النزاعات القبلية والحركات المسلحة بدارفور والمليشيات المسلحة وتفلُّت القوات النظامية بالجنوب، عرقلت الحملة الانتخابية في أوقات مختلفة أثناء ممارسة النشاط السياسي للمرشحين، فتعرض بعض المرشحين في دارفور لأحداث إطلاق نار ونهب سيارات كما حدث لأمين عام حزب الأمة القومي. واستطاعت أعمال العنف بمدينة واو تعطيل حملة المرشح لرئاسة حكومة الجنوب الدكتور لام أكول قبل أن يُحصب موكبه بالحجارة على مرأى ومسمع من السلطات الأمنية. ولعل حالة الطوارئ التي ظلت مستمرة لثماني سنوات بدارفور تمثل أحد أهم الأسباب التي تمسك بها الرافضون لقيام الانتخابات واعتبروها حجة لهم في هذا المقام. وفي وقت سابق حذَّر مستشار رئيس الجمهورية الفريق صلاح قوش من حدوث أعمال عنف بالنظر إلى الظروف السياسية الأمنية التي تحيط بالبلاد خلال المؤتمر العلمي الأول الذي نظمه مركز اتجاهات المستقبل. ومؤشرات اندلاع العنف في هذين الإقليمين تؤيدها الشواهد رغم ما ظل يردده المسؤولون من أن الأوضاع الأمنية مستقرة بالرغم من وجود قوى غير راغبة في الانتخابات باعتبار أنها لا تمثل مصلحتها وهي قوى لها القدرة على إحداث تخريب في مسار العملية، فخلال الشهر الماضي شهدت ولاية جنوب دارفور نزوح عشرات الآلاف من المواطنين بعد أعمال العنف التي اندلعت بمنطقة جبل مرة. أعمال عنف أخلى معها السكان مناطق تشكل دوائر جغرافية كاملة ونزحوا إلى مدينة كاس، وآخرون إلى ولاية شمال دارفور كما يحدثني رئيس لجنة الانتخابات بالولاية فرح السنوسي بأن مراكز تسجيل جديدة في مواقع النزوح كانت أحد الحلول التي اعتمدتها اللجنة بعد أن هجر الموطنون مناطق شعيرية ومهاجرية ولتيقة وخزان جديد، وتشكل هذه «3» دوائر قومية، أما النازحون الذين لاذوا بمدن ولاية شمال دارفور فليس هناك من سبيل لمعالجة وضعهم، كما يقول السنوسي عن المناطق المهجورة وبقية ساكنيها أذ يؤكد أن لا أحد بقي في تلك المناطق بعد إحراق القرى. وحول إمكانية تسلل الجماعات المسلحة لتخريب عملية الاقتراع يشير رئيس اللجنة إلى أن لجنة أمن الولاية وضعت أمام رئيس المفوضية القومية للانتخابات «الأربعاء» الماضي خطتها لتأمين العملية وأعلنت استعدادها التام لمقابلة أي طارئ أمني بقوات تأمين في كل المراكز وقوات احتياطية ضاربة القوة. وعن إمكانية ممارسة النازحين لحقوقهم الدستورية في الانتخاب يشير السنوسي إلى أن معسكر كلمة وهو أكبر المعسكرات بالإقليم إذ تشير التقديرات إلى وجود ما لا يقل عن 40 ألف نازح به؛ خارج اهتمامات اللجنة ذلك أنه لم تجر فيه عملية التسجيل وذلك لتمنُّع أهله عن المشاركة على الرغم من المحاولات التي قادتها اللجنة عبر الاتصالات بزعماء المعسكر وينطبق الحال كذلك بالنسبة لمعسكر كاس. ولم يمنع عدم إجراء الإحصاء السكاني في معسكرات النازحين البالغ عددها «11» معسكراً بالولاية من تسجيل الناخبين في «9» منها وهي معسكرات مضى فيها التسجيل بصورة سلسة حيث لم تحدث مضايقات لفرق التسجيل ومارس فيها بعض المرشحين والأحزاب نشاطاً سياسياً شمل عقد الندوات. إلا أن السنوسي لا يستبعد أن تكون حدثت بعض المشادات بين سكان المعسكرات حول الأمر قبل أن يعود للتأكيد على أن الأمور في مرحلة الاقتراع ستسير وفقاً لما هو مرتب له. ويضيف السنوسي أن جملة الناخبين بالولاية 1.325.000 والمسجلين من النازحين 43.496. غير أن الأمر يختلف في ولاية شمال دارفور حيث شهدت المنطقة ذات الهشاشة الأمنية الأعلى، تسجيلاً مقدراً للناخبين وهي منطقة كتم الواقعة على الحدود مع تشاد ومعسكرات الحباب وفتي بروني حيث يفيد الصحيفة رئيس لجنة الانتخابات السر أحمد المك أن بالمنطقة «55» ألف ناخب مسجل ويشير إلى تجميع اللجنة لمراكز الاقتراع في المناطق الأكثر أماناً. 70% نسبة التسجيل بالولاية التي تشهد تدافعاً من قبل النازحين للتسجيل في معسكرات أبو شوك وزمزم ودار السلام وهي معسكرات حول مدينة الفاشر يقول المك فضلاً عن وجود مرشحين من النازحين الذين يقيمون الندوات التي كانت آخرها الايام الماضية بمعسكر أبو شوك دلائل يعتبرها رئيس اللجنة ستمضي بالانتخابات إلى غاياتها بدون عائق. 420 مركز اقتراع بأنحاء الولاية ضمنت لجنة أمن الولاية تأمينها. وفي الوقت الذي يحدثني فيه رئيس اللجنة عن إطلاعه رئيسة لجنة بعثة الاتحاد الأوروبي للمراقبة سيرونيك دوكشير عقب اجتماعه إليها «الأربعاء» الماضي حول إمكانيات لجنة الانتخابات واستعدادها في النواحي اللوجستية والإدارية بما يمكن من قيام الانتخابات في موعدها أحال سؤالها عن الأوضاع الأمنية إلى المسؤولين الحكوميين لتصدر دكشير بياناً تعلن فيه اعتزامها سحب مراقبيها من الإقليم بسبب ما اعتبرته مخاوف أمنية على سلامتهم، وقيوداً على المراقبين والسكان على حد سواء دافعة بعدم توفر الشروط الأمنية في ولايات الإقليم لإنجاز المهمة. وفي «4» من ولايات جنوب السودان يواجه المرشحون ظروفاً أمنية قاهرة وصلت حد تحطيم مكبرات الصوت وإفشال ترتيبات حملة المرشح لمنصب رئيس الحكومة الدكتور لام أكول وتعرض ذات المرشح لمضايقات عدة في محاولته الوصول للناخبين بولايات شمال وغرب بحر الغزال وواراب والبحيرات الأمر الذي تقدم معه بمذكرة إلى المفوضية القومية للانتخابات مطالباً فيها بتجميد الاقتراع في انتخابات رئيس الحكومة. وشهدت الحملة الانتخابية بولايات الجنوب اعتقالات وتوقيفات ومضايقات للمرشحين ووكلائهم الأمر الذي طال حتى وكلاء مرشح المؤتمر الوطني الرئيس المشير عمر البشير.