{ خبر صغير التقطته من دفتر أحوال الأخ الزميل الصحفي سراج النعيم، الذي هو «مخبر» صحفي يجعلك تحس أنه قد تدرب في ال (اف. بي آي) لما يمتلكه من نفس طويل وقدرة على ملاحقة الخبر والوصول إلى جذوره، والخبر يقول إن الجمعية السودانية للمؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى قد بدأت في تنظيم حملات واسعة على الفنانين الذين يتغنون بأغاني الغير في الأندية وبيوت الأعراس دون أخذ الإذن المسبق أو توقيع عقود اتفاقية مع أصحاب الحقوق الأصيلة. وللأمانة وبالصدق كله أقول إن الخبر أضحكني بقدر ما فاجأني لأنه يلخص ببساطة المستوى الذي وصلنا إليه ونحن نضرب بعرض الحائط كل درجات السمو والشفافية وجمال الدواخل في سبيل البحث عن الحقوق المادية. نعم ما يحدث الآن ليس له معنى سوى أنه صراع المادة والفلوس أو «الضحّاكات المبكيات»، وما يقال عن أنه دفاع عن الحق الأدبي وعن شكل الأغنية وعن نظافة الأداء والحفاظ على قالب الأغنية الأصلي من التشويه، ما هو إلا مجرد قناع شفاف يكشف الوجه القبيح الذي يخبئه. أفهم وأقبل واستسيغ منطقاً أن يدافع الشعراء والملحنون والفنانون عن حقهم المالي في علنية البث من خلال البرامج الفضائية أو الإعلانات أو ما يقدم من خلال القنوات باعتبار أنه كله قد دخل في قائمة «البزنس»، لكن «سَكْ» الفنانين في الأندية وبيوت الأفراح لمنع ترديد أغنيات الغير «دي دايره ليها وقفة» وتأمل، خاصة أن آلية تنفيذها صعبة وشكلها «شين»، يعني مثلاً فنان يزف عروساً بأغنية سيرة لفنان آخر، «يلقى نفسه فجأة كلبوش وممنوع من الغناء والحفلة تبوظ»؟ أم أن الجمعية سترسل مخبريها السريين لتسجيل الحفلات «صوت وصورة» ثم تبدأ في تفنيدها ورصّها تمهيداً لفتح بلاغات في فلان وعلان.. لأنه ده غنى أغنية داك في الحاج يوسف.. أو أن ديك غنّت لديك في شمبات.. معقولة بس؟ يا جماعة ما يحدث فاق حد الوصف والتصوُّر ووصل مرحلة فيها نوع من التطرف والمغالاة، مما يجعل الفن مقيداً ويجعل النسمات الباردة التي تهب من جهته رياحاً للخماسين يقشعر لها البدن وتعصر القلوب. نعم أنا مع حفظ حق الشاعر والملحن والمغني صاحب الحق الأصيل، لكن ليس إلى هذه الدرجة، وكلنا نشاهد عبر الفضائيات العربية فنانين كبارا وشبابا يؤدون أغنيات بعضهم البعض بكل محبة وطيب خاطر، فما الذي حدث، وهل هذه الحملة ستشمل حتى الفنانين الكبار.. يعني مثلاً هل يجرؤ أحد أن يمنع سلطان الطرب كمال ترباس أن يغني واحدة من روائع الكاشف، أو يمنع صلاح ابن البادية أو محمد الأمين.. أم أن المسألة معني بها الفنانون الشباب، وأن هذه الجمعية ستكون ذراعاً آخر يجرد جسد الوسط الغنائي من علائق المحبة والجمال والتسامح التي يجب أن يدعو لها ويتصف بها؟ ودعوني على غير المتعارف عليه أقول لو كان «المال» رجلاً لقتلته. بالمناسبة طالما أن كل واحد حياخذ حقه «بذراعه» فمن يأخذ حق الفنانين والشعراء والملحنين الراحلين الذين تغنى معظم الفنانين الكبار بأعمالهم يوم أن كان عودهم طرياً وكانوا شباباً..؟ وللا ده تاريخ منسي ونحن ولاد الليلة؟! { كلمة عزيزة قليلون جداً هم من يستطيعون أن يغنوا أغنيات الراحل العظيم عثمان حسين، لكن واحدة من هؤلاء القلة هي الشابة الواعدة «منار صديق» وإن كنت قبلاً لا أتخيل أن واحدة تستطيع أن تتفوق على سميرة دنيا حتى جاء زمن منار ليثبت لنا العكس!! { كلمة أعز بكل صدق أقول إن برنامج «غير حياتك» الذي تقدمه دكتورة هبة واحد من البرامج التي تحترم المشاهد لأنها تعرف احتياجاته، وتعرف مقدمته المفردة والأسلوب الذي تصل به إلى عقل وقلب المتابع لها.