أبناء الجنوب العالقون في كوستي.. تلاشي الأزمة بعد أكثر من عام عند بزوغ فجر اليوم (السبت) بميناء كوستي النهري ستبدأ الهواجس والظنون في التلاشي للعالقين من أبناء الجنوب طيلة الشهور الماضية في انتظار عودتهم إلى ديارهم. (أنجلينا) الفتاة الأبنوسية ذات العشرين ربيعاً وصويحباتها، اللائي روت (الأهرام اليوم) حكايتهن في الرابع عشر من أكتوبر العام الماضي سيمسحن دموعهن بأطراف أناملهن، والنظر إلى المستقبل بعيون أخرى، وهن عائدات إلى موطنهن الأصلي بالجنوب، بعد المُعاناة القاسية منذ ديسمبر 2010م بسبب اكفهرار السماء في رؤوسهن وهي تُعربد بفعل هطول الأمطار الغزيرة التي ضربت الأكواخ الصغيرة المصنوعة من المواد المحلية قُبالة الميناء البحري. الخرطوم- كوستي - بهرام عبد المنعم \ شاديه عبد الله \ * تفويج جوي اعتبارا من اليوم ستبدأ عملية تفويج (15) ألف مواطن جنوبي من العالقين بالميناء إلى مطار الخرطوم توطئة لترحيلهم إلى دولة الجنوب. وقال والي ولاية النيل الأبيض يوسف الشنبلي في أعقاب اجتماع لجنة أمن الولاية إن عملية التفويج للمواطنين العالقين ستتم حسب الاتفاق الموقع بين وزارة الرعاية الاجتماعية، ومنظمة الهجرة الدولية، ومفوضية دولة الجنوب، والمركز القومي للنزوح والعودة الطوعية لترحيل العائدين من الولاية إلى العاصمة الخرطوم، ومنها جواً إلى جوبا أو إلى عواصم بحر الغزال صبيحة (الأحد) الموافق الثالث عشر من مايو الجاري. ونوّه الشنبلي إلى أن عملية الترحيل ستتوالى يومياً إلى حين ترحيل جميع العالقين في ميناء كوستي النهري، مبيناً أن الأمتعة ستنقل عبر البر إلى داخل حدود دولة الجنوب، وأكد أن حكومته ظلت تقدم الحماية الأمنية، والدعم الإنساني، والرعاية الصحية للعالقين، بجانب تقديم التسهيلات اللازمة للمنظمات الدولية والوطنية التي تعمل في المجال الإنساني والطوعي، لافتاً إلى احتجاز دولة جنوب السودان ل(34) صندلاً نهرياً و(5) جرارات اُستخدمت في ترحيل الجنوبيين العائدين إلى دولتهم، مما أدَّى إلى عرقلة عملية ترحيل العائدين عبر النقل النهري. * وقوع الجرائم ليلاً من جهته قال معتمد محلية كوستي العقيد عبد المولى موسى محمد ل(الأهرام اليوم) إن الجنوبيين العالقين بميناء كوستي استمر وجودهم لأكثر من عام ونصف، كان من المفترض أن يتم ترحيلهم في ظرف شهر واحد إلى دولة الجنوب. مبيناً أن حكومة الجنوب أخفقت في الاستفادة من ترحيل المجموعة الأولى لعدد (3000) مواطن على ظهر (14) جرارا نهريا في أعقاب استغلالها للجرارات في نقل العتاد الحربي لشن الهجمات على شمال السودان، رغم علمها بأن الجرارات ملك لأفراد وليست للحكومة السودانية. وقال عبد المولى إن الميناء الجاف أُعد لاستقبال (3000) جنوبي، إلا أن العدد الموجود الآن لا يقل عن (15) ألفا، دون وجود للمرافق الصحية الكافية، مما يُسبب تهديداً بيئياً وتلوثا لمياه النيل، مما يشكل خطورة كبيرة على المواطنين في مدينتي كوستي وربك. وأكد المعتمد أن الأرض التي أُقيم عليها المعكسر ملك للمزارعين دون زراعتها والاستفادة منها طيلة الفترة الماضية، مشيراً إلى أن حكومة الولاية رغم بسطها للأمن، لكن الإجراءات الأمنية لم تمنع وقوع الجريمة ليلاً من بعض المتفلتين، موضحاً أن كل هذه التداعيات دفعت