من جديد، مسبحة الأحداث توالي كرّها بوتيرة متلاحقة، كانت القرارات تترى حول قضية اهتمت بها المجالس وصحافة الخرطوم كثيراً خلال الأيام الماضية. (الأهرام اليوم) كانت من أوّل المنابر التي لاحقت أنفاس الحدث، واهتمت بتفاصيل قضية صادر الثروة الحيوانية من الإناث، معملة مجهر النقد والتمحيص على كلّ ما صدر من قرارات في الفترة المنصرمة، وقامت باستتباع تاريخي لأصل وفصل القضية، كما رصدنا من خلال أعدادنا المنصرمة عدداً من المؤتمرات الصحفية والمذكرات الصادرة حول الملف. في السياق لم تغفل الصحيفة أقوال المحللين والمهتمين، كما أبرزت جوانب التضارب بين أجهزة الدولة الرسمية في ما تتالى من قرارات. الخرطوم - الأمين علي حسن اولأنّ الاستغراق في تفاصيل هذه القضية التي تهم الجميع هو واجب اضطلعنا به ووضعناه على عاتقنا، فإن الموعد مع وزارة الثروة الحيوانية والسمكية والمراعي بالأمس كان بلا شكّ مدرجاً على أجندتنا. الوزارة خرجت من صمتها وأعلنت على لسان وزير الدولة مبروك مبارك سليم استمرارها في إصدار تصاديق تصدير إناث الماشية، التزاماً بتنفيذ قرار مجلس الوزراء لعام 2008 القاضي بالسماح، ورهن إيقاف استخراج تصاديق التصدير بصدور قرار من مجلس الوزراء. سليم اعتبر أنّه لا توجد جهة من حقها إلغاء القرار ولا يُلغى إلا بقرار آخر من مجلس الوزراء، كما أنه لا توجد جهة - بحسب الاختصاص - أدرى منهم بمصلحة القطيع القومي، مشيرا لحرص وزارته على إجراء موازنة بين المسحوب من الماشية للصادر والسوق المحلي والانتاج العلفي، قاطعاً بالقول إنّ صادر الإناث لا يؤدي للتفريط في السلالة لجهة أن الذكور هي التي تحمل الصفات الوراثية أكثر من الإناث، كما أكد على وجود ضوابط قوية تمنع نقل الصفات الوراثية، منها تسجيل السلالة في الملكية الفكرية بغرض الحماية. سليم استبعد كذلك وجود أيّ تضارب في الاختصاصات بين وزارته والجهات الأخرى، وقطع في مؤتمره الصحفي الذي انعقد أمس بالوزارة على أن حماية الماشية السودانية من سلطة وزارته، وأن قرار مجلس الوزراء قرار حكيم وسبقته عدة دراسات من ضمنها تمثل المراعي الطبيعية حوالي 44% من جملة الأراضي بالوطن إذ تمثل 260 ألف فدان منها الغابات 18% والاراضي المزروعة 7% والمساحة المائية 5% ، مبيناً أن جزءاً كبيراً من المراعي الطبيعية تأثر بانفصال الجنوب. وزير الدولة كشف عن أن وزارته الآن بصدد إجراء إحصاء حيواني بالبلاد وأوضح أن جملة الحيوانات بالسودان حسب السجلات تبلغ (146,350) مليون رأس حسب التعداد الراهن، الأبقار (41) مليون رأس ،الضأن (50,4) مليون رأس، الماعز (42,8) مليون رأس ،الابل (4,1) مليون الحمير (7,3) مليون راس، الخيول (750) ألف رأس، وحول إحصائيّة الإبل المشار، إليها قال إنّ الإناث المنتجة منها تمثل (47,3%) و(1,6) مليون إناث غير منتجة (31,1) % أي (1,4) مليون إناث كبيرة السن غير منتجة (20.6%) أيّ (680) ألفاً. مشيراً إلى أن مساحة المراعي الطبيعية (81) مليون طن، ومخلفات التصنيع الزراعي (3,366) مليون طن، وأن الأعلاف الموجودة