الاشكاليات التي صاحبت عملية الانتخابات في بدايات مراحلها التمهيدية منذ تكوين مفوضية المراجعة الدستورية واجازة قانون الانتخابات ومن قبله التعداد السكاني وتكوين مفوضية الانتخابات وحتى انعقاد الانتخابات والتعقيدات التي شهدتها وحتى مرحلة إعلان النتائج والواقع الذي أفرزته على مستقبليات القضايا الوطنية الملحة التي تقف قضية الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب البلاد والأوضاع بدارفور أثناء الانتخابات، كانت تلك المحاور مدارات أحاديث القادة السياسيين الذين تداولوا حول الرأي في ندوة جمعية حماية المستقبل بجامعة الخرطوم يوم «الخميس». إقصاء المستقلين بقانون الانتخابات من التمتع بحق دخول القوائم النسبية كان مدخلاً لحديث الناطق الرسمي باسم تحالف قوى الاجماع الوطني فاروق أبوعيسى بالندوة، حيث وصف هذه الخطوة بانتهاك الدستور. وأشار إلى أن المفوضية القومية للانتخابات كانت خصماً وحكماً في الاستئنافات حيث ترد إليها وما من سبيل إلى الوصول إلى القضاء إلا بعد استنفاد الفرص أمام المفوضية. وأشار إلى وجوب التحصُّن من الاحباط لأن المعارك كثيرة ومعركة الانتخابات كسبها المؤتمر الوطني بأسلوب فاسد، وعلينا أن نقوّي صفوفنا ونعزّز قناعتنا لأجل استعادة الديمقراطية والسلام. القيادي بالحركة الشعبية إدوارد لينو أبان أن أحد قادة المؤتمر الوطني قال إن الحركة لا تريد الانتخابات لذلك أعطيناها مقاعد بالبرلمان واعتبر ذلك ضرباً من قابلية التلاعب بالمواثيق التي يجسدها الوطني، وقال إن الوطني وحركة حماس تخرّجا من مدرسة واحدة ومن نفس الفصل وعملا مع بعض وقاما بتأييد بعضهما وتوصلا لمفهوم من منحنا السلطة فليأخذها. وأضاف أن حركة حماس قسمت فلسطين وحكمت قطاع غزة بينما رام الله بيد حركة فتح. وأشار إلى استعداد الوطني لتقسيم البلاد وفق هذا النهج. ثمة قناعة لدى الوطني بتسيير الأمور وفق رؤيته برضاء الناس أو رفضهم مثلما حدث في الانتخابات أمر يبدي لينو تخوفه من أن يحدث في الاستفتاء، وعزا تمسك الوطني بالسلطة إلى خوف أعضائه من انتقام ومحاسبة الشعب لهم، على ما اقترفوه بحق البلاد. وشكك لينو في فوز البشير وقال إن رئيس الجمهورية لم يتحصل سوى على 47% في مقابل 42% ل«ياسر عرمان»، وأضاف أن هناك بعض الملامح الخطيرة للتزوير في الانتخابات بحيث أن المفوضية ينص القانون على تشكيلها بعد (30) يوماً من اجازة قانون الانتخابات إلا أنها لم تشكل إلا بعد (4) أشهر من اجازة القانون وتشكيلها بالتناصف بين الشريكين وتهميش ممثلي القوى السياسية. وغياب البعد الاستراتيجي لدى المؤتمر الوطني حول الانتخابات بإعلان قادته أنهم أتوا إلى السلطة بالقوة وحاربوا في جنوب البلاد وأن لهم تحت كل شجرة شهيداً والاصرار على كل ما هو غير ديمقراطي من العزل والاقصاء وقائع بنى عليها أبو عيسى موقفه الشخصي بمقاطعة الانتخابات. ضغوط الحركة الشعبية التي تراجع معها المؤتمر الوطني فيما يلي تقسيم الدوائر والاحتجاج على الاحصاء السكاني بمنح الحركة مقاعد اضافية بالبرلمان اعتبرها أبوعيسى دليلاً على اعتراف الوطني بعيوب الاحصاء. وقال أبوعيسى إن الوطني أصرّ على اجراء الانتخابات بدارفور رغماً عن انعدام الأمن. وختم أبو عيسى حديثه بأن النسبة العالية التي حققها المؤتمر الوطني والرئيس البشير تجعلنا في مرتبة واحدة مع الدول العربية التي كنا نضحك عليها بإحراز رؤسائها نسبة 90.90 %، وأشار إلى استشراء الفساد في ظل