السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإتحادي الأصل .... منعطفات تاريخية
نشر في الراكوبة يوم 21 - 04 - 2012


الحزب الإتحادي ... منعطفات تاريخية
هل تتجدد مسيرة التوحد القديم أم تتواصل الإنشطارات ؟؟
بحث : بقلم صلاح الباشا
[email protected]
يحكي التاريخ السياسي للحركة الوطنية السودانية منذ نهاية أربعينات القرن الماضي ( العشرين ) ، أن هناك عدة أحزاب إتحادية قد خرجت من رحم حزب الأشقاء الذي نشأ عقب نهاية الحرب العالمية الثانية ، أي بعد إنتهاء مهمة مؤتمر الخريجين العام الذي سبق قيام الأحزاب السياسية ، وقد كان الأشقاء تحت رعاية مولانا السيد علي الميرغني مرشد الطريقة الختمية ، وفي المقابل أنشأ كيان الأنصار حزب الأمة برعاية السيد عبدالحمن المهدي إمام الإنصار ، كأكبر حزبين سمح لهما الإستعمار الإنجليزي بالعمل حيث كان الإنجليز يحكمون السودان منذ واقعة كرري في العام 1898م وحتي إستقلال البلاد في العام 1956م .
تلك الأحزاب الإتحادية العديدة التي كانت قد إنشطرت من الأشقاء ، كانت في معظمها تعمل لنيل إستقلال السودان في سبيل دولة إتحادية مع الشقيقة مصر تحت التاج المصري الذي كان يتربع عليه الملك فاروق بن فؤاد الأول . بينما كان حزب الأمة ضد هذا التوجه ، مفضلا الإستقلال التام عن مصر ، وهذا ما كانت ترمي إليه السياسة البريطانية التي كانت تدعم هذا الإتجاه حتي لا يتحد السودان ومصر لتصبح هناك دولة قوية في وادي النيل كموقع إستراتيجي هام في القارة الأفريقية والشرق الأوسط.
ولكن .. حدثت في الشقيقة مصر تحولات ضخمة ومفاجئة لكل الإستراتيجيات الغربية ، والتي تمثلت في تفجر ثورة 23 يوليو 1952م إثر الإنقلاب الذي نفذه تنظيم الضباط الأحرار في مصر بزعامة الرئيس الراحل البكباشي جمال عبدالناصر ، والذي أوكل رئاسة مجلس الثورة للواء محمد نجيب بإعتباره صاحب شعبية وقبول داخل الجيش. وتم طرد الملك فاروق من مصر إلي إيطاليا بباخرته التي كانت تسمي ( المحروسة ) حيث كان وقتذاك في مصيفه السنوي بالإسكندرية .
في ذلك الزمان بدأت الحركة الوطنية السودانية تتمدد ، وعرف السودان التظاهرات السياسية والتكوينات النقابية ، والندوات العامة التي تطالب بالإستقلال ، حيث وافقت الإدارة الإنجليزية التي كانت تحكم البلاد علي فكرة إعطاء السودان الحكم الذاتي وإنشاء مجلس نواب منتخب ومجلس وزراء حسب ما تنتج عنه الإنتخابات النيابية.
وهنا ... فقد قام الرئيس المصري اللواء محمد نجيب بدعوة الأحزاب الإتحادية السودانية العديدة للحضور إلي القاهرة ، والذين إستجابوا للدعوة ، فسافرت جميع الرموز الإتحادية بمختلف تسميات أحزابها ، حيث قام اللواء محمد نجيب بجهود توحدها في حزب واحد حتي تتمكن من خوض الإنتخابات البرلمانية الأولي وهي موحدة في العام التالي 1954م لتحقيق أفضل النتائج ، فتم له ما أراد ، وتوحد الجميع تحت مسمي ( الحزب الوطني الإتحادي ) برئاسة الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري وبرعاية ودعم وإشراف ومباركة مولانا السيد علي الميرغني .