حكومة الولاية إلى اتخاذ الإجراءات بسرعة لنقل المواطنين الجنوبيين إلى دولتهم بتفويج (13) حافلة إلى مطار الخرطوم، على أن يستمر الترحيل يومياً إلى أن ينتهي في السابع والعشرين من مايو الجاري. * تكدس بالميناء النهري عن الأسباب التي أدَّت إلى تكدس الميناء بالجنوبيين كشف مساعد المفوض بمفوضية العون الإنساني بولاية النيل الأبيض صلاح تاج السر عن رحلات مرتبة في المرحلة الماضية بشراكة بين حكومة السودان وجنوب السودان ومنظمة الهجرة الدولية، لكنها توقفت نسبة إلى شُح الجرارات التي اتجهت إلى الجنوب دون عودتها مرة أخرى، مما سبَّب ضائقة في عملية النقل النهري وأدَّى إلى التكدس في الميناء، ونوّه إلى أن عملية الترحيل التي ستتم (اليوم) جاءت بجهد من اللجنة الأمنية بولاية النيل الأبيض برئاسة الوالي نسبة لطول بقائهم بالولاية التي تتكفل بالرعاية الصحية، وتوفير الغذاء لهم، بجانب الرعاية الأمنية، مما دفع حكومة الولاية بالتعاون مع المركز ومنظمة الهجرة الدولية للتعجيل بنقلهم، موضحاً أن حكومة الولاية وضعت ترتيبات كاملة لعمليات التفويج الذي سيبدأ (اليوم) ما بين الرابعة حتى السادسة مساء عبر البصات السفرية مع توفير الحماية الكاملة لهم إلى حين تسليمهم إلى ولاية الخرطوم، مبيناً أن التنسيق تم مع حكومة الجنوب والمركز القومي للنزوح والعودة الطوعية ومنظمة الهجرة الدولية لتستأنف الرحلات في صبيحة الأحد بمعدل نقل (522) إلى (576) جنوبيا يومياً. في ما يتعلق بالأمتعة كشف مساعد المفوض عن شاحنات ستسبق البصات لنقل (20) كيلو من الأمتعة للفرد، أما عن بقية أمتعتهم فقد تكفلت حكومة الولاية بتجهيز (15) شاحنة لنقل الأمتعة إلى الرنك. *صورة عن قرب مراكز العودة الطوعية التي أنشأتها حكومة الوحدة الوطنية تحتوي على (10) جملونات بمساحة 160 متراً للواحد، ويسع المركز (900) أسرة، وتمت تهيئة هذه المراكز لتكون محل انتظار (way station) لمدة يوم أو يومين وليس لأسبوعين أو ثلاثة كما هو حادث الآن، ويقول مفوض العون الإنساني بولاية النيل الأبيض فكري عرديب طبقاً لما أورد المركز السوداني للخدمات الصحفية إن العودة في الفترة السابقة كانت طبيعية وبمعدلات عادية، لكن قبل أسبوعين بدأت أعداد كبيرة من المواطنين الجنوبيين بالتوافد إلى الميناء للسفر إلى مناطقهم بالجنوب دون أن يأتي إخطار للمفوضية كما في السابق، وهو ما تطلب توسيع العمل لتقديم الاحتياجات الضرورية لهؤلاء المواطنين حتى لا تحدث مشكلات خاصة في الجانب الصحي. وزارة الصحة بدورها أنشأت أيضاً غرفة طوارئ وهي تتابع أحوال المنتظرين يومياً وقاموا بدعمهم بعيادة متحركة، علماً بأنه يوجد (36) حماما فقط لكل الموجودين وهو ما يهدد بانفجار صحي وإن كانت الجهات المسؤولة تقوم بدورها في إصحاح البيئة. وكشف المفوض عن مشكلة وسط الراغبين في العودة في الحصول على المياه التي هي مسؤولية الشركات حيث يتم نقل الماء ب(التناكر) للمراكز لكنها لا تكفي ما يستدعي تحرك المنظمات، ويؤكد المفوض أن الموقف تحت السيطرة رغم العدد الكبير الذي يصل إلى حوالي (500) أسرة بواقع (2.755) فردا، لكنها أرقام غير نهائية تتغير من الصباح للمساء ومن يوم إلى آخر، وفي السابق كان معدل الرجوع (700-900) أسرة في الشهر لكن الواقع تغير الآن.