كتبنا كثيراً في الفترة الماضية عن الانتخابات السودانية، القديم منها والمرتقب الشهر القادم، ولم نتطرق لانتخابات الجمعية التشريعية عام 1948م أيام الاستعمار البريطاني، وهي الانتخابات التي اشترك فيها حزب الأمة وقاطعتها الأحزاب الأخرى، وفي مقدمتها حزب الأشقاء، والأحزاب الاتحادية وكانت هذه الأحزاب توصف بأنها هي الحركة الوطنية! وسوف تكون لنا قريباً وقفة مع انتخابات الجمعية التشريعية التي قال عنها الزعيم إسماعيل الأزهري: لن ندخلها حتى لو جاءت مبرأة من كل عيب. وكان للذين دخلوها رأي آخر مختلف، فهي أي الجمعية التشريعية كانت خطوة مهمة على طريق التطور الدستوري، وفيها أجيز اقتراح الحكم الذاتي الذي نفذ فعلاً وأدى في النهاية إلى إعلان الاستقلال من داخل البرلمان منتصف خمسينيات القرن الماضي. وكتبنا أيضاً في الأيام الماضية عن الانتخابات العراقية التي أحرز فيها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي أكبر عدد من المقاعد البرلمانية. واليوم نكتب عن الانتخابات البريطانية، وهي مهمة، ومن المقرر إجراؤها في 6 مايو القادم وتنبع أهميتها من مجموعة من الأسباب على رأسها أن بريطانيا هي أمّ الديمقراطية وانتخاباتها توصف بأنها أمّ الانتخابات، وإننا في الخمسينيات وما بعدها «استوردنا» تلك الديمقراطية لكننا لم نتقن ممارستها إلى درجة الفشل الذي ترتب عليه وأدها ثلاث مرات في أعوام 58 و69و 1989م. وفي بريطانيا الآن حزبان كبيران هما العمال والمحافظون، وظل هذان الحزبان يتبادلان الحكم منذ عام 1924م. ويحكم حزب العمال بريطانيا منذ عام 1997م ويقوده الآن زعيمه رئيس الوزراء جوردون براون. ويرأس حزب المحافظين ديفيد كاميرون الذي بدا متفائلاً أمام مناصريه في أكاديمية ميلتون كينس أمس الأول وقال: «سوف تكون الانتخابات معركة شرسة وسوف يهاجموننا بما لن تتخيلوه، لقد تردى الاقتصاد، والمجتمع، وكل بريطانيا في عهد براون. نحن محتاجون للتغيير لينتعش اقتصادنا وبلدنا ومجتمعنا». وقال كاميرون إن انتخابات 6 مايو يجب أن يكسبها حزب المحافظين وفي ذلك مصلحة البلد وقال: إن بريطانيا تستحق ما هو أفضل من وضعها الحالي المرهق الممزق الذي تتولى فيه السلطة حكومة عاجزة. وأضاف أن فوز براون سوف يدمر جيلاً آخر، وأن حكومة براون في طريقة تعاملها معنا لا تستحق أن تنتخب مرة أخرى. وهناك حزب ثالث في بريطانيا ولنا معه وقفة. من يفوز في أمّ الانتخابات في مايو القادم؟ حزب العمال بقيادة رئيس الوزراء جوردون براون أم حزب المحافظين برئاسة زعيم المعارضة ديفيد كاميرون؟