمة ولا الحديثة علاقة رحم بين الفن والسياسة! الساسة يحاولون التأثير على الناس بتلك الإغراءات الفاضحة لبرامجهم الفاشلة من عرض صورهم مع نجوم الفن والرياضة، حيث هم محبوبو الجماهير، فيستطيعون بذلك الدخول من بوابات الجماهيرية للفنان إلى فضاء البرنامج الانتخابي لهم ومن ثمّ الترشح والفوز! وهو نموذج مطبّق منذ حفلات ترشيحات الرئيس الأمريكي (باراك أوباما) حيث حشد كل نجوم الفن المؤمنين به لترجيح كفته، ثمّ داخلياً هنا حيث لم يبق فنان يغني لم يرفع صوته بأنه (وطني)! لكن بالطبع من غير بوسات على الخد ربما على الجيوب هنا أفضل. فضل (البرادعي) بهذا التحريك الحدثي فارغ من الموضوعية، حيث إن سلام القبلات هو تقليد سائر في مصر ذات نفسها، وغير متعلق بالبوسة في حدّ ذاتها أو (أنجلينا) كفنانة مثيرة في حدّ عينيها وجسدها، لكنه فضل مرتبط إلى حدّ بعيد بمواقفه تجاه القضايا المصرية الراهنة والدستور والاستفتاء والانتخابات. فلو كان سلام التلاقي وبوسات الفراق قد أسرف فيها على الشعب المصري بخياراته الواضحة في مجلس الشعب والمجلس العسكري الانتقالي.. لجاءت إليه (أنجلينا) ذات نفسها تغني (سي محمد جيت أبوسو) وسيستطيع أن يختار يبوسها أو يلوي بوزو!