وبعد عودة الحزب موحدا من القاهرة في العام 1953م وعند قيام أول إنتخابات برلمانية في السودان ، فاز الحزب الوطني الإتحادي بأغلبية كاسحة ، جعلته يشكل أول حكومة وطنية منفرداً وبتحالف إستراتيجي مع نواب الأحزاب الجنوبية وقتذاك.
إحتل الزعيم الأزهري منصب وزير الداخلية ، بينما تشكلت الوزارات وقد كانت قليلة العدد من القيادات الإتحادية وبعض الوزراء من جنوب السودان ، بينما تم الإختيار علي مولانا بابكر عوض الله والذي كان وقتذاك قاضي إستئناف في الأبيض حيث تم إختياره لرئاسة أول برلمان سوداني .
وفي جلسة البرلمان التي إنعقدت في 19/12/1955م حيث سبقها تنسيق تام بين القطبين الكبيرين ( الوطني الإتحادي والأمة ) للمطالبة البرلمانية بالإستقلال التام للسودان وإغفال خيار الوحدة مع مصر ، حيث تفهمت القيادة المصرية وقتذاك بزعامة الرئيس جمال عبدالناصر الذي خلف اللواء نجيب بعد إبعاده عن الحكم منذ أزمة مارس 1954م في مصر داخل مجلس الثورة المصري ، تفهمت تماما فكرة إستبعاد خيار السودانيين للوحدة مع مصر . فتمت في جلسة البرلمان السوداني سابقة الذكر فوز إقتراح إستقلال السودان التام بجميع أصوات النواب ، وبالتالي فقد قام نواب البرلمان بصياغة مذكرة بتاريخ 19/12/1955م رفعوها للحاكم العام البريطاني في مسيرة معروفة من مبني البرلمان بالخرطوم والذي يشغله اليوم مجلس تشريعي ولاية الخرطوم وحتي سراي الحاكم العام ( القصر الجمهوري حاليا) ، فإستلم الحاكم البريطاني المذكرة وأرسلها تلغرافيا إلي الحكومة البريطانية في لندن ، ولم تمض أيام حتي وافق مجلس العمزم البريطاني ( البرلمان ) علي تحويل الحكم الذاتي إلي منح السودان الإستقلال التام ، والذي تحدد له أن يتم في الأول من يناير 1956م .. وقد كان .
قام الزعيم إسماعيل الأزهري بتشكيل أول وزارة برئاسته ، كما تم إختيار مجلس سيادة رئاسي تشريفي من خمسة شخصيات كانت بينهم شخصية من الجنوب ، وهم: أحمد محمد صالح ، الدرديري محمد عثمان ، أحمد محمد يسن ، عبدالفتاح المغربي ، سريسرو أيرو .
كما كانت أول حكومة وطنية تتكون من الوزراء الإتحاديين وهم : مبارك زروق ، إبراهيم المفتي ، شيخ علي عبدالرحمن ، خلف الله خالد ، ميرغني حمزة ، حماد توفيق وغيرهم . كما إحتل حزب الأمة مقاعد المعارضة بالبرلمان حيث كان زعيم المعارضة السيد محمد أحمد محجوب ، وذلك علي النمط البريطاني أو مايطلق عليه ديمقراطية ( ويستمنستر ) كناية عن مقر البرلمان البريطاني بلندن ( مجلس العموم ).
ولكن لم تمض عشرة أشهر علي تشكيل أول حكومة وطنية برئاسة الأزهري إلا ويحدث إنشقاق مدوي كبير أحدث شرخا كبيرا في الحركة السودانية عموما وفي الأوساط الإتحادية علي وجه الخصوص وذلك في نوفمبر 1956م ، والذي تمثل في خروج مجموعة الختمية من النواب البرلمانيين إثر خلاف مع مجموعة الأزهري ليشكلوا حزباً جديداً كان قوامه جماهير الطريقة الختمية ، وقد سمي بحزب الشعب الديمقراطي وترأسه السياسي المعروف ( الشيخ علي عبدالرحمن الأمين الضرير ) وقد تحالف هذ الحزب الجديد مع حزب الأمة حيث شكلا أغلبية داخل البرلمان السوداني وأسقطا حكومة الأزهري ، وقاما بذات الأغلبية الميكانيكية الجديدة بإختيار السيد الأميرلاي عبد الله خليل رئيسا للوزارة الجديدة وقد كان نائبا برلمانيا ويشغل منصب السكرتير العام لحزب الأمة ، فإستمرت تلك الحكومة الإئتلافية بين حزب الشعب الديمقراطي والأمة لمدة عامين بالضبط ، علما بأن هناك إنتخابات نيابية قد قامت في العام 1957م وقد خاضها الإتحاديون منشطرين علي الحزبين المذكورين ، مما أهل حزب الأمة بفوز كبير في برلمان العام 1957م .
