بالقرب من سور شُيد حديثاً من الطوب الأخضر علته لافتة كتب عليها «المكتب السياسي للحركة الشعبية بيام الأزهري - بوما سوبا الأراضي» احتشدت سيارات حملة مرشح المؤتمر الوطني د. عيسى بشرى الدائرة «32» المجلس الوطني ايذاناً للانطلاق نحو ميدان منطقة السلمة مكان الاحتفال بتدشين حملة الحزب بمحلية جبل أولياء للدوائر (324748) بحضور نائب رئيس الحزب ، نائب رئيس الجمهورية الاستاذ علي عثمان محمد طه، ورئيس الحزب بولاية الخرطوم والي الولاية د. عبد الرحمن الخضر. عندما صمتت جماهير الحركة الشعبية وتكاثرت أعداد السيارات المشاركة في الموكب المتجه نحو أرض الاحتفال، في الميدان المجاور لمقر الحركة الشعبية بسوبا الأراضي أمس الأول «الثلاثاء» والذي قبعت في زاويته الخلفية راكوبة من القش والعيدان تبعدها بخطوات غرفة «أوضة» من الطوب الأخضر لم يكتمل بناؤها وتحتاج إلى بعض «المداميك» وسقف يقي قاطنيها حرارة الشمس والأمطار. ما إن ازدادت أعداد السيارات وعلت مكبرات الصوت بالتهليل والتكبير وتدافع رجال ونساء وأطفال المنطقة نحو الموكب، حتى ارتفعت بعض الأصوات المنحازة لمعسكر الحركة الشعبية على شاكلة سودان جديد ويا حركة ويا عرمان ويا لكنها سرعان ما تلاشت واختفى مردودها، ليتحرك الموكب نحو المكان الرئيس للاحتفال في زفة تجاوب معها سكان المنطقة الذين خرجوا من منازلهم لتحية القافلة. وكنت قد اعتقدت للوهلة الأولى أن اختيار مرشح الدائرة «32» لموقع الاحتشاد بالقرب من مقر الحركة الشعبية نوع من أنواع المكايدة السياسية بقصد تثبيط الروح المعنوية للخصم ، إلا أن القيادي بالمنطقة احمد عيسى شاويش قال إن الأمر يخلو من المكايدة السياسية وأن الميدان يعد المكان الرئيس لمناسبات وفعاليات أهل المنطقة خاصة للمربعات من «1-8» .. تعليق من القيادي بالمنطقة ربما كان يلقي الضوء على جزء من الحقيقة ولكن قفز سؤال إلى ذهني: لماذا تلاشت أصوات منسوبي الحركة الشعبية على ضعفها؟ الحشود تمنع طه من الطواف وفي أرض الاحتفال الذي وصل إليه الموكب مبكراً فشلت كلمات مقدم الحفل في إرجاع الحشود الجماهيرية التي التصقت بمنصة التقديم، الأمر الذي منع نائب رئيس الحزب الاستاذ علي عثمان محمد طه من الطواف لتحية الحضور كما جرت العادة، واكتفى طه بالتلويح للحشود من على المساحة الضيقة التي أفردها له أفراد الأمن بصعوبة على المنصة ومثلها على الطريق المؤدي منها إلى خيمة الاحتفال بفعل تدافع الحشود واصرارها على الالتحام مع قيادات الحزب.. مشهد لم يجد أمامه مقدم البرنامج إلا التنازل عن مطلبه بالرجوع إلى الخلف إلى التعليق طالباً من الجماهير الجلوس على الأرض. وحتى نائب رئيس الحزب د. الخضر لم يمنع نفسه من تنبيه الحضور إلى عدم التدافع قائلاً أثناء بث خطابه «يا جماعة براحة نظموا حاجتكم بالراحة» وقبل حضور نائب رئيس الجمهورية تغنت جماعة الكاميراتا السودانية بأنشودة «كونجي كوانج» وتعني الثور الأبيض بلغة قبيلة الدينكا وتجاوبت معها الجماهير بشكل أعطى احساساً بأن الحضور يعرف ويفهم مفردات الأغنية التي حدثنا قائد الفرقة دفع الله الحاج على أنها تم تأليفها للمك كور أحد قيادات القبائل الأهلية بالجنوب عندما سجل الفريق عبود في ستينات القرن المنصرم زيارة إلى الجنوب، مؤكداً أن الأغنية تشبه المك كور بالثور القوي «أبو غرة بيضاء» على وجهه. ثم انشدت الفرقة أنشودة «دا السودان يا