على الصفحة الأولى بجريدة «الأهرام اليوم» ومؤكد في جرائد أخرى بشَّر صاحب ألوان قراءها وقراءه باقتراب العودة إلى الصدور. وأهنئ الأستاذ حسين خوجلي، ثم أكتب عنه وعنها من منطلق ذاتي. وكانت البداية مساءً خريفياً من مساءات 1987م، وكان حسين وقتها يقيم بالثورة، ولم تكن هناك معرفة شخصية رغم ود نوباوي، وكان ذلك المساء واقفاً أمام منزله، وكانت جريدته «ألوان» هي الأكثر انتشاراً، فأقبلت نحوه مقدماً اسمي، وقال لي: «قمم وسفوح»، ثم أضاف «اكتب معنا». وقلت له «هل تستطيع أن تنشر لي كلاماً «طيباً» عن الرئيس نميري؟». وقال لي: «جداً». وكان الرئيس نميري في ذلك الوقت في الصحافة السودانية سفَّاحاً وطاغية ومخلوعاً وهارباً ولصاً (لاجئاً) في القاهرة، وكانت الحكومة الطائفية والشيوعيون والتجمع يطالبون بتسليمه. ثم كتبت مجموعة من المقالات الطويلة تحت اسم (تقاسيم على ملف أبعاج)، ونشرها حسين بالفعل، وأثارت ضجة وإعجاباً، وأثارت استياء خصوم الرئيس نميري، وأرسلتها له في القاهرة وأعجبته، ولما التقينا في نفس عام 1987م قال لي: «اثنان فقط كتبا عني كلاماً طيباً، أنت وأحمد سليمان، وأنت وحدك، وأحمد سليمان وراءه حزب قوي وغني الذي هو الجبهة الإسلامية القومية». وبلغ تقديري للأستاذ حسين على نشره لتلك المقالات في ظل تلك المناخات المعادية للرئيس نميري قصاراه، خاصة وأنني أعرف أنه كان في حياته ولا يزال، جرح لن يندمل أبداً، سببه قتل النظام المايوي لشقيقه عبد الإله خوجلي، زميلنا في كلية طب القصر العيني، نصف السبعينيات الأول. ولفت نظري مرة قول الأستاذ حسين لي إن المكتب السياسي للجبهة الإسلامية القومية قرر اعتمادي كاتباً في ألوان براتب شهري قدره... وكان مبلغاً محترماً. وفي ما بعد، بعد انقلاب 30 يونيو 89، وبعدما اتضح أن الحركة الإسلامية هي التي دبرته، عرفت السبب. فأن تمجد انقلابياً مثل نميري في جريدة واسعة الانتشار؛ يخدم قضيتك التي هي تنفيذ انقلاب عسكري ضد نظام تعاهد أركانه بميثاق الدفاع عن الديمقراطية، على الرفض التام لأي انقلاب عسكري. ثم أعاد حسين إصدار ألوان عام 1996م، وكنت معه، ثم تركت ألوان أكثر من مرة، وعدت إليها أكثر من مرة، ولم يكن حسين قط من أسباب تركي لها. وكان بيننا باستمرار احترام متبادل، وهناك الآن في البلد مدرسة صحفية تستطيع أن تطلق عليها مدرسة ألوان، فكثير من الصحفيين النابهين تعلموا الصحافة في هذه المدرسة، ولم أكن منهم، فقد كان مدخلي للكتابة اليومية، التي هي عمل مرموق، كما قال أحمد بهاء الدين، جريدة الصحافة. صحافة فضل الله محمد، وشريف طمبل، والحسين الحسن، أول ثمانينيات القرن الماضي. عادت ألوان إلى قرائها، وعاد حسين خوجلي إلى جمهوره، خبر يستحق بكل المقايس.