الفرح الغامر الذي ملأ وجدان رئيس الاتحاد العام للمهن الموسيقية الدكتور عبد القادر سالم أمس لحظة اجازة مجلس الوزراء لقانون المهن الموسيقية والدرامية لا أجد له مبرراً حتى بعد تصريحات الدكتور بأن القانون يهدف الى تطوير الغناء والمسرح ومحاربة العبث والعابثين وغيرها من الشعارات التي لا توجد أرضية صلبة لتطبيقها. وبجرد الحساب نجد أن أغنى المطربين في الخرطوم - يعني في السودان- عمره الفني لا يتجاوز العشر سنوات وإذا بحثنا خلفه نجده غير مجاز الصوت أو هو لم تستهويه فكرة المثول أمام لجنة «أقل منه في المال والولد». وكذلك الأمر بالنسبة للجنس اللطيف فهناك مطربات دلوكة أو «قايمات بروس» يركبن الفواره-بعرق الجبين- نظير حفلات مستمرة حتى ان احداهن وظفت احدى الخريجات لتدير أعمالها. وفي الغرفة الاخرى تجلس مطربة السودان سمية حسن بكل شهاداتها وصوتها وتاريخها المدني والعسكري بلا حفلات مستمرة وبلا مال وهي تكد وتعمل من أجل إيجاد جيل فني معافى عبر تحكيمها وتقويمها لناشيء الغناء عبر برنامج استديو النجوم التعليمي بالتلفزيون القومي. ومسرحياً خرج الشباب من باب اتحاد الدراميين ودخلوا المسرح بشباك «فرق النكات الفكاهية» الكثيرة جداً والتي يصعب حفظ اسمائها ووجدوا حالة الافلاس التي تعيشها شركات الانتاج الفني فطرحوا أنفسهم فخرجت الألبومات المتشابهة - كالصينيين - بل والمتطابقة في النكات أحياناً حتى ملك النكتة الفنان محمد موسى تخلى عنها وركب سيارة «الشروق مرت من هنا» وأصبح يوزع الفرح المباشر عبر شاشة الشروق وغدت النكتة «بهاراً» أو نكهة خفيفة في برنامجه الشيق جداً والذي لا يمكن لأحد أن يحاول استنساخه لأنه صنع خصيصاً لمحمد موسى. فماذا سيفعل الدكتور عبد القادر سالم وأتت الاخبار بخروج المطرب المتزن «جداً» عن وقاره القامة زيدان ابراهيم ليرد على شاعر اشتهر بالاغنيات المواكبة.. نعم المواكبة لأن الجمهور أصبح هكذا فمن المسؤول والشاعر يريد أن يعيش ويبني منزلاً ويمتطي سيارة ويتزوج ويربي «كرش»؟ من أين يأتي بكل هذا ولجنة الاختيار تتراص صفوف الخريجين وحملة الدرجات العلمية أمام أبوابها كل يوم طمعاً في الحصول على وظيفة توفر «حق الحافلة» وحق الفطور وثمن البنطلون والقميص؟. ظني برئيس اتحاد المهن الموسيقية أنه سيلجأ إلى عقد مباحثات سلام مع مطربي وشعراء وملحن الغناء الهابط في القريب العاجل الذي سيطالبون بقسمة السلطة والثروة والسلاح داخل الاتحاد بحسبان انهم «فنانون» تماماً كما اقنعت الحركات المسلحة الحكومة.