معظم التعريفات التي تناولت الفساد الاقتصادي ربطته بالوظيفة العامة حينما تستخدم للحصول على منفعة ذاتية ومكاسب شخصية والعلاقة بين الفساد الإداري والاقتصادي والذي يمهد له الفساد السياسي أيضا علاقة تبادلية لأن الصغار يستغلون وظائفهم للحصول على مكاسب شخصية بينما الكباريوظفون نفوذهم في التحكم في المال العام والسيطرة على الموارد بحكم تكاليفهم السياسية والإدارية، كما أشار رجال الاقتصاد الى أن الفساد ينتشر مع غياب المنافسة السياسية من الأحزاب وتغييب مهمة المجتمع المدني في السياسة والاقتصاد ذي النمو الضعيف والمنهك الى جانب ضعف المؤسسات التشريعية والرقابية والقانونية التي تراقب الفساد وتترصده و تتعامل مع آثاره وفي مثل هذه الحالة تنعم المساءلة والعقاب. القرآن الكريم وضح الأسس التي تمنع الفسادفي السياسة والأموال با لتركيز على العدالة في التوظيف لأصحاب الكفاءة والتخصص والخبرة والأمانة وتحمل المسؤولية "ياأبت استأجره إنّ خير من استأجرت القوي الأمين" بميزان الله وليس بميزان البشر وهؤلاء هم الذين هم الذين قال عن صفتهم سيدنا"علي –رضي الله عنه":"توخ فيهم أهل التجربة والحياء-فإنهم أكرم أخلاقا وأصح أعراضا وأقل في الطامع وأبلغ في عواقب الأمور نظرا" كما ركز علىأهمية المحاسبة لشاغلي المناصب الدستورية فالرجل الذي استعمله الرسول –صلى الله عليه وسلم-على االصدقة عزله لأنه قال :"هذا لكم وهذاأهدي لي"فصعد المنبر وقال:"ما بال العامل نبعثه فيجيئ ويقول:هذالكم وهذا أهدي إلي،ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى له أم لا لايأتي أحد منكم بشيئ من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء أو بقرة فلها خوار –الخ الخطبة ز فما ذا لوكان ما جاء به قصرا أو شقة في الخارج أو مزرعة أو مصنعا أو غير ذلك مما يجيئ تحت بند "الكومشنات والهدايا والإكراميات وغيرها. المسؤول الذي يحقق اية مكاسب بحكم وظيفته لابد أن يعزل ويقدم للمساءلة والمحاكمة وإن رد كل مااتهم به لأن المسألة أخلاقية وخيانة للأمانة واستخفاف بالسلوك فقد كان سيدنا"عمر "رضي الله عنه-يحاسب الولاة حسابا شديدا فيحصي ممتلكاتهم قبل الولاية وبعدها ويسجل بنفسه إقرار الذمة ولايطلب منهم ان يقروا بما عندهم وربما بما سيكون عندهم،فإذا ظهر له مال غير مبرر اوهيئة مريبة أخذها منه وردها الى بيت مال المسلمين دون محاباة أو مجاملة. المال هو عصب الحياة وأساس النمو والازدهار والتحضر شريطة ألا يكون دولة بين فئة من الناس تحصل عليه بطرق غير مشروعة وباستغلال للنفوذ لما لذلك من نتائج تتمثل في الفقر والجوع وهما صنوا الكفر حيث كان رسول الله—صلى اللهعليه وسلم-يتعوز من الكفر والفقر لأن غضبة الجوعى مدمرة وعواقبها وخيمة . إنّ المجتمعات المتقدمة والمتحضرة هي التي تحصن نفسها من انتشار الفساد وبخاصة المالي بسن القوانين الرادعة التي تحفظ حق المجتمع وتضبط حركة الأموال جلبا وانفاقا، موارد ومصادر زيادة ونماءِ وبذلك يعافى المجتمع من الأنانية والأثرة والطمع والجشع والحقد الطبقي والظلم الاجتماعي والاستبداد والطغيان الناتج من تزاوج السلطة بالثروة والنفوذ بالمال والقرآن الكريم يعطينا صورة في شخص"قارون" الذي كان فاسدا بماله ومفسدا بنفوذه "إذقال له قومه لاتفرح إن الله لايحب الفرحين(بمالهم) وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لايحب المفسدين" فالماله هو أكبروسائل الإفساد إذا كان جمعه بطريقة تتنافي مع مقتضيات الأحوال ومعطيات الحياة والتزام القيم الأخلاقية . الله –سبحانه وتعالي ذكر نوعا من الفساد السياسي الذي مارسه قوم "شعيب"الذي قال لهم ك"أوفوا الكيل ولاتكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولاتبخسوا الناس أشياءهم ولاتعثوا في الأرض مفسدين" إن تأثير أصحاب الأموال على القرار السياسي أو الاقتصادي بما يخدم مصالحهم وشبع جشعهم يتمثل في حرصهم على المشاركة في الوزارات والأجهزة التنفيذية والتشريعية وبعض المناصب الحساسة في الدولة واحتكار مجالس إدارات متعددة واللجان السياسية والاقتصادية ؛الأمر الذي يؤدي في النهاية الى الإضرار بالمجتمع وتععطل التنمية وشيوع العقود الوهمية واحجام الاستثمار الخارجي وهروب رأس المال الوطني طلبا للأمان وخوفامن الفساد زيادة على هجرة العقول والكفاءات بحثا عن التقدير والعدالة والتقويم الصحيح كما أن ممارسة المسؤولين لأنشطة تجارية وامتلاك شركات باسمائهم أو أسماء زوجاته وأبنائهم أو أقربائهم يجسد قمة الفساد وخيانة أمانة الوظيفة وغير ذلك. يقول رئيس منظمة الشفافية العالمية –مع التحفظات في مدى شفافيتها--:"إن الفساد في عملية ابرام وتنفيذ العقود يعتبر كارثة كبيرة على الدول المتطورة والنامية على حد سواء وعندما تكون الرشوة كبيرة ويغلب المال على القيم تكون النتيجة انشاءات رديئة وإدارة ضعيفة للبنى التحتية ،إن ما يعمله الفساد هو رفع التكلفة وتخفيض مستوى الجودة" إناهم سباب الفساد بأشكاله المختلفة وصوره المتعددة هو انتفاء الخوف من الله والإيمان بأن الله سائل كل راع عن ما استرعه حفظ أم ضيع. Dr Abbas Mahjoob [[email protected]]