حكم المؤتمر الوطني. حيث أن بعض المرشحين ذات أنفسهم لم يجدوا أصواتهم ومنهم مرشح المؤتمر الشعبي عبد الله دينق وقُيّد الأمر بأن تبديلاً لصناديق الاقتراع حدث. وفي انتخابات النيل الأزرق قال إن قيادات الوطني أعلنوا تقدم مرشحهم لمنصب الوالي فرح عقار إلا أن مرشح الحركة مالك عقار وضع يده على (5) صناديق اقتراع قادمة من جهة ما إلا أن مالك كان وضعه جيداً لديه جيش ورفض التزوير وفاز. وأبدى استغرابه مما وصفه بتغيير طال البلاد حيث أن هناك انتهازيين وحرامية، اجتمعوا في اتحاد واحد ونفذوا عملية الانتخابات. وأضاف أن طيلة ال 20 عاماً الماضية كان هناك نهجاً حتّم على السلطة أن تأتي بأناس جدد وتملكهم السلطة مقابل أن يقدموا لها خدمات مثلما حصل في الانتخابات. عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف اعتبر أن الإقدام على انقلاب 1989م القصد منه رفض الحلول السلمية لمشاكل البلاد التي كانت أوضح ملامحها اتفاق الميرغني قرنق، وأشار إلى أن نتيجة الانقلاب ظلمة استمرت حتى يومنا هذا، مذكراً باصطفاف قوى المعارضة ضد الوطني والعمل بكل قواها لهزيمته وقد فشلت فيه مثلما فشلت القوى السياسية في هزيمته إلى أن جاء اتفاق نيفاشا الذي كان من الممكن أن يحافظ على مستوى القوتين لأن الاتفاقية تضمنت تفكيك النظام الشمولي بقيام الانتخابات الحرة النزيهة والتبادل السلمي للسلطة. وواصل يوسف إلا أن النظام لا يريد أن يفرّط في السلطة حيث نصت الاتفاقية على الانتخابات وخلال (6) أشهر الأولى كان يجب مراجعة القوانين وتعديلها بحلول 9/ يناير 2006م إلا أنها لم تُعدّل وما عُدّل منها كان أسوأ من سابقه لحرية النشاط السياسي، وأشار إلى أن تأخير إجازة قانون الانتخابات وتأخير إجراء الاستفتاء كان القصد منها تضييق الهوة الزمنية على القوى السياسية حتى لا تتمكن من الاستفادة الزمنية في العمل السياسي الذي تتيحه القوانين المعدلة. وأجرى صديق مطابقات حول الخلل الذي صاحب الاحصاء السكاني وقال إن ولاية الخرطوم التي جاءت نتيجة الاحصاء فيها 5.200.000 وبحسب النمو الطبيعي لكتلتها السكانية فإن سكانها أكثر من 8 ملايين في حين جاءت الزيادة عن المعدل الطبيعي لإقليم دارفور 300% والجنوب 50% في حين أتت الزيادة في متوسطها حسب المعدل الطبيعي للولايات الشمالية للبلاد بنسبة 100%. وأشار إلى أن اعتراف الوطني بأخطاء التعداد السكاني وضح في زيادة عدد الدوائر بجنوب كردفان. وضرب صديق مثلاً بولاية الوحدة التي عدد سكانها بحسب التعداد 5.82 ألف نسمة في حين كان المسجلين للانتخابات من ذات الولاية 5.22.000وكذلك بالنسبة لتسجيل القوات النظامية حيث قدم طعن في منطقة توتي ضد تسجيل 1958 من القوات النظامية التي لا يوجد فيها مكان عمل أو سكن لتلك القوات إلا أنه وبحسب صديق فإن الطعن المقدم رفض، قائلاً بأن مفوضية الانتخابات وضعت لوائح تسمح بالتزوير. وفيما يلي الطعون المقدمة من القوى السياسية أشار إلى رفض المفوضية ل 40 من تلك الطعون التي قبلها القضاء مع عدم تشكيل المحاكم الاجرائية الخاصة بالنظر في الطعون حتى الآن. وذهب إلى أن نتيجة الانتخابات مزورة وعملت على تقريب انفصال الجنوب. الحضور من الطلاب في الندوة والذين لم يتجاوزوا 300 طالباً عَنّ لي أنها الملاحظة التي التقطها بعض المتحدثين وعلى رأسهم أبو عيسى وجعلها مدخلاً في عدم الركون للاحباط واليأس وضرورة استلهام الأمل وحثّ الشباب على مواصلة العمل لأجل التغيير.