{ كانت قاعة الصداقة مساء أمس الأول تشهد حدثين متباينين في وقت واحد، كنّا بقاعة المسرح نشهد لقاء الرئيس البشير (بقبيلة الفكر والإعلام والفنون)، وكانت في المقابل هنالك قاعة أخرى ترزح تحت وطأة (رئيس جمهورية الحركة الشعبية) الرفيق ياسر عرمان، ليلتنا.. ويا لها من ليلة، لقد تبارى في تقديمها (أولاد بحر أبيض) الأستاذان التجاني حاج موسى والسموءل خلف الله، كان (ود دار السلام) رائعاً وهو يملأ فراغات هذا الاحتفال الشفيف بمقتطفات من أشعاره التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.. (أمي يا دار السلام.. الله يسلمك.. يديك لي طول العمر في الدنيا يوم ما يألمك)، ولكن (صاحب أروقة) أكثر روعة، وكان الحضور وسيماً وأنيقاً وهو يتشكّل من عدة لوحات، لوحة الرياضيين والتشكيليين والمطربين والإعلاميين، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل حالة أمة يفتتح أحد مطربيها الكبار بالقرآن الكريم، ولك أن تبتهج أكثر وأنت تستمع للشيخ الفنان صلاح مصطفى وهو يفتتح بالآية الكريمة «الذين قالَ لَهمُ النّاسُ إنّ الناسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فأخْشَوْهم...» الآية، فماذا سيقول شيوخ هذه الأمة، بل ماذا ترك المطربون للشيوخ وهم يتغنون بالقرآن الكريم. { ولما قدم (كورال المطربين الشباب)، تساءل الحضور.. يا تُرى ماذا بقي هناك، ماذا بقي لأهل القاعة المجاورة، تشكّل هذا الكوارل من المطربين (فرفور، ومحمود عبد العزيز، ووليد زاكي الدين، وعصام محمد نور، ونادر خضر.. وآخرين).. فلقد اهتزت القاعة وزلزلت تحت جبروت أيها الناس نحن من نفر عمّروا الأرض أينما قطنوا يذكر المجد كلما ذُكروا.. وهو يعتزُّ حين يقترن. ثم كورال كبار أهل الفن.. عثمان مصطفى، صلاح مصطفى، حمد الريح، عبد القادر سالم، عمر إحساس، شرحبيل أحمد، عوض الكريم عبد الله وآخرين، وكان الغناء كله للوطن، في حضرة رئيس حزب المؤتمر الوطني ومرشح الرئاسة المواطن عمر حسن أحمد البشير، (سكرتير نادي كوبر) الأسبق، كما قال عنه ممثل الرياضيين كابتن الهلال الأسبق أمين زكي في كلمته الضافية البليغة، وتحدث الدكتور عوض إبراهيم عوض نيابة عن الإعلاميين فأبدع وأجاد، وقدم المادحون (وثيقة عهد وميثاق شرف) يتقدمهم الأستاذ عبد الله الحبر.. (ولو استعرضت بنا عرض هذا البحر فخضته.. لخضناه معك ما تخلّف منا أحد).. وكانت (بنات التلفزيون القومي) يجلسن على يساري .. كوثر بيومي، وهالة محمد عثمان، والصحافية الجهيرة بخيتة أمين، وإلى يميني الأساتذة الأصدقاء طارق شريف (أُترُجّة الصحافة الفنية)، وطارق المادح (رجل الفكر والابداع)، وإلى جواري مباشرة السينارسيت الخطير عبد الحفيظ مريود، وكنت أتسامر معه حول آخر عمل لهم، برفقة المخرج الكبير سيف الدين حسن، والذي سجل غياباً كبيراً في هذه الليلة، وكان سيف الدين قد أرسل لي رسالة عبر جهاز الموبايل ينبهني إلى أن أشاهد (عرمان بمجهر سونا)، ولا يدري صاحب روائع (رجل من كرمكول)، أننا في ذات الوقت نجلس إلى (رجل من حوش بانقا)، قلت لمريود.. ألم يأن لكم، بعد فيلم الراحل الطيب صالح، أن توثِّقوا لهذا (البطل النبيل) تحت عنوان (رجل من حوش بانقا)، قصة المواطن عمر حسن أحمد البشير التي انطلقت من (الحوش إلى فداسي) عبر (عزبة كافوري ومدينة كوبر)، مروراً بوثوبه على (صهوة تلفزيون السودان) ليقرأ علينا (البيان رقم واحد)، البيان الذي وضع نهاية (لمسرحية عبثية) فشلت في صناعة (الفيترتة وملاح أم رقيقة)، فضلاً عن صناعة النفط والجسور والسدود والأمل والحياة، (البيان رقم واحد).. الذي جعل الشهادة متاحة والحياة، والذي برهن لأمة أدمنت أكل فاكهة الدوم والنبق.. أن فاكهة التفاح ممكنة. قال الرجل المشير، المواطن البشير، كنت أفرق بين شيئين ولازلت، أفرق بين معارضة الدولة ومناهضة الحكم، حيث لم يمنعني خلافي السياسي مع السيد الصادق المهدي أن أحمل البندقية في مسرح العمليات، لأني كنت ساعتها أدافع عن وطن.. ويا له من وطن، ويا له من مؤتمر، ويا لها من ليلة، يا لهم من مبدعين!.