نازك شمّام، سهى عبد الجبار بوتيرة متسارعة تتغيّر خريطة المعارك وتفاصيل استهداف الآخرين. الاشتباكات التقليديّة تمضي إلى غياهب النسيان وتحلّ مكانها في عالم اليوم في ظلّ ثورة الملتيميديا والإنفوميديا ما يسمّى بالحروب الإلكترونيّة. الهواتف الجوالة أصبحت وسيلة تُستخدم فيها المقسّمات الأرضيّة أو الأقمار الاصطناعية. ضحايا المكالمات الهاتفية وحملة الموبايلات يتزايدون والتكنولوجيا الحديثة - على سبيل المثال لا الحصر - أودت بضحيّتين العام الماضي في شرق السودان بعد أن تابع الإسرائيليون تحركاتهما عبر اقتفاء أثر الإشارات اللاسلكية ذات الطابع الكهرومغناطيسي والقابلة للارتباط بالهاتف مفتوحاً أو مغلقاً - المحمول يحتفظ بحرارته الكهربائية حتى عقب إغلاقه - طائرة إسرائيلية نفّذت المهمّة بعد قصفها الصاروخي الذي استهدف سيارة ماركة (سوناتا) قرب مدينة بورتسودان. في وقت سابق من العام 2010 اعتقلت الجهات الأمنية الصحفي بالزميلة (الصحافة) جعفر السبكي واتّهمته بالتخابر مع حركات دارفور. أحد الأدلّة حينها كانت مكالمات تمّ رصدها بين الرجل وقادة الحركات المتمرّدة في دارفور. المسألة في طيّاتها تحمل تأكيداً ضمنياً بأنّ هناك جهة ما تعمل على مراقبة الهواتف والتنصت عليها. الهيئة القومية للاتصالات كانت أوّل المعنيين في عين عاصفة الاتّهام بالتنصّت. الخبير الأمني ورئيس الجمعية السودانية للتقانة د.عادل عبد العزيز يقول إنّ أعمال المدفعيّة والقصف الآن تدار عن طريق القذائف الموجّهة بالليزر أو عن طريق الإحداثيات، بعد رصد الأهداف من خلال الإشارات التي تصدر عنها، وأهم مصدر للإشارات في الوقت الحالي هي الهواتف الجوالة - سواء تلك التي تستخدم المقسّمات الأرضية أو التي تستخدم الأقمار الاصطناعية. الهيئة القومية للاتّصالات نفت وجود علاقة لها بمراقبة المكالمات الهاتفية وإنّ أمر المراقبة اقتضته الحالة الأمنية للبلاد، وفي الوقت ذاته كشفت الهيئة عن وضع لائحة لتوجّهات تحدّ من الترويج المضلّل لتلك الشركات. النفي ساقه مديرها العام د. عز الدين كامل وهو يتحدّث في الملتقى الأسبوعي لجمعيّة حماية المستهلك نائياً بهيئته عمّا يُثار عن مراقبة المكالمات الهاتفية مشيراً إلى صعوبة إمكانية متابعة المكالمات لعدد (25) مليون مشترك، مضيفاً بالقول: ليس لدينا أمر مع شركات الاتّصالات لنراقب أيّ مكالمات، ولا علاقة لنا بذلك. عملية التنصت على المكالمات ليست قاصرة على السودان فقط ففي شهر مارس الماضي ظهرت في بريطانيا فضيحة تنصّت شركة (نيوز كوربوريشن) المملوكة من قبل روبرت مردوخ، على هواتف الآلاف من الشخصيات في بريطانيا، ووصلت في ثلاثة أشهر فقط إلى ما يزيد عن (200) مليون دولار. وتجرأت شركة مردوخ - الشريك الجديد في مؤسسات إعلام الأمير الوليد بن طلال - على التجسّس على هواتف العائلة المالكة ورؤساء وزراء بريطانيا، ووصل التجسس إلى أبعد من ذلك؛ داخل حجرات المسؤولين الخاصة..!! صاحبة الشأن الهيئة القوميّة للاتصالات فشلنا في تلقّي ردّ شاف منها بعد الاتّصالات المتكرّرة بمديرها العام لمعرفة المزيد حول القضيّة بعد تبرئتها لساحتها. شركة سوداني للاتصالات استبعدت أن تكون خدمة التنصت على المكالمات من ضمن خدماتها، وأكّدت إدارة التسويق بالشركة على لسان مزمل الطيّب على أنّ العدد الكبير لمشتركي الشّركة يمنع من أن تكون هذه الخدمة متاحة وأبان الطيّب في حديثه ل(الأهرام اليوم) أنّ شركات الاتصالات لا تتعمّد التنصت على مكالمات المشتركين مبيّنا أنّ القدرة الفنيّة للشركة يصعب معها السيطرة على جميع المكالمات الآتية في شبكة سوداني مؤكداً ما ذهبت إليه الهيئة القومية للاتصالات بعدم التنصت. إلا أن العميد أمن (م) حسن بيومي كشف عن أنّه من الصعوبة بمكان منح شركات الاتصالات تصديقات للعمل ما لم تكن خدمة التنصت على المكالمات مدرجة تحت قائمة خدماتها، غير أنّه أكّد على أنّ خدمة التنصت تحكم بشروط وقواعد وصفها بالصارمة، وقطع بيّومي في حديث خصّ به (الأهرام اليوم) بأنّ التنصت على المكالمات يقوم به جهاز الأمن غير أنه اشترط موافقة رئيس الجهاز لهاتف شخص بعينه ووفقا لشروط معينة تتم مراعاتها مشيرا إلى أن هذه الخدمة تقوم في إطار الحفاظ على الأمن القومي في المقام الأول وأشار إلى أن العملية تقوم وفقا لأخلاقيات ومبادئ حيث يوجه بعدم التنصت على المكالمات ذات الطابع الخصوصي للشخص مع أسرته ووصف عملية التنصت على المكالمات بالعملية المملة جدا موضحا أن الجهات الأمنية هي التي تقوم بتوجيه شركات الاتصالات بالتنصت على أشخاص بعينهم مبينا أنه ولدواع أمنية لا تكشف شركات الاتصالات عن هذه الخدمة خوفا من أن تفقد مشتركيها وأشار إلى أن الجهات الأمنية في إمكانها أن تطالب الشركات بمنحها بعض الأرقام لأشخاص تحوم حولهم الشبهات لافتا إلى أن الغرض الأساسي هو مقتضيات الأمن القومي وأكد على أن الدول المتقدمة تتبع مثل هذه الآلية لافتا إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدأت في التنصت على المشتبه فيهم في تهم الإرهاب وأكد على أن اتباع الأجهزة الأمنية للتنصت ليس رغبة فيه بقدر ما هو لدواع أمنية ولأغراض المتابعة وأشار إلى أن المكالمات المرصودة قد تكون من الأدلة في فك طلاسم بعض القضايا الحساسة