{ ترى هل تندرج مسألة الواسطة والمحسوبية واستغلال النفوذ تحت بند الفساد الإداري الذي خُصصت له مفوضية بأكملها، أم أن انتهاك المال العام لا يتجاوز ما نسمع به كل يوم من اختلاسات مالية طائلة لا يُعرف لها أثر؟؟!! يدهشني جداً عدد الوظائف التي يبقى البعض متكلساً على كراسي السلطة بها حتى بعد أن يكوِّن ثروة طائلة ولا يرغب في النهوض والمبارحة ليمنح غيره فرصة الإصلاح والتطوير أو حتى الاستفادة.. وتجده يبذل قصارى جهده في التشبث بهذا الكرسي بكل الوسائل المشروع منها وغير المشروع حتى يكاد أحدهم يكون مشغولاً تمام الانشغال عن وظيفته الأساسية المهمة والمؤثرة في حياة الناس بما يحيكه من دسائس وما يأتي به من تصفية لحساباته الشخصية مع كل من يرى فيه الندية، ويفترض أنه يشكل خطراً على موقعه ومصالحه وسلطاته. { لهذا نشكو من الفساد.. ويشكو شبابنا لطوب الأرض من البطالة.. ويمعن (الكبار) في سن القوانين والتحايل بالقدر الذي يبقيهم على ما هم عليه سنين عددا.. يتمتعون بالسلطة والهيلمان.. يركبون العربات الفارهة ويبتكرون المشاركات الخارجية ويضحكون بصوتٍ عالٍ حتى تهتز أوداجهم المنتفخة من فرط السمنة التي تكدست شحومها على ضمائرهم وقلوبهم، فما عادوا يرون أبعد من جيوبهم وأفواههم. ترى حتى متى يطول عمر وظائف البعض ومناصبهم حتى ينتهي بالموت؟.. ولماذا تظل مؤسساتهم على ما هي عليه من بؤس وتراجع في الخدمات وتردٍ في بيئة العمل ولا يتنامى سوى دخلهم الفردي.. وكلما ارتفع صوت ينادي بالتغيير أو يأتي بفكرة للتطوير أو يقدم مقترحاته للتجديد؛ تركوا كل الملامح الإيجابية في شخصيته ومبادراته وانشغلوا بالبحث عن وسيلة لإقصائه ومحاربته!!! { لم يعد هناك قيادي نافذ إلا واستحق جميع أفراد أسرته اللقب وراحوا يتمتعون بكافة الميزات والصلاحيات المكفولة وغير المكفولة.. الظاهر منها والخفي.. المنطقي والمفتقر للمنطق.. بل أن بعضهم يصبح ملكياً أكثر من الملك، ويمعن في إظهار جبروته على خلفية تلك القرابة البعييييييدة من (سعادتو)!!!. يروعون الخلق.. ويفترون على الناس.. ويحصلون على كل ما يبتغونه بذريعة تلك القرابة.. يبذلون الوعود ويبيعون الوهم ويتاجرون بنفوذ ذلك القريب بعلمه أو دونه. فكيف بالله عليكم نمضي قدماً ونحن منغمسون كلياً في لعبة الكراسي تلك نلتفت حولنا كالمجانين خشية أن يبرز لنا منافس من حيث لا نحتسب ودون أن (نقص) عليه الطريق وما أدراك ما ذلك (القص) بكل تقاليعه المادية والمعنوية. { غير أنه لا بد أن تدور الدوائر وإن طال الأمد.. ويا ويح قلبي من مآلات أولئك الفراعنة الذين ظنوا يوماً أن سلطاتهم خالدة، فما لبثوا أن أتتهم الصاقعة فأصبح واحدهم بين ليلةٍ وضحاها نسياً منسياً، وراح يتخبط بين دواوين الخدمة الوطنية يستجدي الناس بعض العون والاحترام أعطوة أو منعوة، وليته احتاط لمثل ذلك اليوم فترك بعض الود القديم والامتنان محفوظاً في خزائن المودة. فدعونا لا نؤمن كثيراً بقضية النفوذ البائد تلك.. فمن تواضع لله رفعه.. ومن أكرم خلق الله أكرمة الله على ألا تكون تلك الإكرامية من ذلك النوع الذي دفع بنا لإنشاء تلك الآلية الضخمة لمحاربة الفساد والتي أحسبها عاراً في جبين أمتنا لم نكن في حاجة إلية لو أننا علمنا علم اليقين بأن هذه الدنيا غرورة ولا تدوم على حال وكل (كرسي) مصيره وصاحبه إلى زوال. { تلويح: لم تعجبني يوماً لعبة الكراسي التي كنا نلعبها صغاراً، فهي لم تكن سوى تدريب مبكر على هذا (المرض) وفيها الكثير من انتهاك الطفولة.. فلا تلعبوها كباراً كي لا تنتهكوا القيم والإنسانية.