انتهت انتخابات السودان بخيرها.. وكما قلنا تتجه الأنظار إلى انتخابات بريطانيا المقرر إجراؤها 6 مايو القادم. وتوصف بريطانيا بأنها أم الديمقراطية وانتخاباتها بأنها أم الانتخابات. وفي سنة 1924م فاز حزب العمال وشكّل حكومته الأولى برئاسة زعيمه رامزي ماكدونالد ومنذ ذلك الوقت انحصر التنافس بين حزبي العمال والمحافظين الذي هو أقدم حزب في بريطانيا. وقبل سنة 1924م كان الحزبان الكبيران هما حزب المحافظين وحزب الأحرار ثم تراجع هذا الأخير إلى المركز الثالث. وخلال هذا الشهر كتب مسؤول الإعلام في السفارة السودانية بلندن في إحدى الصحف السودانية، أن هناك ثلاثة أحزاب رئيسة في بريطانيا هي (حزب المحافظين وحزب العمال وحزب الأحرار). والحقيقة هي أن الحزب الثالث الكبير هو حزب الديمقراطيين الأحرار الذي تأسس عام 1988م باندماج حزب الأحرار الذي أشار إليه مسؤول الإعلام في سفارة السودان بلندن والحزب الديمقراطي الاجتماعي وفي البداية تقول الكتب كانت قيادة هذا الحزب الجديد مشتركة أو ثنائية مؤلفة من ديفيد ستيل زعيم حزب الأحرار وروبرت ماكلين زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي.. ثم تولى زعامة الحزب أشدون. وقد عمل أشدون على تحديث أجهزة الحزب ودستوره وانتهج سياسات معتدلة خاصةً في المجال الاقتصادي. وفي انتخابات 1992م حصل الديمقراطيون الأحرار على 22 معقداً في مجلس العموم، وفي انتخابات 2001م فاز الحزب في 52 دائرة. وفي مارس 2003م اتخذ الديمقراطيون الأحرار موقفاً معارضاً لاشتراك رئيس الوزراء توني بلير في الحرب على العراق. إن الحزب الثالث الآن في بريطانيا هو حزب الديمقراطيين الأحرار وليس حزب الأحرار كما كتب مسؤول الإعلام في السفارة السودانية بلندن. وقد كان حزب الأحرار كما قلنا حتى عام 1924م هو أحد الحزبين الكبيرين في بريطانيا وكان الآخر هو حزب المحافظين وبعد ذلك أصبح (الأحرار) هو الحزب الثالث ثم أصبح حزب الديمقراطيين الأحرار هو الحزب الثالث بعد عام 1988. وكان حزب الأحرار حكم بريطانيا قبل سنة 24 مرات كثيرة وكان منه رؤساء ووزراء متميزون من أمثال جلادستون في القرن التاسع عشر واسكويث ولويد جورج في الربع الأول من القرن العشرين، وكان هذا الأخير وهو محامٍ من ويلز هو الذي قاد بريطانيا للانتصار في الحرب العالمية الأولى التي إندلعت عام 14 وانتهت عام 1918م، فقد شغل رئاسة الحكومة في الفترة من عام 16 إلى عام 1922م ليخلفه المحافظ بونار لو. وسوف نكتب الأيام القادمة كثيراً عن الانتخابات البريطانية وعن الحزبين الكبيرين حزب العمال الحاكم الذي يقوده جوردون براون وحزب المحافظين المعارض الذي يتزعمه ديفيد كاميرون وأيضاً عن الحزب الثالث، واسمه هو حزب الديمقراطيين الأحرار وليس حزب الأحرار ويقوده كليج.