وما يجدر ذكره بأن قيادات حزب الشعب الديمقراطي ( الختمية ) وقيادات الوطني الإتحادي ( الأزهري ) قد إستشعروا وقتذاك تمدد الحزب المنافس لهما تاريخيا وهو حزب الأمة ، وبدأت الخلافات تدب في أوساط الأمة وحزب الشعب الديمقراطي ، الشيء الذي أحدث تقاربا جديدا في الأفكار التي كانت تظللها أشواق النضال المشترك إبان حقبة النضال ضد الحكم البريطاني ، وبالتالي فقد كانت هناك إتجاهات بأن ينحاز نواب حزب الشعب والوطني الإتحادي لإسقاط حكومة عبدالله خليل من داخل البرلمان عن طريق طرح صوت ثقة في حكومته حسب النهج الديمقراطي السائد وقتذاك ، وتأزم الموقف السياسي الوطني كله ، وكان قد تحدد أن يجتمع البرلمان في دورته الجديدة بتاريخ 17 نوفمبر 1958م لتنفيذ خطة إسقاط الحكومة والتي بالطبع ستعيد الأمور لتحالف جديد بين الوطني الإتحادي والشعب الدميقراطي ، ربما يكون خطوة أولي في سبيل توحد الحزبين في حزب واحد ، مستفيدين من تجربة اللواء محمد نجيب السابقة الذكر والتي وحدت الأحزاب الإتحادية في العام 1953م .
ولكن ، وفي المقابل ، كان السيد عبدالله خليل وقتذاك ومن وجهة نظره البحتة أن ألأمر ربما يؤدي إلي صدام يقود إلي حرب أهلية إن خرج حزب الأمة من الحكم ، علي غرار الصدام الذي حدث إبان زيارة الرئيس المصري اللواء محمد نجيب إلي الخرطوم في مارس 1953م وما تبع ذلك من رفض للزيارة من جماهير الأنصار التي ذهبت مبكرا إلي مطار الخرطوم ، ثم ما تبع ذلك من أحدث دموية مريرة بين الشرطة وجماهير الأنصار ، وبالتالي فقد قرر عبدالله خليل أن يقلب المائدة علي الجميع ، فإتصل بالقائد العام للجيش الفريق إبراهيم عبود وأقنعه بأهمية إستلام الجيش للسلطة في 17 نوفمبر 1958م أي في اليوم المقرر فيه إنعقاد جلسة الجمعية التأسيسة ( البرلمان ) والذي كانت ستتم سحب الثقة من حكومته . وقد قيل وقتها أن عبدالله خليل والذي كان يشغل حقيبة وزارة الدفاع بجانب رئاسته للوزارة ، أن قال للفريق عبود بأن تعمل حكومة الجيش علي إستقرار البلاد لفترة إنتقالية محدودة لا تتجاوز العام الواحد ، علي أن تجري بعدها إنتخابات جديدة تعيد الأمور إلي الأحزاب تارة أخري ، غير أن الفريق عبود وقيادات الجيش كان رأيهم أن يتمدد الحكم العسكري لفترة أطول حتي لا تعود البلاد لذات فترة الهيجان والشد السياسي القديم . وقد إستمر حكم الرئيس عبود لمدة ست سنوات حتي أزاحته إنتفتاضة 21 أكتوبر 1964م الشعبية ، حيث أعلن وبطريقة حضارية جدا تنحيه عن الحكم وإشرافه علي تشكيل حكومة مدنية إنتقالية من الهيئات والنقابات وممثلي الأحزب ، حيث وقع إختيار الجميع علي الأستاذ سر الختم الخليفة الذي كان عميدا للمعهد الفني العالي بالخرطوم وهو ( جامعة السودان حاليا) بأن يكون رئيسا للوزارة الإنتقالية ولمدة ست شهور حتي أبريل 1965م وهو الموعد الذي تقرر فيها إجراء الإنتخابات العامة لتشكيل الجمعية التأسيسية ( البرلمان ) بعد توقف دام ست سنوات كاملة .
