{ تتكلم المرأة أحيانة معربة عن ضيقها وكدرها لتخاطب ذاتها، ولكن أحياناً ترفع صوتها أكبر من اللازم فيسمعها الآخرون، يحصل ذلك دائماً عندما تدير وجهها عن زوجها وهي ساخطة عليه وتبدأ في سرد هفواته وزلاته وتشكو منه ومن تصرفاته المزعجة كلما سنحت لها الفرصة ومع من تراه مناسباً غير عابئة بما تقوم به بقصد أو بدون قصد من تشويه صورة زوجها في عيون الناس وتحقيره بصورة فاضحة سرعان ما تبلغ مسامعه من جهة ما فيبدأ حبه لها في التساقط وينمو حزنه وندمه على جدران خيانتها التي تراها هي بريئة رغم أن الواجب والعُرف والشرع والإحساس يشير إليها على أساس أنها حاملة الأسرار والمتسترة على العيوب والأخطاء فتتحول الزوجة دون أن تدري إلى امرأة خائنة بلسانها ويتحول زوجها بالتالي إلى رجل مغبون ونافر ونادم وفاقد للثقة في شريكة حياته. { ما دفعني للإشارة إلى احتمال أن تكون هذه الخيانة «بريئة» ما يعُرف عن جميع النساء من ميلهن الفطري للثرثرة في أي موضوع، حتى وإن كان الخوض في تفاصيل حياتهن الخاصة سلباً أو إيجاباً، وقد لا يجوز أن نتهمهن بالخيانة المطلقة لسبب يتعلق بطبيعتهن وتركيبتهن البشرية التي لايد لهن فيها. ولكن أحياناً تزيد معدلات الثرثرة لدى بعض النساء فتتجاوز المعقول وتتحول إلى مرض نفسي بسبب خلل ما في الشخصية قد يحتاج إلى علاج لكي تتغلب صاحبته على هذه المشكلة السلوكية، التي يؤكد الواقع أنها لم تعد قاصرة على النساء فحسب، فهناك ثرثارون من الجنسين يغفِلون أحياناً المعنى الحقيقي للزواج الذي هو في الأساس يعتبر وثيقة شرعية وعقد قانوني وعلاقة انسانية تقتضي الالتزام بتكوين أسرة على مبدأ الحب والوفاء والاحتمال والتعايش والصبر. { وبما أن مؤسسة الزواج تحتاج للتعامل الذكي مع المواقف لتسيير عجلة الحياة، فإنه يجب على الزوجة تحديداً باعتبارها الطرف الأكثر مسؤولية عن نجاح الزواج وثبات البيت عليها أن تتعلم كيفية التعاطي مع منغصات الحياة التي تبدر من زوجها بذكاء، وعلى كل امرأة أن تتذكر أن مبادراتها للنيل من كبرياء ومكانة زوجها أمام طرف آخر أيَّاً كان تعتبر معاول لهدم الكيان الزوجي ونسفه. وإذا كنا نفضل ألا نحكم ونحن غاضبين، فمن الأجدر ألا نشكو ونتذمر من إنسان لا زلنا قانعين بالحياة معه رغم ما بها من نكد وأزمات. فإما أن تخرجي من حياة زوجك غير الملائم صاحب السلوك الموجع والمزعج للأبد وبكل هدوء وسلام، أو تصبري عليه وتتعايشين مع سلبياته وتجتهدين في تحويلها إلى إيجابيات محببة ومريحة لك على الأقل. { وتذكري يا عزيزتي الزوجة أن التقليل من شأن زوجك هو كذلك تقليل من شأنك لأن زوجك محسوب عليك وأنت محسوبة عليه، والعلاقات الزوجية الناجحة لا تبنى بالمباني والأثاثات بل تبنى بالصبر والحكمة، ولا شيء يزعج الرجل بقدر التفكير في أنه قد أساء اختيار الزوجة الصالحة التي «تستر» العرض وتكتم السر وتقوِّم المعْوَج. فلا تغامري بالتنكيل بزوجك والشكوى منه مر الشكوى وإظهار عيوبه لأنه ليس هناك من بإمكانه أن يحل مشاكلك مع زوجك أو يبدل تصرفاته المزعجة غيرك، باعتبارك شريكة حياته والإنسان الأكثر فهماً ومعرفة به، وكل من عداك لا يعتبر أكثر من مجرد طرف آخر أقحمتيه فيما لا يعنيه وعرضت نفسك لشماتته وسخريته منك وأصبحت مثارا (لونسته) وأصدقائه وأهله وأصبح ينظر إليك نظرة مختلفة قد تكون أقل احتراماً وأكثر تعرضاً لسيرتكما وحياتكما الزوجية بحيث تصبحان حكاية على كل لسان. { تلويح: «أكثر النساء كلاماً، أقلهن كلاماً»! فاحترسن.