كانت دوائر العاصمة المثلثة في انتخابات 53 و58 و65 و1968م في معظمها أو كلها تقريباً اتحادية. وأول مرشح من حزب الأمة يفوز بعد الاستقلال في إحدى دوائر العاصمة هو رجل الأعمال المعروف محمد عثمان صالح، وقد فاز في دائرة أم درمان الشمالية في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في عام 1965م. ويرى البعض أن ذلك الفوز ما كان له أن يتحقق لو لا انقسام الاتحاديين في ذلك الوقت إلى حزبين هما الوطني الاتحادي برئاسة الزعيم إسماعيل الأزهري، وقد خاض ذلك الحزب الانتخابات، وحزب الشعب الديمقراطي الذي يرأسه علي عبد الرحمن ويرعاه السيد علي الميرغني زعيم الختمية. وقد قاطع هذا الحزب الانتخابات العامة التي أُجريت ذلك العام. وبعد اندماج حزب الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي أواخر عام 1967م في حزب واحد حمل اسم الاتحادي الديمقراطي فإنه في انتخابات 1968م استرد دائرة أم درمان الشمالية وفاز بها مرشح اتحادي خرطومي هو الأستاذ محمد أمين حسين المحامي الذي كان أيام دراسته في مصر شيوعياً ثم أصبح اتحادياً ورأس في وقت من الأوقات تحرير الجريدة التي كان يصدرها حزب الشعب الديمقراطي واسمها (الجماهير). لقد كانت العاصمة المثلثة في معظمها أو كلها تقريباً حتى انتخابات 1968م اتحادية. ولم يكن في الأمر عجب في الخرطوم بحري مثلاً التي كانت معقلاً ختمياً معتبراً. ولكن كان العجب في أم درمان، التي ارتبطت نشأتها ثمانينيات القرن التاسع عشر بالأنصار أكثر مما ارتبطت بأية طائفة أخرى، ورغم ذلك فإنها ظلت حتى عام 1968م قلعة اتحادية لم يجرؤ على اقتحامها إلا محمد عثمان صالح في انتخابات 1965م واستعصت على عتاولة الأنصار وحزب الأمة من أمثال السيد عبد الله الفاضل المهدي ومحمد صالح الشنقيطي. وكان كبارات حزب الأمة والأنصار حتى عام 1968م يهربون من العاصمة ويترشحون خارجها. عبد الله خليل الأمين العام للحزب ورئيس الوزراء الأسبق إلى أم كدادة في دارفور، ومحمد أحمد محجوب إلى الدويم وعندما فاز في دوائر الخريجين في انتخابات الحكم الذاتي عام 1953م فإنه فاز مستقلاً ولم يكن انضم بعد إلى حزب الأمة. والسيد الصديق رئيس الحزب إلى كوستي ومن بعده ابنه الصادق إلى الجبلين مرتين ثم إلى الجزيرة أبا، وأمين التوم إلى دنقلا.. وهلمجرا. ثم تغيّر الموقف في انتخابات 86، وأصبح مرشحو حزب الأمة يفوزون في العاصمة المثلثة. وأصبح يفوز فيها أيضاً مرشحو الجبهة الإسلامية القومية، وكان أسطع انتصاراتهم فوز الأستاذ الصحافي الخطيب مهدي إبراهيم في دائرة بحري، وفاز فيليب عباس غبوش في الحاج يوسف.. لقد تراجع الاتحاديون وتقدم الأنصار عام 1986م وحدثت تغييرات مهمة في التركيبة السكانية في العاصمة المثلثة، وقد تؤثر مثل هذه التغييرات في نتائج انتخابات أبريل 2010م.