الثامن من مارس الذي يصادف «اليوم العالمي للمرأة»، وهو يوم واحد من العام، دون أيامه ال(365) التي تمر، في العادة، ثقيلة وفاترة، يوم لسيدة الوقت الجميل: (المرأة) النصف الرائع من المجتمع، واهبة الحياة، ومرضعة الإلفة والحنين والشجن، وسر أسرار الكون، ومبرر حياة البشرية ووجودها، ورمز العطاء والخصب والديمومة. الرمز الذي جعل لحياتنا معنًى، وتقاسم معنا معطيات الدهر بحلوها ومرها، وأذاقنا طعم الحياة اللذيذ، في يومها العالمي «الوحيد» علينا أن نقف بصدق وشفافية، وقفة مع النفس والضمير لننصف المرأة «سيدة الوقت الجميل» ونهديها باقات ورد في يومها الاستثنائي البديع حتى لا يمر كعاديات أيامنا المتشابهة. في «يومك»، سيدتي، أزف حلو التهاني وأبعث صادق التمنيات للمرأة، أية أمرأة في بلادي: أماً وحبيبةً وأختاً وزوجةً وابنةً وزميلةً وصديقةً، إلى كل النساء اللائي عرفتهن حياتي، من سعدت برفقتها أو معرفتها، من بادلتها أو بادلتني جميل المشاعر وسخاء العطاء ورحيق المودة وغرفنا معاً من ينابيع الحنين حد الارتواء، إلى كل من مشيت معها خطوة، أو خطوات في دروب الأمل والمحنة وانقطع الوصل، وإلى كل من منحتني ابتسامة أو ضحكة أو دلقت في شرايني طاقة أمل وحنين، رداً لبعض تحية سرمدية سأبقى عاجزاً عن ردها كلها لو ظللت أفعل ذلك طوال حياتي. المرأة التي ظلمها مجتمعنا، وقمعتها عاداتنا، وأقصتها تقاليدنا عن موقعها الذي تستحق، وظلت، رغم كل تلك الظلامات، كشجرة الصندل تعطي بسخاء كلما ضربتها فؤوس المظالم الاجتماعية، عطراً نضيداً فصيحاً فواحاً يغطي الفضاءات كلها، تعطي بطيب خاطر دون منٍ أو أذى، وتزاحم صنو روحها الرجل في تدافع الحياة وهي تمتطي صهوة الأمل، بكل قسوة الحياة، ماضية نحو العيش الكريم والحياة الأبيّة كتفاً بكتف تأسس لعمران الأماني الجميلة والحلم النبيل، وتواصل المسير كلما انقطع المشوار أو تعثر، مدفوعة بحب الحياة والزهد فيها في آنٍ. المرأة في بلادي رمز الإرادة وقوة التحمل ورافعة التغيير، حملت كثيراً هموم أجيال وأجيال، وحمت أسراً غاب عائلوها، لمليون سبب وسبب، من مخاطر التفكك والتشظي، وظلت عبر الحقب والأزمنة كزهرة يانعة في أرض قاحلة تقاوم عطش المحيط بماء الأمل وسُقيا الحنين؛ لأنها لا تسرف في الرغائب قدر ما ترغب في البقاء شامخة ومعطاءة وكريمة. والمرأة عنوان الحنين والدفء تغمر كل من أحبت بفيوض الألفة وتنثر غلالات الفرح أنّى حلت. دعونا نزرع شجرة للمرأة في «يومها» في حدائق حياتنا لنستظل بها كلما أعيانا الهجير.