{ انسحاب «البشير» من الانتخابات الرئاسية غير وارد، بل يبدو مستحيلاً، كما أوضحنا وفصّلنا بالأمس. { ورغم ذلك دعونا نتمسك بدعوة الإمام «الصادق المهدي» زعيم حزب الأمة القومي المرشّح لرئاسة الجمهورية التي أطلقها قبل أيام مطالباً بانسحاب مرشحي الرئاسي لصالح مرشح واحد يتم التوافق عليه والاجتماع حوله. { فكرة إجماع القوى السياسية على مرشح واحد للرئاسة، فكرة نابعة من ضمير وطني نابض، وعقل بشري راجح، والسيد الصادق المهدي من أصحاب الضمائر الحيّة، والعقول المتقدة.. لم نعرف له خيانة للوطن، ولا سرقة للمال العام.. { إن تعقيدات الشأن السياسي، في بلادنا المقبلة على امتحان تقرير مصير الجنوب، إما وحدةً أو انفصالاً، تستوجب التوافق على مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، ليضرب الشعب السوداني مثلاً للشعوب بأنه الشعب المعلِّم القادر على تجاوز الإحن والمحن، وعبور الحواجز والقفز على المطبات.. { وإذا كانت كل الحسابات والتحليلات والتكهنات - محلياً ودولياً - تضع نسباً متفاوتة لاحتمالات انسحاب عدد من مرشحي الرئاسة، فإن جميع تلك التقارير أسقطت تماماً أي احتمال لانسحاب المرشح المشير عمر البشير، كما أن معظم استطلاعات الرأي رجّحت فوزه مقارنة بحظوظ منافسيه. { وبالنظر لهذه الفرضية، والتمعن في دلالاتها، فإن أهمية الإجماع الوطني تزداد، ولا تتناقص بمزاعم تتحدث عن اكتساح (المؤتمر الوطني) للانتخابات بنسبة (80)% لا (99)%..!! { إننا ندعو عبر مشروع الانسحاب والإجماع الوطني إلى مصالحة وطنية شاملة تسبق الانتخابات وتؤسس لديمقراطية صحيحة ومعافاة، ويقوم المشروع على البنود الأساسية التالية: { أولاً: التوافق على الرئيس «عمر البشير» مرشّحاً للرئاسة بالإجماع، أو بالأغلبية الشعبية ممثلة في أحزاب «الأمة القومي»، «الاتحادي الديمقراطي الأصل» و«المؤتمر الوطني»، فضلاً عن أحزاب حكومة الوحدة الوطنية. { ثانياً: تتعهد الحكومة و«المؤتمر الوطني» بالانفتاح الكامل على انتخابات برلمانية وولائية حرة ونزيهة وشفافة، يتحلل فيها حزب «المؤتمر الوطني» من جميع آليات وأدوات ومتعلقات السلطة، ويقبل بنتيجتها في كل الظروف. { ثالثاً: تأجيل الانتخابات البرلمانية والاكتفاء بالرئاسية ومناصب الولاة لإتاحة فرصة أوسع لأحزاب «الأمة القومي» و«الاتحادي الديمقراطي» و«الشيوعي السوداني» وبقية الأحزاب للاستعداد وتوفير التمويل اللازم للعملية الانتخابية في ظل حالة (الجفاف المالي) التي تعاني منها أحزاب المعارضة. { رابعاً: السداد الفوري لمطالبات أحزاب «الأمة القومي» و«الاتحادي الأصل» و«الشعبي» و«الشيوعي»، في ما يتعلق بالتعويضات (المالية) عن المصادرات وإطلاق سراح معتقلي المؤتمر الشعبي، فصرف بضعة مليارات من الجنيهات على مشروع الوفاق الوطني، أفضل من إنفاقها على لافتات حديدية ومضيئة بشوارع الخرطوم لصالح حملة المؤتمر الوطني. { خامساً: تجميد بعض المواد في عدد من القوانين المقيدة للحريات خلال فترة الانتخابات، على أن يُترك أمر إلغائها للبرلمان المنتخب. (انتهى). { تلك هي محاور مشروع (الانسحاب والإجماع الوطني) الرئيسة على أن يتداعى زعماء الأحزاب في التفصيل والتعديل في (اجتماع قمة)، يبدأ بلقاء ثلاثي يجمع (البشير، الميرغني والصادق المهدي) على أن يتوسع لاحقاً ويمتد إلى لقاء (8+8) الذي دعا له الإمام الصادق المهدي. { الرسالة الأولى التي يوجهها الشعب السوداني بهذا المشروع هي تأكيد فوز البشير (المطلوب لدى محكمة الاستعمار) بالإجماع لا بنسبة (50%+1) أو 60%، أو حتى 70%.. { الرسالة الثانية: إجراء انتخابات حرة، لا طعن فيها ولا تشكيك، ولا تزوير، انتخابات هادئة لا يكتنفها عنف ولا تظاهرات ولا مواجهات قد تعصف باستقرار وأمن البلاد كما حدث في كينيا وزيمبابوي وإيران. { الرسالة الثالثة مفادها أن الشعب السوداني قادر على التوحد والتضامن والاتفاق، وأن كباره حكماء.. وصغاره علماء.. ونساؤه حرائر. { اللهم اجعل هذا البلد آمناً.. شامخاً قوياً.. وارزق أهله من الثمرات. (انتهت الحلقات)