في السودان (10,300) مليون طن بينما يبلغ الاحتياج السنوي للأعلاف (26.8200) مليون طن لتصبح الفجوة العلفية في السودان في حالة الأمطار الغزيرة (17,834) مليون طن، مبيناً أن هذا يؤكد أن حجم الحيوانات أكبر بكثير من الأعلاف، لافتاً الى أن هذا ما حدا بمجلس الوزراء لاتخاذ القرار للسماح بتصدير إناث الماشية، بالإضافة الى عوامل تداخل المراعي والتعدي عليها بواسطة الزراعة، علاوة على تدهور عملية حصاد المياه رغم المجهودات في الحفائر، حيث أوضح أن العجز في السقي بلغ (638,9) متراً مكعباً ما يجعل الحيوانات تدخل مناطق التماس لتجلب مشاكل، لافتاً أن الامر اضطر الحكومة لعمل مشروع حصاد مياه بمبلغ (50) مليون دولار في الجنوب، بالإضافة الى التهديدات الامنية لاستقرار المراعي، مؤكداً أن كل هذه الحيثيات دعت مجلس الوزراء ليتخذ قراراً بفك الحظر على صادر إناث الثروة الحيوانية المنتجة وغير المنتجة، وأن يتم التخصص في الإنتاج حسب طلب الأسواق عالمياً، وتخصيص مشروعات استثمارية في القطاع المروي والزراعة الآلية لإنتاج الالبان واللحوم. سليم نوّه إلى أن الإناث في الإبل فقط تبلغ (3,330) مليون رأس، بينما عدد الذكور من الإبل (770) ألف رأس، لافتاً إلى أن الاناث لديها عمر افتراضي تموت بعده خاصة وان السودان لا يستخدمها كلحوم، وذكر ان انواع الإبل منها الهجن رهيفة الوزن تستعمل في السباق فقط وكانت في السابق تستخدم في الهمبتة والإسعاف، والتي حلت محلها السيارات بفعل التطور، وأكد أنه لايوجد لها سوق الا بدول الخليج. مبروك قال انه قبل صدور القرار كان مسموحاً بتصدير (30%) فقط من اناث الماشية، غير أنه أشار إلى أن المهرب منها كان اكثر بكثير من ذلك ما جعل الحكومة تفك الحظر لتقنين التصدير بإجراءات، وأكد سليم على أنّ صادر الإناث في العام الحالي منذ يناير إلى مايو الحالي لم يتجاوز (3,3)% اي (81,8) ألف رأس من خلال تصاديق رسمية، وعزا ارتفاع أرقام صادرها في الماضي لجهة أن الممنوع مرغوب، لافتاً إلى أن عائدها كان غير معروف للدولة لعدم وجود مستندات صادر رسمية، وأكد عدم وصول رقم الصادر منذ العام 1988 إلى نسبة ال(30)% ، حيث بلغت في العام 89م الصادرات من الإبل عامة (154) الف و(477) رأساً، بينما صادر الإبل في 2010 بلغ (172) ألف رأس و(196) رأساً ولم يتجاوز التصدير (14,5)% وفي العام 2011 صادر الإبل بلغ (151,208) ألف رأس لم يتجاوز الاناث منها (16,2%) فقط. من جهته أكد وكيل الوزارة انه لا توجد جهة أحرص منهم على القطيع القومي وتركيبته واعتبرها الادرى بمكوناته من حيث المسحوب والعلف، ونفى أن يكون التصدير يؤدي إلى خلل في القطيع مؤكداً وجود ضوابط قوية لمنع تنقل الصفات الوراثية. رئيس اتحاد الهجن سعد العمدة اعتبر أنّه لا غبار في إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء، الذي يسمح بالتصدير في حال أجمعت الجهات على ذلك، بيد أنه رفض أن يكون إيقاف التصدير وفق الأهواء الشخصية وبقرارات انفرادية، مؤكداً استمرار وزارة الثروة الحيوانية في استخراج التصاديق