{ ربما يفسّر البعض عدم حرص أعضاء اتحاد المهن الموسيقية على دفع اشتراكاتهم، مما تسبب في تأجيل انعقاد جمعيتهم العمومية لأكثر من مرّة، ربما يفسره البعض بأنه شكل من أشكال اللامبالاة تجاه قيام الجمعية نفسها، وبالتالي إن كان هذا التفسير صحيحاً فلماذا لا نسأل أنفسنا عن أسباب هذه اللامبالاة؟ ولنسأل الأعضاء أنفسهم إن كانوا يشعرون أن اللجان السابقة للاتحاد الحالي أو ما سبقه من اتحادات قد فشلت في حل مشاكلهم أو في تهيئة الجو المناسب لهم ليتنفسوا إبداعاً وفناً جميلاً. وبعيداً عن الفرضيات دعونا نقرأ الواقع بمنتهى التجرد والصدق، ونقول إن اتحاد المهن الموسيقية في دورته القادمة تواجهه تحديات مهمة، أولها هم الأغنية السودانية نفسها ومحاولة البحث لها عن منافذ لتخرج إلى السمع العربي، خاصة وأن كلمة المحلية أصبحت مرادفاً تقليدياً للأغنية السودانية رغم أنها هي الأجدر والأحق بأن تتسيد الساحة العربية لما فيها من حلو المعاني وجميل التجارب التي تمثل خلاصة الخلاصة للدواخل البشرية. نعم الاتحاد مواجه بأن يبحث عن منافذ تتسرب منها الأغنية السودانية، إن كان عبر المهرجانات أو المشاركات، مع تعدد وتنوع قوافل المغادرين، لأن البعض يشعر «بالغبن» ويقول إن السفر إلى الخارج رهين بالشللية وأعرفني وأعرفك وصاحبي وصاحبك ! دون أن نراعي أولويات كثيرة ومهمة أولها أن تعدد الوجوه والتجارب الفنية يمنحنا مزيداً من الأراضي خارجياً ويلفت النظر إلى موسيقانا وأغنياتنا. ولعل واحدة من أهم التحديات التي تواجه الاتحاد القادم هي ضرورة بحثه عن جسور تمتد بينه وجيل الشباب الذي يشعر أغلبه أنه غير مرغوب فيه، لأن الانضمام إلى اتحاد المهن الموسيقية للقادمين الجدد مرهون بمجموعة شروط هي أقرب للتعجيزية، حتى لكأنّه سهلٌ جداً لهم أن يقتحموا أحد معاقل طالبان من أن يقتحموا سور الاتحاد المعني بالأغنية والموسيقى السودانية، لذلك على الجمعية القادمة أن تبدأ عهدها الجديد بحزمة قرارات تصب في مصلحة الفنان والأغنية والمستمع نفسه الذي يتأثر بأي مردود سالب لأي خلافات تدور في أوساط الفنانين، ودعوني أهمس في أذن الفنانين أنفسهم أن مسرح دارهم يبنغي أن يكون أكثر جمالاً وأناقة وألقاً مما هو عليه، لأنه مسرح من يتغنون للجمال والروعة، وعيب أن يكون متواضعاً وميالاً للقبح أكثر منه للحلاوة والطلاوة. في كل الأحوال أتمنى أن تنعقد الجمعية العمومية للفنانين في موعدها، وما أتمناه أكثر أن يكون اتحادهم مؤثراً بدرجة تأثير المنضوين تحت لوائه، وهم بالضرورة نجوم تلتفت نحوهم الأعناق وتحدق فيهم العيون ولهم أرتال من المعجبين والمعجبات الذين يرون فيهم المثل والقدوة وأحياناً كثيرة يقلدونهم شكلاً ومضموناً. { كلمة عزيزة صديق عزيز للأسرة اتصل عليّ بالأمس محاولاً أن يعرف اسم الشاعر الذي صُدمت فيه، ورغم أنني لم أصرح باسمه لكنه للغرابة نطق اسماً واحداً وكان مصراً عليه أكثر من حرصي على ألا أذكر اسمه، لكنه قال لي شيئين مهمين، الأول هو ما كنت أقصده بالضبط وهو أننا أحياناً نضع صورة مثالية لبعض الناس من خلال كتاباتهم أو مواقفهم، وده عندما يكون الأمر مشاعاً وفي العلن، لكن ما أن تتحدث معهم رأساً لرأس إلا وتكتشف أن ما يقومون به هو مجرد «شو» لا علاقة له بشخصيتهم الإنسانية والأصلية، فتصدم «زي حالاتي» وتجيك فوبيا الاقتراب من زول مشهور أو معروف كوّنت عنه صورة في خيالك من خلال معطيات هو من أمدّك بها ! أما الأمر الثاني فقد قال لي هذا الصديق إنه مفروض تاني ما أكتب عمود، لأني -وعلى حسب رأيه - قد «تجليت» في هذه الزاوية ومستحيل أكتب أبلغ منها، فقلت له اطمئن، لأن الحزن والألم هو أحياناً - وللغرابة - ما يجمل ويبرز الإبداع.. وبلدنا دي ما في أكتر من الحزن والألم الدفين فيها، رغم أننا نتجمل ونتشبث بالضحكة، وتلقى الواحد جواه شايل بلاوي.. لذلك ممكن جداً أكتب واحدة زي زاوية «أنا مصدومة» لأنه ممكن جداً ألاقي واحد ثاني زي صاحبنا وربما أفظع! { كلمة عزيزة كل من شاهد «سهران يا نيل» الثلاثاء الماضي أشاد بالحلقة وأبدى سعادته بالنقاش فيها، لكن سعادتي أنا تمثلت أكثر في الود الخطير طه سليمان وهو يقدم هاتريك من الأغاني ولا أحلى ولا أجمل.