{ طال أمد الحروب والنزاعات في بلادنا بالرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمناها ك(شمال) وقبلنا بفصل جزء عزيز من بلادنا نزولاً لرغبة أبناء الجنوب المغرر بهم، وقبلنا بذهاب النفط الذي استخرجته العقلية الشمالية الجبارة وتنازلت عنه أملاً في السلام والاستقرار، وقبلنا الخسارة أمام عقار في انتخابات النيل الأزرق أملاً في الاستقرار، وأن الولاية (ما كتيرة عليهو) فهو ابن الشمال ونستطيع تسوية مشكلاتنا معه، ولذلك قبلنا ب(انتخابات مضروبة) وفي المقابل لا يقدر الإخوة الجنوبيون كل هذه التضحيات، وقد أهديناهم الدولة وكانوا من قبل مجرد متمردين، ومنحناهم النفط وهم لم يحفروا بئرًا واحدة منه، وكنا أول دولة اعترفت بدولتهم الوليدة وذلك قبل إعلانها. ويوم إعلانها تعهد الرئيس البشير بالتعاون ودعم الدولة الوليدة، وفي المقابل كانت كلمة سلفاكير عدائية وتحريضية وهو يخص مناطق بعينها في الشمال، ويقول لأهلها إنهم لن ينسونهم في إشارة لما أقدمت عليه حكومة الجنوب لاحقاً من دعم وإيواء وشن حروب من خلف بعض المجموعات من تلك المناطق. { كافة حركات دارفور لها وجود بجنوب السودان وقوات الحركة الشعبية قطاع الشمال كلها بالجنوب عدا بعض القوات التي تتواجد في المناطق التي تنتظر التطهير، وهذه القوات مازالت تتلقى مرتباتها من خزينة جنوب السودان ولم يتم فك الارتباط كما تنص اتفاقية السلام. أما في السودان فليس هناك جندي واحد من الثوار الجنوبيين بأراضي الشمال، ونجد كذلك أن كافة الاتفاقيات التي وقعتها الحركات المتمردة وجدت الدعم السياسي والمالي وتم توقيعها في مدن الجنوب في كل من ياي وجوبا. { ألم يكن من الأفضل لحكومة الجنوب التعاون مع حكومة الشمال وفي ذلك مصالحها وإضافة قدرات وإمكانيات كبيرة لبناء دولتها واستقرارها، وعلى النقيض من ذلك سلوكها المسلك الذي تسلكه الآن والذي لا يشكل ولو جزءًا ضئيلاً من مصالحها وإنما يخدم أجندة ومصالح قوى خارجية تضطرها لبيع نفطها في باطن الأرض بأسعار تهبط إلى ما دون السبعين دولاراً للبرميل الواحد، وتخسر أكثر من الذي تطلبه الخرطوم لعبور نفطها عبر خطوطها. { لمصلحة من تحارب حكومة جنوب السودان حكومة السودان وتحارب شعبها الذي يعاني من نقص الغذاء والخدمات الصحية التي تكاد تنعدم تماماً، وكذلك نقص مياه الشرب وانعدام التنمية التي تعد من عاشر المستحيلات في جنوب السودان في ظل أرقام قياسية للفساد من قمة الهرم إلى أدنى موظف في الخدمة المدنية وهو لا يفرق بين ماله والمال العام وليس لهم التزام غير المرتبات، وقد وجدوا لها علاجاً لشهرين فقط بعد أن استلموا ثلاثة مليارات من مبيعات النفط في باطن الأرض من جملة ثمانية مليارات استلام متبقيها بعد ضخ النفط، وتقوم استراتيجيتهم لإسقاط حكومة الخرطوم عبر التزاماتها تجاه شعبها وهم ينتظرونها تعجز ومن ثم يثور الشعب ليأتي الحلو وعقار وعرمان لحكم الشمال، وبذلك تحكم الحركة الشعبية الأم السودان كله، وهذا ما يسمونه الطريق الثالث للوصول إلى استراتيجية جون قرنق والتي تقوم على حكم الجنوبيين للسودان كله مثلما حكمه الشماليون لقرون، وقد حان الوقت ليترجل الشماليون سلماً أم حرباً. { التعبئة التي أعلنها الرئيس البشير أمس تهدف إلى وقف الحرب والاقتتال، وذلك بوضع حد لهذه الأحلام التي تسري في منام هؤلاء الحالمين، وعلى الشعب وبالذات الشباب الاستجابة لهذه الهبّة الوطنية وتكوين ألوية الردع، وعلى علماء الأمة تحرير فتاويهم بقدسية الحرب التي سنخوضها ضد هؤلاء، وعلى الشعب أن يعي أن ما يخطط له هؤلاء يفوق كل تصور يمكن أن نتصوره ولتستبين جزء من هذا المخطط تخيّل عزيزي القارئ أن هذه البلاد يحكمها باقان وعقار والحلو وعرمان، وكيف سيكون الوضع وكرامتنا وقتها وقيمنا وعاداتنا ونسيجنا الاجتماعي المحافظ. حقيقة هم أقل من أن يفعلوا ذلك وحتى يكفوا عن المحاولة سيستمر النزاع ولن تتوقف الحرب إن لم نتكاتف وتنطلق التعبئة ويروا منا كشعب ما لا يسرهم، وأيقنوا أن الشعب سيصبر حتى يعبر ولن يثور كما ينتظرونه بل يثور في وجههم هم ولن يخدم مخططاتهم وهذا ما يجب أن نفعله.