في ذات إطلالة أو هجمة على (النت)، سيطر على ذهني حي ود نوباوي.. وأنا أحمل تقديراً مهولاً لهذا الحي وما أكثر الأسباب ومنها أنني وعم نصر والسيدة والدتي ولدنا فيه. وفجعت وفوجئت حينما قرأت في (النت) أن الأسر العريقة والعظيمة التي أقامت في هذا الحي هي أسرة أمين التوم وأسرة نقد الله بالإضافة طبعاً إلى أسرة المهدي.. وهي فعلاً أسر عظيمة وعريقة ولكن ما أكثر الأسر العظيمة والعريقة في ود نوباوي. فهناك السواراب، وهناك أسرة ست العيلة، وهناك آل نميري، وآل عبدون، وآل عوض صالح، والجبلاب، والقرشاب، والشنادقة، وآل دولة، وأزرق، وآل شاخور، وهناك أسر أخرى عريقة وعظيمة لم نذكرها ونعتذر لها. وهناك كثير من المعلومات الخاطئة عن ودنوباوي.. الحي وصاحب الاسم.. وكان صاحبنا النوباوي كندة غبوش يعتقد أن ودنوباوي نوباوي.. والحقيقة أنه كان عربياً من قبيلة بني جرار، وكان أميراً في المهدية والشائع أنه هو الذي قتل غردون صباح 26 يناير 1885م.. تاريخ دخول الأنصار للخرطوم وإنهائهم للحكم التركي البغيض الذي جثم على صدر الوطن منذ عام 1821م. وكنت قلت لكندة غبوش إنه كان يسعدني فعلاً لو أن ودنوباوي كان نوباوياً وذلك لاعتبارات إثنية مفهومة، لكنه كان عربياً وفي نفس الوقت فإن عروبة الأمير محمد ودنوباوي أو عربيته لم تُثر فينا نحن النوبيين أيّة مشاعر سالبة، فنحن جميعاً سودانيون. ومن المعلومات الخاطئة ما ذكره صاحبنا العزيز حسين خوجلي فقد كتب مرة ما معناه أنه كانت في ودنوباوي أواخر ستينيات القرن الماضي عربتان فقط يُعتد بهما وهما عربة إمام الأنصار وعربة جعفر نميري بعد أن أصبح رئيساً لمجلس قيادة الثورة. والحقيقة أنه كانت هناك عربة ثالثة. وكانت فخمة فارهة يتفرّج عليها الناس وهي عربة المرحوم الهادي إبراهيم عبدون، الذي تخرّج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، واحتفل (ناس) ود نوباوي بتخرُّجه عام 1950م في منزل صديق الشيخ بود نوباوي وألقى الشاعر أبو طراف النميري قصيدة مطلعها: بلغتَ اليوم مرحلة التحدي وهاجر الهادي إبراهيم إلى السعودية ثم عاد أواخر الخمسينيات ليؤسس الشركة العربية لصناعة الورق وشركة توكيلات العالم العربي، وجرى المال بين يديه واشترى العربة السالف ذكرها. وكان الهادي إبراهيم وزيراً في حكومة أكتوبر الانتقالية الثانية ثم عيّنه المايويون عام 70 رئيساً لمجلس إدارة بنك البحر الأحمر ثم طواه الموت في أغسطس عام 1971م. إن امتلاك العربات الفارهة ليس شرطاً للأهمية والعظمة والمكانة العالية.. لكن الهادي إبراهيم كان خمسينيات وستينيات القرن الماضي يملك عربة فاخرة جداً، وكنا نتفرّج مبهورين عليها، وذكرنا ذلك فقط من باب الدِِِّقة التاريخية!.