{ ألم تحسوا بالامتنان مثلي تجاه شركة السيارات (تايوتا) والتي عرّضت أرباحها ومصداقيتها لأكبر خطر يمكن أن تتعرض له مؤسسة؛ لأن الموديل الجديد للعام الحالي الذي طُرح في أواخر ديسمبر الماضي به عيوب تصنيعية في دواسة البنزين وقد تسبب في حوادث مقلقة ومميتة.. وتعتذر الشركة لزبائنها بشدة للقلق الذي سببته لهم! { هذا هو تقرير الشركة الذي أذاعته كل المنافذ الإعلامية العالمية المسموعة والمقروءة والمرئية والمتناقلة باعتباره من أهم الأخبار الصادقة في زمن الأكاذيب واللامبالاة.. { فالشركة لم تلقِ باللوم على القيادة غير الرشيدة لسائق موديلها الجديد (لنج) أو اتهمته بالقيادة تحت تأثير أي شيء أو حتى تظاهرت بعدم الاستماع لأخبار الحوادث.. { اعترفت ببساطة، وبلياقة ونضج اقتصادي كامل، بأن العيب منها! وسحبت مبيعاتها الجديدة لكنها أبقت على ثقة المستهلك بها وبحرصها على سلامته.. وسحبت قرابة «7.5» مليون سيارة حتى الآن! ما يقارب مجموع مبيعاتها للعام الماضي! { والعالم الغربي في عمومه لا يحفل بفداحة ذنب الفرد أو جرمه مهما بلغ التمادي الآثم به ويمكنه التسامح والتخفيف في العقوبات اللازمة، لكنه يحاسب الفرد، و بلا رحمة، حينما يكذب في الاعتراف بذنبه أو جرمه ولا يغفر له أبداً كذبته مهما صغرت أو لم تضر بأحد. والنماذج كثيرة ولا يتوانى الإعلام الغربي في إظهارها لتنبيه الناس لعقوبة الكذب والكذّاب. { ويصح هنا أن نستدعي الرئيس كلينتون كنموذج سابق! { وفي السودان لا تعتذر الشركات لأخطائها التصنيعية التي تؤدي بحياة الناس، ولا تسحب منتجاتها منتهية الصلاحية من الأسواق، بل تمنحها للباعة المتجولين يصرخون بسعرها الرخيص ويتهافت عليها الغلابى فتختفي السلع والصلاحية والحياة الناس! { ولا يحاسب أحد على كذبه أو ذنبه، خاصة إذا كان من رؤوس الأموال الوطنية المتحكمة في صادر ووارد البلاد.. فتضيع فرصتنا كشعب للتسامح والغفران ولا تبقى لنا سوى فرصة النسيان المشهورة كواحدة من مميزات الشخصية السودانية. { والجرائم المتعلقة بالعربات وأخطائها القيادية كثيرة حتى صار للعامة جملة مشهورة في حوادثها تقول: (غلطان المرحوم)! فالسائق كصاحب قوة في قيادة سيارة والمرحوم كمستضعف يمشي راجلاً فإنه غلطان بلا شك ولا يفقه قانون السير والمرور وينتهي العزاء والتقرير والحادث بقضاء وقدر!!. { وشرطة المرور الحزينة لارتفاع ضغط العربات على طرقات المدينة، يؤكد مركز الفحص الآلي التابع لها أن هناك ما يقارب 25% من السيارات والمركبات العامة لا تصلح للسير على الطريق! لكنها تمشي والدليل وصولها المركز غير محمولة! { ولما خرجت (جياد) كأول شركة لتجميع السيارات في السودان طمعنا بأن يمتلك كل مواطن سيارة حتى ولو بها عيوب تصنيع قاتلة لا يهم.. لكن ما حدث أن عيوب التجميع المحلي تكفلت بها الشركات الخاصة وطرحتها للسوق بأسعار أغلى من المستورد لتشجيع الصناعة المحلية! { بالطبع لا نحلم بمثالية شركة تايوتا في الاعتراف بعيبها أمام الملأ وتحمّل خسارتها وحدها؛ لأننا متسامحون وغفورون جداً فيما يخص الأخطاء بمجملها.. فإننا نتمنى فقط أن نعرف العيب من منو؟؟؟