*قبل أيام أعلن الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم رغبة حكومة ولايته في تفكيك المؤسسات الحكومية المطلة على شاطئ النيل، لتصبح مفتوحة للناس. وقال: “سنقرع جرس المزاد على مكتب الوالي نفسه، وتليه وزارة الشباب والرياضة وديوان المراجع العام، وستذهب عائدات البيع لدعم السياحة والفندقة”. * أكد الوالي أن المرافق الحكومية التي تقدم خدمات للمواطنين سترحل إلى مواقع قريبة من سكنهم، كالجوازات والجنسية والسجل المدني، وأعلن عزمهم ترحيل بعض الجامعات من وسط الخرطوم، باستثناء جامعة الخرطوم باعتبارها من زمرة الآثار التاريخية. * نقول للدكتور الخضر إن الخرطوم بشكلها الحالي (مدينة مخنوقة)، تمسك بتلابيبها عشرات المقار الحكومية، ومباني القوات النظامية. *وهي مزدحمة وسيئة التخطيط، السير في طرقاتها البالية المتشققة يهدر الوقت ويتلف الأعصاب. * قال الخضر: لا توجد ضرورة لجلوس الموظفين على النيل! *حينها تذكرت مقولة من تعجب لحالنا، بدعوى أننا ندفن موتانا (على النيل) ونسكن الضهاري! * تسعون في المائة من موظفي الخدمة المدنية ومنسوبي القوات النظامية في العاصمة يعملون في مواقع تواجه النيل، أو تقع بالقرب منه. * وتستأثر معظم الوزارات بمقار (سياحية) وطلة (بحرية)، وعلى رأسها: الخارجية، الداخلية، السياحة، الصحة، التربية والتعليم (ولائية واتحادية)، التخطيط العمراني، ديوان المراجع العام، الشباب والرياضة، المجلس الأعلى للاستثمار بخلاف الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري. * ولم تغفل القوات النظامية حصتها من كعكة همبريب النيل الجميل، فاقتطعت مساحات كبيرة على الشاطئ، مثل السلاح الطبي، المهندسين، الموسيقى، المظلات، النقل، التموين، الإشارة، الصيانة، التصنيع الحربي، المتحف الحربي وخلافه. * فهل سيستطيع الخضر نقل كل هذه المقار إلى مواقع جديدة تليق بطبيعة عملها؟ * علاوة على ما ذكرنا هناك مصالح حكومية تستأثر بمساحات ضخمة في وسط الخرطوم. * القيادة العامة مثلاً تقوم على عدة كيلومترات مربعة في منطقة استراتيجية مهمة، ويقتطع المطار مساحة ضخمة في قلب الخرطوم، بخلاف بقية الوزارات والمؤسسات الحكومية والجامعات الكبيرة مثل النيلين والسودان المبشرتين بالنقل إلى مقرين جديدين. * هذا بخلاف حي المطار المخصص في مجمله لسكن كبار المسؤولين. * شخصياً أعتقد أن كل عمليات التجميل لن تجمّل قبح العاصمة. * الخرطوم بشكلها الحالي مدينة قبيحة الوجه، مترهلة البدن، متسخة الملامح، غبراء، شعثاء، شمطاء، قبحها ظاهر، وجمالها مستتر وليس لها أدنى علاقة بهيئة العواصم. * نحن بحاجة إلى قرار تاريخي يقضي بإحالة هذه المدينة القبيحة إلى المعاش الإجباري، وإنشاء حاضرة جديدة تحمل هيئة العواصم، وتجعل من يزورها يشعر أنه في دولة متحضرة، مثلما فعلت نيجيريا التي هجرت لاغوس وأنشأت أبوجا بعد أن استحال عليها تجميل عاصمتها القديمة. * أي مساعٍ تُبذل لإجراء عمليات تجميل للعاصمة (الشمطاء) لن تزيل قبحها المقيم، وستهدر المال في ما لا يجدي. * السودان بحاجة إلى عاصمةٍ جديدة. * لن تصلح (عطارة الخضر) ما أفسدته دهور الإهمال