ابننا الأستاذ أبشر الماحي.. حياكم الله.. لقد أصبحتم منبراً فاعلاً وشاهقاً، جزاكم الله عنا، وعن مشيخة القلوباب ومريديها، وعن الإسلام والمسلمين خيراً. اليوم ندفع لكم بهذه البراهين والأدلة التي تدحض دعاوى البعض في عدم جواز وثواب قراءة القرآن للميت.. وإلى متن الرسالة.. دليل وجواز ما جاء في قراءة القرآن عند القبر حالة الدفن وبعده أنه يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ ويستغفر له ويتصدق عليه ذكره أبو حامد في كتاب الإحياء وأبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له. قال محمد بن أحمد الموروذي سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول: إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم. وقال علي بن موسى الحداد: كنت مع أحمد بن حنبل في جنازة ومحمد بن قدامة الجوهري يقرأ، فلما دفنا الميت جاء رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة على القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد: يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر بن إسماعيل قال: ثقة. قال: هل كتبت عنه شيئاً. قال: نعم. قال أخبرني مبشر بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن العلاء بن الحجاج عن أبيه أنه أوصى إذا دُفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها. وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك قال أحمد: فارجع إلى الرجل فقل له أن يقرأ. وقد خرج السلفي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرها للأموات أُعطي من الأجر بعدد الأموات». وروى من حديث أنس خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا قرأ المؤمن آية الكرسي، وجعل ثوابها لأهل القبور، أدخل الله في قبر كل مؤمن من المشرق إلى المغرب أربعين نوراً ووسع الله عز وجل مضاجعهم وأعطى الله للقارئ ثواب ستين نبياً ورفع له بكل ميت درجة وكتب له بكل ميت عشر حسنات». فإن قيل لقد قال الله تعالى: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى». وهذا يدل على أنه لا ينفع أحد عمل أحد، قيل له هذه آية اختلف في تأويلها أهل التأويل، فروي عن ابن عباس: إنها منسوخة بقوله تعالى: «وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ». «فيجعل الولد الطفل في ميزان أبيه يوم القيامة ويشفع الله تعالى الآباء في الأبناء والأبناء في الآباء، يدل على ذلك قوله تعالى: «آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا». وقال الربيع بن أنس: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى» يعني الكافر، وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره. وكان الشيخ الفقيه القاضي الإمام مفتي الأنام عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله يفتي بأنه لا يصل إلى الميت ثواب ما يُقرأ له، ويحتج بقوله تعالى: «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى». «النجم الآية 39». فلما توفي رحمه الله رآه بعض أصحابه ممن كان يجالسه وسأله عن ذلك، فقال له: إنك كنت تقول: إنه لا يصل للميت ثواب ما يُقرأ ويُهدى إليه فكيف الأمر. فقال له: «إني كنت أقول ذلك في دار الدنيا، والآن فقد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله تعالى في ذلك، وأنه يصل إليه ذلك». وقال ابن تيمية إن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم كما ينتفع بالعبادات المالية من الصدقة والاستغفار والدعاء. وقال ابن قيم الجوزية في كتاب الروح أفضل ما يُهدى إلى الميت قراءة القرآن الكريم والدعاء والاستغفار والحج وغيرها كثير من الأعمال الصالحة. مقدم البحث الإمام الشيخ عثمان محمد الصادق القلوباوي إمام وخطيب مجمع القلوباوي الإسلامي الثورة الحارة 29 شمال