{ في الوقت الذي يجب فيه دعم الحكومة من كافة قطاعات الشعب بما في ذلك الأحزاب السياسية للحفاظ على وحدة واستقرار البلاد يخرج علينا بعض المتعجلين وهم يستخدمون سلاح العاطفة لتشتيت تركيزها وشغلها بمعارك داخلية مع الطيب مصطفى وطنون وهم يفصلون في كل شيء ويطلقون أحكاما دون أن تتوفر لهم المعلومات الكافية وقد خرج علينا منبر السلام العادل ببيانه قبل أن يطالع تفاصيل ما تم الاتفاق عليه لأنه بصراحة يؤسس أحكامه على موقف مبدئي وعدائي لكل ما هو جنوبي وكذلك هم يقرأون هذه الوثيقة منفصلة عن كافة الظروف الأخرى التي تتأثر بها وكذلك من غير التكتيكات الفنية التي يمكن أن تأتي لاحقا في مرحلة اللجان التي تفصل في الوثيقة وتنزلها إلى أرض الواقع وحتى يحدث كل ذلك لابد أن تكون هناك تفاهمات أخرى سيتم إنجازها في الملفات التي فيها مصلحة لأهل الشمال ومنها الحدود والنفط والحركات المتمردة الموجودة في دولة جنوب السودان. { لسنا من الذين يدافعون عن الحكومة حتى وإن هي أخطأت بل نعمل على نقدها وقد فعلنا ذلك كثيرا ولكننا والحمد لله نتسلح بوعي كبير ونحسب الأمور بشكل مغاير ونقرأ الصورة كاملة وليست مجزأة ونطلق أحكامنا في الوقت المناسب غير متعجلين ونعلم أن للقلم دوره وغدا قد تكون البندقية أبلغ من القلم وعندها سنقول (ضع القلم) وأقسم بالله سنحارب من أجل الشمال بكل ما نملك من طاقة ومن أجل شريعته وسنتقدم الصفوف حتى لا نترك لمثل هذه العناصر العنصرية واليسارية التي تستقوي علينا بالأمريكان لتنال من هذا الشعب ولن تنال منه بإذن الله. { هناك البعض الذي يؤسس مقالته حتى وإن كان داعما للاتفاق الإطاري على معطيات وهمية وهم يظهرون للقراء وكأنهم أصحاب حكمة وأكثر ديمقراطية وإنسانية ولهم إسهاماتهم في إنصاف المظلومين وقد كانت مسيرة هؤلاء قد بدأت بالكتابات عن الرق وهم يجارون الغربيين حتى يظهروا عصريتهم وانفتاحهم ونصرتهم لحقوق الإنسان وكل ذلك هو مجرد (موضة) يهرول إليها المثقفون وبعض الأقلام التي ما زالت للأسف خاوية على عروشها من أي ذرة وعي وما يستتبع من معرفة بحقيقة الصراع الإستراتيجي في هذه الأرض الذي هو أحد العلوم التي حبست عن المسلمين من داخل مؤتمر صهيوني انعقد في خواتيم القرن التاسع عشر ولذلك كانت الاغتيالات التي جرت لعلماء مسلمين إما لأنهم برعوا في الفيزياء وصناعة القنبلة النووية أو في علم الصراع الإستراتيجي ولذلك ما تمارسه هذه الأقلام هي مجرد ممارسة (أفندية) حتى في عالمنا العربي الذي عجز حتى الآن عن الوصول إلى حقيقة من يقف خلف الربيع العربي وما زالوا مختلفين وساذجين في قراءاتهم لأن الأدوات التي تفسر ذلك أخفيت عنهم منذ أكثر من قرن. { نعود إلى (الحريات الأربع) ولا نقلل من دور منبر السلام العادل أو أي دور آخر لأية جهة أخرى ولكن يجب أن نستمع للوفد وهو بلا شك يضم أميز الكوادر الفكرية والسياسية ولديهم خبرات واسعة في فن التفاوض وبالذات مع هؤلاء الجنوبيين وهم الأقدر على فهم المعطيات وتفسير التطورات قبل وقوعها ولهم من القدرات التكتيكية ما تعجز عنه العقلية الجنوبية التي هي أيضا تتسلح بالعاطفة والكراهية مثل المنبر وزمرته ولن يستطيع الأمريكيون تسجيل هدف في مرمى وفدنا المفاوض إلا برغبته هو ولأسباب يعلمها ويتحسب لها وكذلك فإن الوفد المفاوض يتحلى بالوطنية والقيم الدينية السمحة والنظرة الثاقبة ولذلك دعوهم يكملون المشوار دون ضغط ودون إجبارهم للكشف عن كافة أسرارهم وتكتيكاتهم وأدواتهم وهذا وحده يمكن أن ينسف كل ما بنوه في سبيل اجتياز هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ بلادنا وحتما سنتجاوزها سلما أم حربا وعلى الذين يخشون انزلاق الوطن لقمة سائغة في أيدي الأمريكان والعنصريين والجنوبيين نقول لهم جهزوا أنفسكم لنحارب من أجل الشمال وأنا أعلم أن شكواهم في ذلك قوية ومؤثرة وكلنا بجانبهم من أجل هذا الشمال الحبيب. { من الأفضل أن ننتظر حتى تكتمل الصورة وفي المقابل يجب أن يجهز أهل الشمال لحماية أنفسهم مما يتربص بهم وبوطنهم وأن هؤلاء يريدون ضعاف النفوس مثل نصر الدين الهادي والتوم هجو ليكونوا هم حكام أهل السودان في زمرة عقار وعرمان والحلو ويجب أن يعلم أهل الشمال أن مشكلتهم الأساسية ليست مع أمريكا ولا مع باقان وإنما مع ابن عاق هو ياسر عرمان فهو من يؤلب كل ذلك ضد وطنه للأسف.