هو دا السودان» تناغماً مع السحنات المتباينة التي احتشدت تحت الشمس ومثلت سوداناً مصغراً بكل قبائله وعشائره وطوائفه . خطابه طه تباين أفسح له نائب رئيس الجمهورية مساحة مقدرة في خطابه حينما اتهم الحكومات السابقة بعدم احترام حقوق المواطنة مشيراً إلى أن ما عرف بأحياء « عشش فلاتة» تمثل وصمة عار في وجهها، مؤكداً أن حكومته في التخطيط للاسكان لا تفرق بين المواطنين وأنه لا توجد أحياء خاصة «بالجلابة» أو أحياء خاصة بالجنوبيين أو أحياء خاصة «للغرابة» وأن المؤتمر الوطني يضع في الميزان (5) «سنج» تأتي العدالة والمساواة بين المواطنين في مقدمتها. واتفقت جمهرة الاعلاميين الذين جاءوا لتغطية الاحتفالية على أن هناك تغييراً كبيراً طرأ على الخطاب السياسي الذي قدمه الاستاذ علي عثمان وأكدوا أن الخطاب كان حماسياً شارك نائب رئيس الوطني الحشود فيه حيث باتت تكرر ما يقوله طه نائب رئيس الجمهورية الذي بدأ منفعلاً بتجاوب الجماهير التي حرمه تدافعها نحو المنصة من الطواف لتحيتها. وكانت أبرز ملامح خطاب نائب رئيس الوطني مطالبته مرشحي الحزب حال فوزهم بالتعهد لجماهيرهم بفتح أبوابهم أمام شكاويهم ومظالمهم داعياً الجماهير إلى التماسك والتواثق على السلام والاخاء محولاً معركة حزبه الانتخابية مع الأحزب السياسية المعارضة إلى مباراة لكرة القدم حينما قال «إن الهلال لن يفوز دون المريخ وأن المريخ لن يفوز دون الهلال» موجهاً خطابه للأحزاب بأنهم يريدون مباراة نظيفة والابتعاد عن الضرب تحت الحزام في العملية الانتخابية، مشيراً إلى أنهم يريدون باصات محكمة وتمريرات قصيرة ومباراة خالية من الفاولات. ثم يعود مؤكداً فوز رئيس الجمهورية عمر البشير في الانتخابات المقبلة حاثاً الحضور على التمييز بين النظيف والمغشوش والوزن الخفيف والوزن الثقيل. كيف أصبح معقل الأنصار منطلقاً لحملات الحركة الشعبية والحزب الشيوعي؟ الوالي يُبدِّل طاقيّته يبدو أن عدوى الخطاب الحماسي انتقلت من نائب رئيس الحزب الأستاذ علي عثمان محمد طه إلى رئيس الحزب بولاية الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر الذي دعا الحضور إلى التمسك بشرع الله مؤكداً بعد أن قال بأنه خلع طاقية منصب الوالي وارتدى طاقية رئيس الحزب بالولاية، أنه يقول للجماهير إنني على أعتاب معركة «لا فيها كلاش ولا بندقية وإنما صوت وصناديق اقتراع والحشاش فيها يملأ شبكتو». وأوضح أنهم يريدون أن يملأوا الشبكة بالبرامج وكل ما يرضي الله، وتساءل «هل جماهيرنا مستعدة لملء الشبكة» لتردد الجماهير من خلفه: مستعدون وجاهزون للانتخابات.. وتعهد مرشح المؤتمر الوطني لمنصب والي الولاية بعد أن لفت الانتباه إلى أنه سيرتدي طاقية والي الولاية بتحقيق التنمية الاقتصادية والعمرانية، مؤكداً أنهم بدأوا فعلياً في تخطيط الاحياء لوضع حد لظاهرة السكن العشوائي، وقال إنه وبعد «45» يوماً سيكتمل العمل في تخطيط احياء سوبا وأن العمل مستمر لتخطيط كافة أحياء الولاية، وأشار إلى أن الأسبوع المقبل سيشهد احتفال محلية جبل أولياء بتمليك بطاقات التأمين الصحي. وربما أوحت كثافة الجماهير التي التصقت بالمنصة ودفعت والي الولاية إلى إطلاق تنبيهاته قائلاً «ما في داعي للمدافرة» بأن المؤتمر الوطني على أهبة الاستعداد لخوض آخر معارك العملية الانتخابية إلا أن إعلان النتيجة بعد فرز أصوات الناخبين يعد الفيصل بين القول والفعل.