إذا أخذنا الولاياتالمتحدةالأمريكية نموذجاً للدولة الغنية الموحّدة الديمقراطية المتعددة الألوان، نجد أن التراضي أو قبول الجميع بالمعيشة في وطن واحد لم يكن هو السبب الوحيد الذي حقّق الوحدة الأمريكية شعباً وأرضاً. ففي البداية كانت هناك القوة والعنف وما يشبه الإبادة الجماعية التي تعرّض لها سكان البلاد الأصليون الذين هم الهنود الحمر. وكان هناك الشراء فقد اشترت الحكومة الأمريكية لويزيانا بأكملها وضمتها للولايات المتحدةالأمريكية وحدث ذلك في عهد الرئيس الأمريكي الثالث توماس جيفرسون أحد آباء الإستقلال وكاتب وثيقة إعلانه .. وشغل من قبل منصب وزير الخارجية في الحكومة الأمريكية الأولى التي رأسها جورج واشنطن وفي التاريخ الأمريكي صفحتان مظلمتان أو أكثر مثل التمييز العنصري الذي انتهى ستينيات القرن الماضي والإمبريالية والإنحياز الأعمى لإسرائيل، وفي ما عدا ذلك نعترف بأنها أصبحت بلداً جاذباً للجنس البشري على إختلاف قومياته. ولم يكتمل العدل بعد في الولاياتالمتحدةالأمريكية وإذا ما كُتب له أن يكتمل فإنه سوف يظل نسبياً .. فالعدل المُطلق لن يتحقق إلا هناك في العالم الآخر. فما زال هناك في أمريكا حضوراً متميزاً للبيض الأنجلو ساكسونيين البروتستانت وكل الرؤساء الأمريكيين من طائفة البروتستانت والرئيس الكاثوليكي الوحيد هو جون كيندي الذي تولى الحكم مطلع الستينيات بعد الرئيس آيزنهاور الضابط المقتدر وأحد أبطال الحرب العالمية الثانية (39 1945م). وكل الرؤساء الأمريكيين من البيض والرئيس الملون أو الأسود الوحيد هو باراك أوباما الرئيس الحالي الذي وصل إلى الحكم مطلع العام السابق وسط دهشة وإعجاب العالم من أقصاه إلى أدناه. لقد استطاع الأمريكيون أن يقيموا مجتمعاً جاذباً وأصبحت الجنسية الأمريكية هي الأعز بكثير أو معظم الذين هاجروا إليها ومنهم سودانيون من الشمال والجنوب والشرق والغرب. ولذلك كله فإننا لم نسمع بعد أمريكياً يطالب بتقسيم أمريكا أو بحق تقرير المصير لإحدى أقلياتها أو ولاياتها أو لمن يعتقدون أنهم ظُلموا وهُمِّشوا. وقد شبّه البعض السودان بموارده الهائلة وتعدد أعراقه بالولاياتالمتحدة وهو يتفوق عليها بعراقته فقد أقام منذ فجر التاريخ حضارة عظيمة على ضفاف النيل الخالد، والمرتجى أن يكون مثل هذا الوطن غنياً قوياً عادلاً واحداً موحّداً.. ولابد من إضافة (النغمة الحلوة التي لاتمل رغم التكرار) من حلفا إلى نمولي ومن بورتسودان إلى الجنينة.