نبرات التحدي والثقة في النفس سيطرت على المشهد أمس بقاعة الصداقة، وأبعاد المؤامرة التي تحاك ضدّ البلاد لم تغب عن إدراك الحضور، وهي جزئية طرق على وترها المتحدثون في منبر نساء الأحزاب والقوى الوطنية الذي احتضنت فاعليته القاعة الدولية. المؤامرة هي التي وحّدت السودانيين أجمعين على قلب واحد في الأيام الماضية التي تلت استعادة هجليج. العديد من المتحدثين بالأمس أجمعوا على ضرورة الإعداد العسكري والاستعداد لمعركة طويلة الأمد، وهو ما عبرت عنه حالة التعبئة والحماسة في أجواء غلب عليها الشعر الحماسي والغناء الوطني، وتداخلت معها هتافات: مليون شهيد فداء التوحيد، في اللحظة ذاتها كانت والدة الشهيد علاء الدين فاولينو تضع أولى خطواتها على مكان الاحتفال، ليتدافع نحوها الجميع في عناق مهيب أضفى على المشهد عبق الصدق والوفاء للشهداء الكامن في أرواح نساء السودان. الدويم أبوعبيدة عوض ردد الجميع مع رفيعة إبراهيم: (أنا ليهم بقول كلام، دخلوها وصقيرها حام)، وبالطبع أنغام (يا وطني يا بلد أحبابي) هي الأخرى كانت حاضرة، بالإضافة لحماسيات الحكامة التي يطلق عليها العديد من المقاتلين لقب (الراجمة أربعة وعشرين). روضة الحاج كانت حاضرة وقدمت الروائع التي امتزج من خلالها الشعر بالدموع. دموع الدكتورة تابيتا بطرس أجبرت آخرين أيضاً على أن تفيض عيونهم بالدمع. المتحدثون ظلوا يشيرون باستمرار إلى وطنيتها هي ودانيال كودي الحاضر في المحفل، وإدراكهما لأبعاد المخطط الذي ينفذه بعض أبناء السودان ضده، وهو ما ذهب إليه مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني د.نافع علي نافع الذي خاطب حشد نساء الأحزاب مؤكداً أن الحكومة والأحزاب الوطنية التي تدافعت نساؤها إلى القاعة لم تخذل الشعب السوداني. نافع قطع بعدم الحوار مع الجنوب مؤكداً: سنحاورهم فقط بلغة هجليج، مضيفاً نحن أدركنا أن الحركة الشعبية ومن وراءها لا يفهمون إلا هذه اللغة، قبل أن يستدرك أن الحركة جناح السلام – هي حزب يرأسه دانيال كودي ود.تابيتا بطرس- وطنيون وانحازوا إلى الوطن. مساعد الرئيس مضى بالقول خلال مخاطبته للفعالية إلى أن الذين يقاتلون إنما يقاتلون في حرب ليست لهم، وهو ما أكده دانيال كودي عندما قال إن كلاً من عبد العزيز الحلو ومالك عقار يحارب في حرب لا ناقة لهما فيها ولا جمل. وكشف في الوقت ذاته عن اتصالات جرت بكل منهما وأنه أخبرهما بأن هذه الحرب ليست في صالح أهل جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأنها حرب تقف من ورائها جهات خارجية تستهدف السودان. كودي أردف بأن علينا الآن خلع جلبابنا الحزبي وارتداء جلباب هذا الوطن، مشيراً إلى أن دوافع رفضهم للحرب في جنوب كردفان تأتي من علمهم أنه لا مصلحة لأهل جبال النوبة في الحرب، وأن المنطقةة ستكون مسرحاً لقتال يزيد معاناة المواطنين هناك. كودي مضى خلال حديثه داعياً القوى السياسية إلى التوحد ونبذ الجهوية والعمل وفق الثوابت الوطنية، قبل أن يضيف أن (الحرب ليست حقتنا) مستشهداً ببيان تحالف كاودا الذي قال إن من أهدافه إسقاط النظام. وتساءل الرجل ساخراً: (طيب جنوب كردفان ذنبه شنو)؟ توحد القوى السياسية وتشكيل جبهة وطنية عريضة كانت من المطالب التي أجمع عليها قادة الأحزاب السياسية، وهو ما أشار إليه د. نافع الذي شبه هجليج بمعركة بدر، وقال إنها كانت بداية لمعارك فتح مكة. وأردف لأنها أقامت فاصلاً بين الحر الوطني والعميل المرتزق، وأبان نافع أن سلوك الحلو وعقار وحركات دارفور هو سلوك لا يشبه أهل السودان ولا يمكن أن يكونوا جزءاً منه، على حد تعبيره. ممثل الاتحادي الديمقراطي المسجل السماني الوسيلة طالب بضرورة الاستفادة من الإجماع الوطني الذي خلقته أحداث هجليج، وأشار إلى أن هجليج مثلت درساً في الوحدة الوطنية وملحمة وطنية رائعة يجب أن تدفعنا نحو جمع الصف الوطني، مضيفاً: يجب أن تكون معركة هجليج هادياً نحو وحدة الصف الوطني، وهو ما ذهب إليه ممثل مؤتمر البجا الطاهر محمود أدروب. أدروب أكد أن سيادة الوطن فوق الجميع، وقال علينا بجمع الصف الوطني. وتطابقت رؤيته مع ممثل حزب الأمة الموحد وزير الدولة بالداخلية بابكر دقنة بعد أن أكدا على جاهزية واستعداد القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى للذود عن حياض الوطن والدفاع عن حدوده. الأخير أشار إلى أن تحرير هجليج لم يكن بانسحاب جيش دولة جنوب السودان، بل إن القوات المسلحة دخلت عنوة مستخدمة استراتيجية كسر المربع، وهو درس للغربيين ورسالة مفادها أنه لا يمكن تقويض السودان بهذا الأسلوب، وأردف اليوم على الأحزاب السياسية ترك أحزابها والعمل من أجل الوطن وتحرير أي شبر من ترابه. نائبة رئيس البرلمان سامية أحمد محمد ذهبت إلى أن استعادة هجليج وتلاحم الشعب مع الجيش هي رسالة يجب أن نسطر منها برنامجنا الوطني، وأضافت أن الشعب السوداني قدم لنا مشروعاً مفاده أن الوطن ملك للجميع، وأشارت إلى أن ما جرى في هجليج يهدف في المقام الأول إلى ضرب الاقتصاد الوطني للبلاد، مؤكدة بنبرة كلها تحدٍّ: "إذا أرادوها حرباً اقتصادية فنحن لها". أما رئيسة منبر نساء الأحزاب والقوى الوطنية د.أميرة أبوطويلة فقد حيّت مجاهدات القوات المسلحة مؤكدة وقوف النساء في خندق الفداء مع القوات المسلحة، داعية إلى ضرورة الإعداد والجاهزية