{ اتصل بي بعض القراء الأعزاء طالبين المزيد من الأطلال التي لم تغنِّها سيدة الغناء العربي أم كلثوم وفرحت كثيراً فمن معاني ذلك أولاً أنهم يتابعون كتاباتنا، وقد اتصلوا بنا طالبين المزيد من الأطلال مما لم تغنِّه أم كلثوم وكان في مقدورهم أن يحصلوا على هذا المزيد بوسائل أخرى وهي كثيرة ومتاحة لكنهم تعمَّدوا أن يتقدموا بهذا الطلب إلينا. { وأعادوني إلى تلك الأيام التي كنت أحرر فيها باباً أسبوعياً بجريدة ألوان اسمه «زمان الست» وكان باباً مقروءاً ومبتكراً لأنه وفي حدود قراءتنا واطلاعاتنا فإننا لم نعثر قط على عمود صحفي مخصص لأم كلثوم وأغنياتها وملحنيها وشعرائها رغم أنها تستحق ماهو أكثر من ذلك، وفي نفس الوقت فإننا لا نستبعد وجود مثل هذا العمود في صحافة الثلاثينات والأربعينات والخمسينات..!! { ويطول الكلام عن تلك الفلاّحة الفقيرة الموهوبة التي من العدم أو من القاع وصلت إلى تلك المكانة غير المسبوقة من الغناء العربي. { ولقد كنا جيلاً سيء الحظ من النواحي السياسية لكننا غنائياً كنا أفضل الأجيال في التاريخ العربي الحديث، فقد عشنا في عصر أم كلثوم وكنا نسمع أغنياتها حية (live) بل إننا عشنا زمناً ما في مدينتها القاهرة، وكانت هي و«الدور» المصري في ذلك الوقت من أول سبعينات القرن الماضي من الأسباب القوية التي جعلتنا نقرر أن نتلقى تعليمنا الجامعي في القاهرة وليس في الخرطوم. { لقد غنَّت أم كلثوم أبياتاً من قصيدة الأطلال التي نظمها الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي، وغنّى له زيدان إبراهيم قصيدة جميلة، ولحن الأطلال الموسيقار رياض السنباطي، وكعادتها فإن أم كلثوم أجرت بعض التعديلات في القصيدة فقد قال ناجي: يا فؤادي رحم الله الهوى وغيَّرتها أم كلثوم إلى: يا فؤادي لا تسل أين الهوى.. وقال ناجي: لست أنساك وقد ناديتني بفم عذب المناداة رقيق وغيرتها أم كلثوم إلى: لست أنساك وقد أغريتني بفم عذب المناداة رقيق ولم يقتصر التدخل الكلثومي على قصيدة ناجي الشهيرة الأطلال لكنه اشتمل على قصائد كثيرة ومنها «أغداً ألقاك» لشاعرنا الهادي آدم. { نعم نعود لطلب أولئك القراء ونذكر مقطعاً لم تغنِّه أم كلثوم من قصيدة الأطلال.. قال ناجي: كُنْتِ تِمْثَالَ خَيَالي فَهَوَى المَقَادِيْرُ أَرَادَتْ لاَ يَدِي وَيْحَهَا لَمْ تَدْرِ مَاذا حَطَّمَتْ حَطَّمَتْ تَاجي وَهَدَّتْ مَعْبَدِي يَا حَيَاةَ اليَائِسِ المُنْفَرِد ِ يَا يَبَاباً مَا بِهِ مِنْ أَحَدِ يَا قَفَاراً لافِحَاتٍ مَا بِهَا مِنْ نَجِيٍّ يَا سُكُونَ الأَبَدِ