ولكن حدثت مفاجأة في ذلك الزمان ، فقد قرر حزب الشعب الديمقراطي مقاطعته لتلك الإنتخابات بسبب أن هناك دوائر جغرافية عديدة بجنوب البلاد لن تقوم فيها إنتخابات بسبب تمدد الحرب الأهلية التي إندلعت في العديد من المناطق بالجنوب ، وبالتالي فإن البرلمان يصبح ناقصا دستوريا ولا يمكنه إجازة دستور دائم للبلاد . غير أن الشق الآخر وهو الحزب الوطني الإتحادي قد خاض تلك الإنتخابات وكذلك بقية الأحزب الكبيرة المعروفة كحزب الأمة والشيوعي وجبهة الميثاق الإسلامي التي تشمل الحركة الإسلامية بما في ذلك جماعة الأخوان المسلمين .
أتت نتائج تلك الإنتخابات التي إنعقدت في أبريل 1965م بأغلبية متقاربة مابين الحزب الوطني الإتحادي بزعامة الأزهري وحزب الأمة بزعامة السيد الصادق المهدي الذي ترأس الحزب ، غير أن السن العمرية لم تسمح له بخوض الإنتخابات والتي تحدد للنائب المرشح ألا يقل عمره عن الثلاثين عاما وقد كان المهدي يبلغ التاسعة والعشرين وثمانية أشهر. ونشير هنا أن هناك خمس مقاعد فازت بها جبهة الميثاق الإسلامي ، وإحدي عشر مقعدا فاز بها الحزب الشيوعي واليسار بدوائر الخريجين .
خلاصة الأمر ، فإن الحكومة الوطنية التي أعقبت إنتخابات ثورة أكتوبر 64 تشكلت بإئتلاف ضم الوطني الإتحادي وحزب الأمة لكي يستكملا الأغلبية داخل البرلمان . حيث ترأس الوزارة السيد محمد أحمد محجوب من حزب الأمة ، وترأس مجلس السيادة السيد إسماعيل الأزهري من الوطني الإتحادي.
ثم تأت مفاجأة للأوساط الإتحادية لم تكن في الحسبان ، حيث جرت مناقشات توحد بوتيرة عالية بين حزب الشعب والوطني الإتحادي ، وكان يتبناها مولانا السيد محمد عثمان الميرغني في حياة والده مولانا السيد علي الميرغني من جانب ، والزعيم إسماعيل الأزهري وقياداته من الجانب الآخر ، وقد توجت تلك الجهود بإعلان إندماج الحزبين من داخل منزل الزعيم الأزهري بعد أن تحرك مولانا محمد عثمان الميرغني في موكب كبير من داره بالخرطوم (2) إلي دار الأزهري بأم درمان في العام 1967م ، حيث أطلق علي الحزب الجديد إسم الحزب الإتحادي الديمقراطي برعاية السيد محمد عثمان وبرئاسة الزعيم الزهري ، وقد أتفق أن يكون الشيخ علي عبدالرحمن نائبا للرئيس والدكتور أحمد السيد حمد الأمين العام للحزب .
وقد خاض الحزب الإتحادي الديمقراطي الإنتخابات النيابية التي جرت في العام 1968م موحدا ، الشيء الذي حقق له الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان ، وقد أحرز حزب الأمة المركز الثاني ، غير أن الحزبان قد شكلا الحكومة الجديدة مؤتلفين ، حيث تقرر أن يصبح السيد إسماعيل الأزهري رئيساً ( دائما) لمجلس السيادة ، بينما يحتل حزب الأمة رئاسة الوزارة حيث نالها السيد محمد أحمد محجوب تارة أخري حتي قيام إنقلاب 25 مايو 1969م بقيادة العقيد وقتها جعفر نميري الذي قام بحل الأحزاب تارة أخري .
