امتياز القلوب في الأبدان بميزة العلاقات العامة بمبادرتها في حشد الخلايا لطابور التعاضد جعلها أنموذجاً جميلاً يحتذى به أكثرنا في نيل فضل الظهر لحمل الأعباء المرضية الثقيلة التي تجثم على الجسم (العام) السوداني.. وتتفاوت درجات الحمل بحسب نوع المرض وثقله على الجسد، وفي هذا تتفاوت أيضاً سعات الحاملين ومقدراتهم النفسية والجسدية. والإحصائيات الطبية التي يمكن تمريرها للإعلام بدون أي نوازع ما بعديّة بالتشكيك فيها تؤكد ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الفشل الكلوي بين البالغين والأطفال بشكل يثير القلق.. ويلزم الجميع بالتحرك لأجل معرفة الأسباب وطرق العلاج التي بدورها تستلزم تمويلاً جاداً وميزانية مفتوحة للأبحاث والدراسات العلمية الغائبة في حضور السبل العلاجية لكافة أوجاع أسباب المرض في السودان. وزارة الصحة كجهة رسمية في تمويل وتبرير كل ما يتعلق بالأمراض.. تستنزف سنويا أغلب ميزانياتها في توفير الجرعات العلاجية للمرضى في كافة أشكال الأمراض والأوبئة، وما تبقى من رهق ميزانيتها السنوية يذهب - على قليله - لتغطية المنصرفات الراتبة لمنسوبيها وبنيتها التحتية. لذلك يقل شأن البحوث والدراسات التي تسهم في المعرفة والتجديد في ما يرتبط بالطرق العلاجية الأوفر والأقل تكلفة إن كان من ناحية تصنيعها الداخلي أو من ناحية توفرها كمواد محلية مستخدمة في التقليل من كثير آلام الأمراض في السودان التي يتنافس على قوائم أولوياتها - منذ سنوات - مرض السرطان (الأورام الخبيثة) والأوبئة - على مختلف أنواعها - ومرض الفشل الكلوي وأمراض الدم. وفي مركز (نورة) لأمراض وزراعة الكلى بمستشفى سوبا الجامعي يستبين الوالج إليه عبء الحمل الثقيل الذي تكفلوا في المركز بحمله وبكل براح وسماح.. وبحث وتحليل. والمركز المبتدئ في بادئ عمله - وبدعم خيري - بوحدة معالجة المياه وثماني ماكينات استصفاء دموي ومولد كهربائي وعربة ترحيل، انطلق بإشراف إدارة مستشفى سوبا الجامعي ليصبح -وحده - قبلة للأطفال مرضى الفشل الكلوي وأمراض الكلى المختلفة.. بجانب عيادته المحوّلة التي تستقبل مئات الأطفال للمتابعة والعلاج المجاني. ومجاني هذه ليست لزوم الترويج الإعلامي أو العلاجي للمركز إنما هو حقيقة ما عادت تبدو غريبة في ما يخص العلاج الحكومي.. والثمن الذي يحصل عليه مركز (نورة) بعد الدعوات من بين دموع الأهل لحصول طفلهم على الغسيل أو عمليات الزراعة للكلى بدون طوابير انتظار مرهقة، هو الحصول على الدعم والتمويل بالأجهزة اللازمة من شبكة أوكسجين مركزية ومعدات غرف العمليات والصيانة والتركيب للأرضيات - ذات المواصفات العالمية - وربما أرفع ثمن هو الكوادر المؤهلة وذات الخبرة في التحضير لما قبل عمليات الزراعة والمتابعة لما بعدها. إن المركز ورغم بدايته واستمراره مادياً بدعم خيري (خارجي من دولة عربية) إلا أن الخدمة الكبيرة التي يقدمها في علاج متميز للأطفال المصابين بالفشل الكلوي تعتبر من الأعباء الوطنية الكبيرة المحمولة بسكات بالغ، بحكم أن التربية الاجتماعية السودانية تصر على أن (السواي ما حدّاث). لكن القلوب التي ترهق نفسها بضخ كل هذا الدم المعالج لتكفي الأجساد الصغيرة المريضة عبء السهر والحمى تحتاج لقليل ارتياح بدعم معنوي قبل المادي الذي هو ضرورة ليستمر مركز (نورة).