مرت أمس الاثنين الموافق 4 يوليو مئتان وخمسة وثلاثون عاماً على استقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد أُعلن استقلالها في 4 يوليو 1776م. وكالعادة اُحتفل بهذه المناسبة داخل أمريكا وفي سفاراتها بالخارج ولم يكن مستغرباً أن يحضر الاحتفال الذي أُقيم في السفارة الأمريكية بإسرائيل رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس الدولة شيمون بيريز وقدمنا رئيس الوزراء على رئيس الدولة لأن النظام في إسرائيل ديمقراطي برلماني يتولى فيه المسؤولية الأهم رئيس الوزراء بينما يقتصر دور الرئيس على المهام البروتوكولية التشريفية. إن عمر الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يبلغ بعد ربع ألفية «أي مائتين وخمسين عاماً» وهناك بلدان يُحسب عمرها بألوف السنوات ومنها السودان، ولذلك يتردد كثيراً أن أمريكا بلد بلا تاريخ وليس هذا الذي يتردد صحيحاً فهي بلد له تاريخ، وهو ليس تاريخاً طويلاً لكنه تاريخ ممتلئ بالعمل والإصرار والطموح، ويكفي أنها في هذه الفترة القصيرة استطاعت أن تصبح أقوى وأهم وأغنى دولة في العالم، وهناك ملاحظة جديرة بالتسجيل فبينما نجد أن كثيراً من الناس في مختلف أرجاء الكرة الأرضية يحلمون ويتمنون ويخططون للهجرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للإقامة بها واكتساب جنسيتها فإننا لم نسمع بعد بأمريكي راغب في الحصول على جنسية أخرى. وتقدم بقرار الاستقلال إلى الكونجرس في يونيو 1776م نائب فيرجينيا ريتشارد هنري لي، فهو (دبكة) الأمريكي نسبة إلى نائب نيالا دبكة الذي تقدم باقتراح الاستقلال في ديسمبر 1955م إلى مجلس النواب السوداني أو لأن أمريكا استقلت أولاً يمكن أن نقول إن المرحوم النائب دبكة هو ريتشارد السوداني! والبلدان، الولاياتالمتحدةالأمريكية والسودان كانا مستعمرتين بريطانيتين. وتحقق إعلان استقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية يوم 4 يوليو 1776م الذي أصبح عيدها القومي وقد صاغت وثيقة إعلان الاستقلال لجنة مكونة من خمسة برئاسة توماس جيفرسون الذي تولى صياغتها النهائية وأصبح جيفرسون أول وزير للخارجية في الحكومة الأولى التي رأسها جورج واشنطن ثم أصبح رئيساً للولايات المتحدة وكان هو الرئيس الثالث بعد الرئيسين واشنطن وجون آدامز. وعندما استقلت الولاياتالمتحدةالأمريكية كان عدد ولاياتها ثلاث عشرة وهو يفوق الخمسين الآن وقد ضُمت بعض هذه الولايات بالقوة وبعضها بالشراء. وقد مارس الأمريكيون البيض في سعيهم نحو الاستقلال الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب ضد أهل البلاد الأصليين الهنود الحمر ومارسوا تجارة الرقيق والسخرة مع الزنوج الأفارقة وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى ستينيات القرن الماضي بلداً عنصرياً شأنها في ذلك شأن جنوب إفريقيا قبل مانديلا. لكنها تحررت من ذلك وأصبحت بلداً ديمقراطياً يستطيع فيه من هو بخلفية وجذور باراك أوباما أن يصبح رئيساً ورغم ذلك ما زال ينقص أمريكا الكثير ومنه العدل والموضوعية والحقيقة في ما يتعلق بنظرتها للصراع الفلسطيني الإسرائيلي والنزاع الشمالي الجنوبي في السودان.