خلت أغلب مراكز الاقتراع في اليوم الخامس والأخير من استحقاق التحول الديمقراطي نحو تبادل سلمي للسلطة؛ من الناخبين، هكذا تبدو الصورة منتصف ظهيرة يوم أمس «الخميس» لكن بعضها ظل يستقبل مجموعات صغيرة بين الحين والآخر لترجح كفة ميزان مرشح على مرشح، الذين وصل عددهم في كافة أرجاء البلاد إلى أكثر من 14 ألف يتنافسون على ألفي مقعد في كافة المستويات الانتخابية بالولايات. في الوقت الذي شرع فيه المؤتمر الوطني في إجراء اتصالات سياسية بكافة الأحزاب يبتغي معرفة وجهة نظرها لتشكيل الحكومة القادمة عقب إعلان النتائج يوم الثلاثاء المقبل بحسب الموعد الذي ضربته مفوضية الانتخابات. وينص قانون الانتخابات على أن تبدأ عملية فرز وعد الأصوات فور إعلان رئيس المركز عن قفل باب الاقتراع وتبدأ بفرز أصوات رئيس الجمهورية، المجلس الوطني، رئيس حكومة الجنوب، الولاة، المجلس التشريعي للجنوب، والمجلس التشريعي في الولاية. يقوم رئيس لجنة الاقتراع بكتابة تقرير عن عدد الناخبين المسجلين والمقترعين والممتنعين، وبطاقات الاقتراع المتسلمة والمستخدم منها وغير المستخدم، بالإضافة إلى عدد بطاقات الاقتراع التالفة ومجموع الأصوات الصحيحة وغير الصحيحة وعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح أو قائمة حزبية، أو قائمة مرأة. وفي جولة تفقدية ل«الأهرام اليوم» للمراكز أمس في يوم الاقتراع الأخير، كان السكون هو سيد الموقف تقطعه بعض حركة الناخبين بينما اكتفى وكلاء المرشحين والأحزاب السياسية بإلقاء نظرة الوداع الأخيرة للصناديق التي تحكم المصير القادم لبلد المليون ميل مربع، وتلك مرحلة جديدة تعقبها تحالفات للمعارضة وللحكومة الجديدة في مسعى لكل واحد منهما لتحقيق أهداف معلنة وأخرى مستترة. بمركز حلة خوجلي بالخرطوم بحري وفي مدرسة الشيخ خوجلي العريقة خلت ساحتها من الناس، إلا من موظفي الاقتراع ووكلاء الأحزاب وجنود الشرطة. احتساء الشاي كان هو اللافت للنظر دلالة على الاسترخاء التام على الرغم من غضب أحزاب معارضة مقاطعة للانتخابات. لا شيء يعكر صفو الأمن أو يمنع التواصل ما بين الجيران حتى وهم يختلفون سياسياً ويذهبون ليعبروا عن اختيارهم الحر، يقول عاطف حافظ حمد رئيس لجنة الاقتراع 2 إن عملية التصويت في يومها الأخير تسير ببطء نسبة لارتفاع النسبة في اليومين الأولين. ويصف الإقبال بالضعيف جداً في اليوم الخامس. وبخصوص عملية فرز وعد الأصوات التي ستبدأ اليوم في كل أنحاء السودان توقع أن ينتهي العمل منها خلال 6 ساعات فقط. وقبل أن أغادر المركز استوقفني مرشح الحزب الاتحادي الأصل للمجلس التشريعي لولاية الخرطوم شيخ إدريس حسن شيخ إدريس ليشكو لي من وقوع تزوير، سألته عن أخطاء لكنه أشار إلى أن هنالك حالتين تم التصويت فيهما باسمي شخصين آخرين بدلهما. وقال إنه تقدم بشكوى للجنة الانتخابات. وهاجم اللجنة الشعبية بحلة خوجلي لتسامحها في استخراج شهادات سكن لمنسوبي ومؤيدي المؤتمر الوطني ولكنهم يرفضون ذلك لمنسوبي الأحزاب الأخرى، بحسب قوله غير أن مصطفى عبد الكريم عبد الرازق رئيس اللجنة الشعبية يؤكد خلال حديثه ل«الأهرام اليوم» عدم صحة ذلك ويقول استخرجناها لمن طلبها من دون رسوم، وأشار إلى سيارته التي كانت تقف بالقرب من مركز الاقتراع. وبعد دقائق معدودات جاءت حافلة من مركز الضو حجوج للعجزة والمسنين، كانوا ينزلون وفي أيديهم شهادات السكن ومنهم ذوو الاحتياجات الخاصة، ويشير إبراهيم -80 عاماً- وهو يحمل ورقته إلى أنه سيصوت في اليوم الأخير. ومثله يفعل 6 من الذين ينتظرون رحمة الله. تجاوزت حافلة «الأهرام اليوم» كوبري شمبات في طريقها إلى بيت المال بأم درمان، الشوارع هادئة والجو يكاد يتقلب ما بين الغبار العالق وارتفاع درجة الحرارة نسبياً، المركز رقم6 يكاد يكون مهجوراً من الخارج فلا شيء يدل عليه سوى خروج شخص تبعه آخر، وعندما دخلت وجدت المراقبين ووكلاء الأحزاب يتناولون الطعام مع بعضهم البعض، ويقول رئيس المركز الذي حمل رقم اللجنة 1 تاج الدين عثمان إبراهيم إن عدد الناخبين يوم أمس تجاوز100 شخص وارتفع الرقم إلى 629 من أصل 966 ناخباً مسجل في السجل الانتخابي، وكان ذلك حتى الساعة الرابعة من عصر أمس الخميس وتوقع أن يرتفع الرقم قليلاً لتصل أصوات المقترعين إلى نسبة 65%. الهدوء كان يعم المركز لكن سامي المبارك وكيل المرشح المستقل دفع الله عبد الله يوسف قال إنه تقدم بشكاوى حول اعتماد شهادات السكن في التصويت من دون وجود صورة توضح هوية الناخب كما أنه اشتكى من عدم وجود ستائر اقتراع. ولكن محمد سليمان من منظمة التضامن العالمية ومهند من المجموعة السودانية للديمقراطية والانتخابات وخنساء إبراهيم عبد الله من حزب الأمة القيادة الجماعية، جميعهم كانوا يشيدون بالتعاون بين كافة الأطراف ودار حوار بينهم حول ضعف ثقافة الانتخابات لدى المواطن من خلال الأخطاء التي وقعت أثناء الاقتراع. وكذلك يعطي قانون الانتخابات الحق في اعتراض الأحزاب والمرشحين على فرز وعد الأصوات قبل الإعلان عن نتائج الفرز والعد من قبل لجنة الاقتراع، بأن يطلب من رئيس لجنة الاقتراع إعادة جمع الأصوات أو فرزها أو عدها، ويجب إذا كان فارق الأصوات بين أي مرشح وآخر أو أي قائمة وأخرى أقل من خمسة بالمائة، ومجموع الأصوات الصحيحة وغير الصحيحة وغير الموقعة لا يساوي عدد المقترعين، أو لم تتطابق أي من المجاميع الأخرى، بالإضافة إلى أن يكون لدى رئيس لجنة الاقتراع ما يحمله على الاعتقاد بوقوع تدخل في عمليات الفرز والجمع، أو خطأ في الإعلان عن نتائج الفرز أو العد، أو وجد أن بعض الأصوات حسبت خطأً بسبب وضع بطاقات الاقتراع في صندوق غير المخصص لها..