وعند عودة الديمقراطية الثالثة في 6 أبريل 1985 إثر الإنتفاضة ضد نظام الرئيس جعفر نميري ، فإن هناك إنشطارا محدودا قد جري في الحزب الإتحادي تارة أخري بقيادة الأستاذ علي محمود حسنين الذي أسس الحزب الوطني الإتحادي تارة أخري ، غير أن الحزب الجديد لم يحقق أي دائرة في الإنتخابات التي جرت في أبريل 1986م ، وقد تكون علي إثرها حكومة إئتلافية كسابقاتها بين الإتحادي الديمقراطي وحزب الأمة ، علي أن تؤول رئاسة الحكومة للسيد الصادق المهدي ورئاسة الدولة للسيد أحمد الميرغني ، ورئاسة البرلمان لحزب الأمة أيضا حيث شغل المقعد البروفيسور محمد أبراهيم خليل الذي جيء به من مهجره في الولايات المتحدة الأمريكية .
ثم أتي إنقلاب 30 يونيو 1989م الذي قام بتعطيل الأحزاب تارة أخري عدا جماعة الحركة الإسلامية التي تبنت هي الإنقلاب وظلت تحكم حتي اللحظة بمشاركة رمزية من بعض الأحزاب .
وخلال فترة الإنقاذ الحالية تجزأت الحركة الإتحادية ، حيث قاد الشريف زين العابدين الهندي حزبا جديدا حمل ذات الإسم وهو الإتحادي الديمقراطي وعاد به إلي البلاد ليدخل الحكم مع حكومة الإنقاذ وقد إتخذ إسمه لقب ( المسجل ) ، الشيء الذي دفع بالإتحادي الديمقراطي ( الميرغني ) لعقد مؤتمر كبير بالقناطر الخيرية في مصر دعا له معظم قيادات الحزب الفاعلة من كل السودان في العام 2004م وشكلوا الهيكل التنظيمي للحزب وفق إختيارات عديدة وقد أطلق علي الحزب لقب ( المرجعيات ) ليأتي منسجما مع إسم مؤتمر المرجعية .
وفي الأثناء ، فإن قيادات عديدة قد إتخذت موفقا مخالفا للمؤتمر وقامت بمقاطعته حيث سبق لها أن توزعت إلي عدة تيارات ، المؤتمر الإستثنائي بزعامة الراحل محمد الأزهري ، والهيئة العامة التي كان يقودها إسحق شداد وحاج مضوي وحسن حضرة وتيار آخر إتخذ إسم الإتحادي الموحد بزعامة الحاج ميرغني عبدالرحمن الذي عاد لاحقا لصفوف الحزب ( الميرغني ) في العام 2007م ، كما تحول الإستثنائي إلي إسم الموحد بزعامة السيدة جلاء الأزهري وآخرين ، وأيضا هناك تيار الطريقة القادرية العركية الذي أسس حزبا حمل إسم الوطني الإتحادي برعاية شيخ عبد الله أزرق طيبة ، وبرئاسة دكتور يوسف الزين .
والجدير بالذكر أن كل تلك التيارات قد قامت بتسجيل كياناتها كحزب في مجلس تسجيل الأحزاب ، مما إضطر حزب الميرغني أن يطلق عليه إسم الحزب الإتحادي الديمقراطي الأصل ، والذي يعتبر الأكبر حجما بسبب تمسك العديد من الإتحاديين بهذا الحزب ، ويسنده في ذلك زخم الطريقة الختمية بجماهيرها العريضة المنتشرة في كافة بقاع السودان .
فهل ياتري سيشهد الزمان القادم توحد تلك الكيانات في جسد كبير واحد أو بما يسمي ( لم الشمل الإتحادي ) مثلما كان في الماضي التليد .. أم يتوقف قطار الإنشطارات كراهن من الصعوبة مغادرة محطته .. فالأيام حُبلي تلد كل جديد،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.